لا يتوقف الجدل الذي تثيره جامعة صنعاء من وقت لآخر طوال الفترة الماضية؛ الأمر الذي جعلها في موضع نقاش وسخرية وانتقاد، وكذا المقارنة بين وضعيتها الراهنة وكيف كانت قبل ذلك صرحًا تعليميًّا بارزًا ومهمًا وواجهة للتعليم الجامعي في اليمن، إضافة إلى التاريخ النضالي للحركات الطلابية التي تشكّلت في الجامعة طوال العقود الماضية.
مع وصول الأمر إلى مقارنتها بالدور الذي تلعبه مثل هذه المؤسسات والجامعات في التعليم العالي، مع دور مثيلاتها في الدول الأخرى؛ في إشارةٍ إلى الحركات الاحتجاجية الطلابية الواسعة في الجامعات الأمريكية الرافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة وما يرتكبه من انتهاكات وفظاعات بحق الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي، تبعتها حركات احتجاجية في جامعات فرنسية وبريطانية.
أحدث مستجدات إثارة الجدل
آخر مستجدات الجدل الذي تثيره جامعة صنعاء، تمثّل في إعلانها رسميًّا عن استقبال الطلاب الأمريكيين المفصولين عن جامعاتهم من جراء تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ومطالبتهم بوقف الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، حيث جاء بيان مجلس الجامعة مؤيدًا للحركة الطلابية ومتعاطفًا مع الطلاب في الولايات المتحدة الأمريكية.
تداولَ الكثيرُ من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، البيانَ الصادر عن الجامعة، واعتبروه مهزلة ومثيرًا للسخرية بعد ما تزامن مع القرار الذي أصدرته إدارة الجامعة، والذي نص على حرمان جميع الطلاب الذين لم يسدّدوا رسوم الدراسة لهذا العام من دخولهم قاعات الامتحانات.
يعتبر الكثير من الطلاب المنتسبين للجامعة أنّ البيان الصادر عنها كان خطأً فادحًا بالنظر إلى شحة الإمكانيات التي تمتلكها الجامعة مقارنة بالجامعات الأمريكية، في حين أنّ سياسة الجامعة لا تناسب الطلاب الأجانب أصلًا؛ فالجامعات الأمريكية تمتلك إمكانيات هائلة؛ من قاعات دراسية، وكادر تربوي محترف، وخدمات طلابية عالية المستوى، وأجهزة متطورة، ونظام حديث، ممّا يجعل الدراسة متاحة للجميع، بينما تفتقر جامعة صنعاء إلى أضعف مقومات التعليم، كيف لا والكثير من المنتسبين إلى الجامعة يشْكُون أبرز الخدمات البدائية اللازمة لاستمرار العملية التعليمية.
مجلس جامعة صنعاء سبق له أن وعد بمنح 10 درجات لكل طالب يحضر المسيرات الاحتجاجية التي كانت تُقيمها الجامعة كل أربعاء طوال فترة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق كشوفات الحضور والغياب، حيث وصل عددها إلى أكثر من سبع مسيرات احتجاجية.
ويؤكّد طلابٌ في الجامعة، في أحاديث متفرقة لـ"خيوط"، أنّ هناك تضييقًا متواصلًا للتعليم والطلاب، وفرض إجراءات واشتراطات تطال العملية التعليمية والقاعات الدراسية، في ظل أوضاع وظروف صعبة تمرّ بها العملية التعليمية في اليمن بشكل عام، وسط انقسام مؤثر نتيجة الصراع الدائر الذي ألقى بتبعاتٍ وأضرار واسعة في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والمعيشية والإنسانية مع انقطاع مرتبات الموظفين المدنيّين، ومن ضمنهم الكادر التدريسي لجامعة صنعاء منذ نهاية العام 2016.
قرارات صادمة منذ بداية العام
الجامعة أتبعت قرارها بفصل الطلاب، بقرار آخر يستهدف منع الأكاديميين العاملين في جامعة صنعاء من العمل في الجامعات الخاصة، في ظلّ ظروف صعبة وحرجة يمرّون بها جراء انقطاع رواتبهم والمبالغ القليلة التي يحصلون عليها من الجامعة، التي لم تفِ بوعودها في تحسين أوضاعهم.
يُذكَر كذلك أنّ مجلس جامعة صنعاء سبق له أنّ وعد بمنح 10 درجات لكل طالب يحضر المسيرات الاحتجاجية التي كانت تقيمها الجامعة كل أربعاء طوال فترة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق كشوفات الحضور والغياب، ووصل عددها إلى أكثر من سبع مسيرات احتجاجية.
المثير في الأمر؛ أنّ الكثيرَ من الطلاب لا يعلمون مصير هذه الدرجات، ويشكّكون بوعد مجلس الجامعة الذي سبق أن أعلن عنها باعتبارها تكريمًا للطلاب الحاضرين.
يقول عمران النهاري، طالب في كليه الإعلام، لـ"خيوط": "كنت أسافر في أيام الإجازة الأسبوعية إلى منطقتِي بمحافظة ذمار، حتى أوفّر ما أمكن من مصاريف تساعدني على مواصلة دراستي في جامعة صنعاء، لكن بعد إعلان منح الدرجات لجميع الطلاب امتنعت عن السفر خشية ضياع هذه الدرجات. ويعتبر عمران أنّ هذا القرار ظالم بحق الطلاب المجتهدين والمثابرين مع سهولة الحصول على هذه الدرجات في التحصيل العلمي، لافتًا إلى أنّها تُفقِد روح التنافس بين الطلاب.
ما لم تدفع الرسوم فلن تختبر
في السياق، يفيد الكثير من الطلاب الذين لم يستطيعوا سداد جميع الرسوم الدراسية، تعرضهم لتهديدات متواصلة بمنعهم من الدخول إلى مراكز الامتحانات في حال عدم السداد، إذ يشكو الطالب محمد السامعي، الذي تحدث لـ"خيوط"، من تعامل حراس المراكز الامتحانية، وتعمّد تأخيرهم عن الدخول إلى القاعات لتأدية اختباراتهم؛ وذلك بحجة عدم تسديدهم الأقساط المتبقية عليهم.
يضيف السامعي: "كل يوم ننتظر نصف ساعة لكي يسمحوا لنا بالدخول إلى قاعات الامتحانات بعد أن نعِدهم بالسداد. بعضنا يفي بالوعد، بينما لا يستطيع آخرون أن يفوا بوعدهم بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة".
انتشر قرار الجامعة في هذا الخصوص بشكل واسع، بالتزامن مع بيانها حول استقبال الطلاب من الجامعات الأمريكية، حيث تداولته كثير من الصفحات والحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، مع انتقادات وسخرية من قرارات وإجراءات الجامعة المثيرة للجدل.