قالت "واشنطن بوست" إن الولايات المتحدة تجمع الأجزاء الأخيرة المحتملة لخطتها الهادفة لإنهاء الحرب في غزة.
وكشف المعلق في الصحيفة ديفيد إغناطيوس عن ملامح الخطة الأمريكية، قائلا إن كل عناصرها موجودة على الورق.
وتساءل: “كيف ستنتهي هذه الحرب؟ منذ البداية وهذا هو السؤال المؤلم بالنسبة للنزاع في غزة. وبعد سبعة أشهر مرعبة، لا تزال الإجابة عليه بعيدة. لكن هناك ملامح تتشكل لنهايته”.
وأضاف أن جولة مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، ونائبه لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغيرك، مؤخرا إلى إسرائيل والسعودية، جعلت معالم النهاية المحتملة للحرب أكثر وضوحا.
وقال إن الولايات المتحدة لم ترسم خريطة طريق لإنهاء الحرب، بل لديها مجموعة من "علامات على الطريق وحدود السرعة"، وكلها لا تشير إلى نهاية العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة والبدء بمرحلة “اليوم التالي” الغامضة، مشيرا إلى العقبة الجديدة في طريق الحل، والمتمثلة في قرار مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرات اعتقال لاثنين من القادة الإسرائيليين وثلاثة من حماس، بشكل ساوى أخلاقيا بين الطرفين، وهو ما دعا الرئيس جو بايدن لوصف الخطوة بالشائنة. ونقل الكاتب عن مصدر إسرائيلي أن محكمة الجنايات الدولية “غيرت كل شيء والطريقة التي سنفكر بها”.
ويقول إغناطيوس إن أسهل طريقة لوصف كيفية تخفيف وتيرة الحرب هي شرح التفاهمات الأولية بين الأطراف والتي بحثت من خلف الأبواب ولم يتم التعبير عنها علناً.
وبهذا الشأن أورد عددا من النقاط.
الأولى: تم احتواء الحرب على ما يبدو، فلم تتوسع إلى المنطقة، مثلما خشي البعض بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وهذا راجع للمحادثات الهادئة بين الولايات المتحدة وإيران، بما فيها لقاء عقده ماكغيرك الأسبوع الماضي في عمان مع وزير الخارجية الإيراني الجديد، علي باقري كني، الذي مات سلفه في تحطم مروحية يوم الأحد، مع الرئيس إبراهيم رئيسي.
وقدمت الولايات المتحدة خلال هذه اللقاءات تحذيرات بشأن الطريقة التي سترد بها على أي تصعيد إيراني. وتم تعزيز هذه التحذيرات من خلال الرد الأمريكي على هجمات نفذتها جماعات موالية لإيران في العراق وسوريا، وقرارها وقف العمليات ضد القوات الأمريكية في هذين البلدين. ويواصل الحوثيون، الذين تدعمهم إيران، هجماتهم شبه اليومية على السفن، لكنهم يواجهون ردودا من القوات الأمريكية في البحر الأحمر. وأنتجت القناة مع إيران، بعض القيود على البرنامج النووي الإيراني، والتي تحررت منها طهران بعدما قرر دونالد ترامب الخروج من المعاهدة النووية الموقعة عام 2015. ووافقت إيران في مناقشات خاصة على تعليق عمليات تخصيب اليورانيوم عند مستوى 60%، وتحديد ترسانتها من الوقود المخصب عند هذا المستوى.
وقلصت إيران من تركيب أجهزة طرد مركزي ووافقت على مواصلة التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال إن إحدى علامات الحوار الإيراني- الأمريكي ظهرت في تحطم مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي يوم الإحد، إذ نقل الكاتب عن "مسؤول مطلع" أن إيران طلبت من الولايات المتحدة المساعدة في تحديد موقع المروحية المتحطمة وإرسال خريطة تظهر موقعها المحتمل.
ويرى المسؤولون الأمريكيون أن وفاة رئيسي لن تترك أثرا على التحركات الإيرانية، داخليا وخارجيا، لاعتقادهم أنه لم يكن المرشح لخلافة المرشد الروحي العجوز للجمهورية الإسلامية. ويعتقدون أن خليفة آية الله علي خامنئي سيكون نجله مجتبى، الشخصية المقبولة لدى الحرس الثوري الإيراني.
ثانيا: توصل قادة إسرائيل لإجماع بشأن الهجوم النهائي على الكتائب الأربع المتبقية لحماس في رفح. وبدلا من الهجمات الكثيقة بفرقتين عسكريتين اللتين فكرت إسرائيل وعلى مدى أسابيع في إرسالهما، حيث سيكون الهجوم محدودا ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه سيؤدي إلى خسائر قليلة بين المدنيين ولهذا السبب لن يعارضه بايدن. وغادر حوالى 800 ألف من حوالى 1.5 مليون لجؤوا إلى رفح، المدينة، حسب المسؤولين الأمريكيين.
ثالثا: مع أن حماس ستظل باقية في غزة إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أنهم دمروا نسبة 75% من قدراتها وستؤدي العملية في رفح إلى تدمير ما تبقى لديها من قدرات. ويقول الكاتب إن حماس قررت على ما يبدو عدم القتال وذابت بين السكان وبدأت حرب عصابات. وسيظل هذا صداعا لإسرائيل التي تخطط لمواصلة الغارات المنتظمة في غزة، كما تفعل الآن في الضفة الغربية. وبالتأكيد فقد تكون الأخيرة نموذجا للتقدم أماما في غزة.
رابعا: وافق القادة العسكريون الإسرائيليون على استراتيجية “اليوم التالي” والتي ستضم قوات أمن فلسطينية يتم اختيارها من عناصر الأمن الفلسطيني في غزة، والتي تتلقى رواتب من السلطة الوطنية. وسيشرف على القوة مجلس من أعيان غزة بدعم من الدول العربية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة والأردن والسعودية. ويتقبل بعض المسؤولين الإسرائيليين وليس رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فكرة علاقة من نوع ما بين هذه القوة والسلطة الوطنية في رام الله. وهناك مشكلة مهمة وهي أن مفاوضي حماس أخبروا مصر بإمكانية قبولهم الكيان الحاكم في غزة كجزء من “ترتيبات انتقالية” وظهرت في مسودات اتفاقية وقف إطلاق النار التي أشرفت عليه الولايات المتحدة، وذلك حسب مسؤول مطلع.
خامسا: وافقت السعودية على المسودة “النهائية تقريبا” لاتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة، والتي تتضمن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وفي ملخص لمحادثات سوليفان مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يوم الأحد، جاء فيه أن المملكة تتوقع، كجزء من الاتفاق، “طريقا موثوقا” نحو حل الدولتين للمسألة الفلسطينية، في تخفيف للهجة السعودية السابقة.
وسيكون الدور السعودي مهماً لأي حل نهائي لحرب غزة. وستكون بداية نهاية الحرب هي اتفاقية وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى. وحدث تقدم هنا، حيث يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن المحادثات ستستأنف هذا الأسبوع، حتى مع تخطيط إسرائيل للهجوم على رفح.
ويقول إغناطيوس إن عناصر الاتفاق التي قد تنهي الحرب موجودة على الورق. ولأن حكومة نتنياهو المتطرفة مترددة في الموافقة على كل تفصيل، فإن الحل النهائي قد يكون بيد حكومة إسرائيلية في المستقبل. وكما نرى من بعيد، فالملامح للخروج من المنحدر واضحة.