قالت وزارة الداخلية الإيرانية، السبت، إن البلاد ستجري جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية في الخامس من يوليو/ تموز المقبل مع عدم حصول أي مرشح على نسبة 50 بالمئة المطلوبة لحسم النتيجة.
وأضاف متحدث باسم الوزارة، في تصريحات بثها التلفزيون على الهواء، أن المرشح المعتدل مسعود بزشكيان حصل على عشرة ملايين و415991 صوتا من أصل 24 مليونا و535185 صوتا تم فرزها، بينما حصل منافسه سعيد جليلي، وهو من غلاة المحافظين، على تسعة ملايين و473298 صوتا.
وأظهر إحصاء لوزارة الداخلية الإيرانية السبت أن نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية بلغت نحو 40 بالمئة، وهو أدنى مستوى مسجل منذ ثورة 1979.
وكان الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قد دعا بعد إدلائه بصوته يوم الجمعة إلى الإقبال بقوة على التصويت.
وكانت وسائل إعلام رسمية إيرانية ذكرت أن مسلحين مجهولين هاجموا عربة تحمل صناديق انتخابية في إقليم سستان وبلوشستان، وقتلوا اثنين من أفراد الحماية الأمنية.
ويخوض بزشكيان، المرشح المعتدل الوحيد، جولة ثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية في مواجهة جليلي، العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني والموالي للزعيم الإيراني الأعلى، في الخامس من يوليو/ تموز، بعدما قالت وزارة الداخلية يوم السبت إن أيا من المرشحين لم يحصد الأصوات الكافية للفوز في الجولة الأولى من الانتخابات.
ومن غير المتوقع أن يحدث الرئيس المقبل فارقا كبيرا في سياسة إيران بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في أنحاء الشرق الأوسط، إذ إن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي هو من يمسك بخيوط الشؤون العليا للدولة ويتخذ القرارات الخاصة بها.
إلا أن الرئيس هو من يدير المهام اليومية للحكومة ويمكن أن يكون له تأثير على نهج بلاده فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.
وكانت المؤسسة الدينية تأمل أن يكون الإقبال كبيرا في ظل مواجهتها أزمة شرعية أججتها حالة من السخط العام بسبب أزمة اقتصادية وتقييد الحريات السياسية والاجتماعية. لكن الإقبال في انتخابات يوم الجمعة سجل مستوى قياسيا متدنيا عند نحو 40 بالمئة، وذلك استنادا إلى الأرقام التي أصدرتها وزارة الداخلية يوم السبت.
وتأتي الانتخابات في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة وجماعة حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى تزايد الضغوط الغربية على إيران بسبب برنامجها النووي سريع التطور.
وفي مشهد انتخابي هيمن عليه غلاة المحافظين، تفرد المرشح الرئاسي مسعود بزشكيان بكونه معتدلا يدعم حقوق النساء والمزيد من الحريات الاجتماعية والسعي لتحقيق انفراجة بحذر مع الغرب وتبني إصلاحات اقتصادية.
فقد تغلب بزشكيان بفارق طفيف على سعيد جليلي ليتصدر الجولة الأولى من الانتخابات يوم الجمعة، لكن الرجلين سيتواجهان في جولة ثانية في الخامس من يوليو/ تموز، إذ إن بزشكيان لم يحقق أغلبية 50 بالمئة زائد واحد من الأصوات اللازمة لتحقيق فوز مباشر.
ونافس بزشكيان مرشحين يعكسون بشكل أكبر الموقف شديد العداء للغرب الذي يتخذه الزعيم الأعلى آية الله على خامنئي الذي يمسك بخيوط الشؤون العليا للدولة ويتخذ القرارات الخاصة بها. وبزشكيان (69 عاما) جراح قلب ومشرع ووزير صحة سابق.
لكن بزشكيان المعتدل فاز بفارق بسيط في تصويت يوم الجمعة وسينافس في الجولة الثانية من الانتخابات لاختيار خلف إبراهيم رئيسي.
وتتوقف فرص فوز بزشكيان على استقطاب أصوات من مريدين لرئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف، وهو من غلاة المحافظين، الذي حل ثالثا في الجولة الأولى، وأيضا على تحفيز الشبان الذين خاب أملهم والمتعطشين للتغيير والمحبطين من الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد من أجل أن يصوتوا له في الجولة الثانية.
وعلى الرغم من دفاعه عن الإصلاحات، فإن بزشكيان مخلص للحكم الديني في إيران ولا يعتزم مواجهة صقور الأمن الأقوياء والحكام الدينيين.
وتتباين رؤاه مع رؤى رئيسي، الذي كان مواليا لخامنئي ويشدد تطبيق قانون يقيد ملابس النساء ويتخذ موقفا صارما في مفاوضات متوقفة تماما في الوقت الحالي مع قوى كبرى لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015.
واكتسب معسكر بزشكيان الانتخابي زخما حينما أيّده إصلاحيون، على رأسهم الرئيس السابق محمد خاتمي، وأيضا حينما عيّن وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف مستشاره للسياسة الخارجية. وجواد ظريف شخصية رئيسية في صياغة الاتفاق النووي.
وقال خامنئي يوم الثلاثاء: “أي شخص مرتبط بأمريكا لن يكون مرافقا جيدا لكم”، في إشارة ضمنية لاختيار ظريف الذي يتهمه غلاة المحافظين بخيانة إيران من أجل التوصل إلى الاتفاق.
وفي 2018، انسحب الرئيس الأمريكي حينئذ دونالد ترامب من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات على إيران، ووصف الاتفاق بأنه “اتفاق مروع من طرف واحد لم يكن ينبغي إبرامه قط”. ودفع تحركه طهران إلى أن تنتهك بالتدريج القيود النووية للاتفاق.
وإذا فاز بزشكيان، فسيكبح هذا غلاة المحافظين الإيرانيين الذين يعارضون إحياء الاتفاق.
لكن بموجب نظام الحكم الديني والجمهوري الثنائي في إيران، فإن سلطة وضع السياسات الرئيسية للدولة، بما في ذلك الشؤون النووية والخارجية، تؤول في نهاية المطاف إلى خامنئي.
ونتيجة لذلك، يشكك كثير من الناخبين في قدرة بزشكيان على الوفاء بالعهود التي قطعها خلال حملته.
وقالت شعلة موسوي قبل الجولة الأولى من الانتخابات يوم الجمعة: “سلطة بزشكيان كرئيس على الوفاء بعهود الحملة هي صفر”. وموسوي تبلغ من العمر 32 عاما وتعمل معلمة في طهران.
وأضافت: “أريد إصلاحات، لكن بزشكيان لا يمكنه تحسين الوضع. لن أصوّت”.
وتعهد بزشكيان، وهو المرشح المعتدل الوحيد بين ستة مرشحين اعتمدهم مجلس صيانة الدستور، بتعزيز السياسة الخارجية البراجماتية وتهدئة التوتر النووي مع الغرب. وانسحب مرشحان من غلاة المحافظين بعد اعتمادهما.