تقرير: رُغم المخاطر.. أعضاء الكونغرس الأمريكي يمضون قدما في تمديد الحرب في اليمن
يمن فيوتشر - Foreign Policy In Focus- ترجمة: ناهد عبدالعليم الخميس, 07 مارس, 2024 - 12:51 صباحاً
تقرير: رُغم المخاطر.. أعضاء الكونغرس  الأمريكي يمضون قدما في تمديد الحرب في اليمن

 مع مواجهة إدارة بايدن لموعدٍ نهائي قانوني يُلزمها بإنهاء أعمال الحرب في اليمن في الـ12 من مارس/ آذار، يقوم المسؤولون في الكونغرس بالتحضير لمنح الإدارة الترخيص القانوني لمواصلة الحرب في المستقبل القريب.
وفي جلسة استماع في مجلس الشيوخ في 27 فبراير/ شباط، أشار أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى أنهم يعملون على مشروع قانون لتفويض استخدام القوة العسكرية، والذي سيمنح إدارة بايدن السلطة القانونية لمواصلة الغارات الجوية ضد الحوثيين، وهم جماعة متمردة في اليمن تُهاجم السفن التجارية في البحر الأحمر منذ بداية الهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة.
وأوضح السيناتور كريستوفر ميرفي (الديمقراطي - كونيتيكت) قائلاً: "الدستور يتطلب من الكونغرس أن يأذن بأعمال الحرب"، واستشهد بتفضيله لـ"تفويضٍ محدد ولمدة محدودة من الكونغرس"، وقال: "سأناقش هذا الموضوع مع زملائي في الأيام القادمة لتقديم تفويض من هذا النوع".
فمنذ الحادي عشر من يناير/ كانون الثاني، تقوم إدارة بايدن بتوجيه ضرباتٍ جوية وعملياتٍ عسكرية أخرى ضد الحوثيين. وفي عدة جولات من الضربات الجوية، قامت طائرات حربية أمريكية وبريطانية بالهجوم على مواقع وبنية تحتية تحت سيطرة الحوثيين، بما في ذلك الرادارات وأنظمة الدفاع الجوي ومرافق تخزين الأسلحة.
وقد قدمت إدارة بايدن إخطارا للكونغرس ببعض أعمالها، ولكنها لم تطلب تفويضا عسكريا. وزعم مسؤولو الإدارة أن الرئيس لديه السلطة لتوجيه العمليات العسكرية بحُجة أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تُشكّل تهديدا للولايات المتحدة وشركائها.
كما صرح المسؤول في وزارة الدفاع دانيال شابيرو، أمام لجنة الشيوخ قائلاً: "إنه يُعتبر من ضمن سلطة الرئيس الكاملة كونه قائدا للقوات المسلحة".
ويختلف العديد من أعضاء الكونغرس في هذا الصدد. فقد اعترض البعض على ما إذا كانت هجمات الحوثيين على السفن التجارية تُشكّل تهديدا قريبا للولايات المتحدة، في حين أصر الكثيرون على أن إدارة بايدن تحتاج إلى تفويضٍ من الكونغرس.
وصرح السيناتور تيم كين (ديمقراطي - فرجينيا) قائلاً: "أعتقد أننا جميعا اعترفنا بأنه لا يوجد تفويض من الكونغرس لهذه الأعمال العدائية"، مُشيراً إلى أن من "المضحك" أن تشن إدارة بايدن هجماتٍ نيابة عن الدول الشريكة باسم الدفاع عن النفس.
والآن بعد أن بدأت إدارة بايدن عملياتٍ عدائية ضد الحوثيين، فإنها مُلزمة باتباعِ قرار سلطة الحرب، الذي يحد من استخدام القوة لمدة 60 يوما. ومع اقتراب الموعد النهائي في 12 مارس/ آذار، فإن خيارات الإدارة لمواصلة عملياتها العسكرية بشكلٍ قانوني هي: أن يمنحها الكونغرس تفويضا، أو أن يستغل الرئيس خيارا في القرار لمواصلة الأعمال العدائية لمدة 30 يوما إضافية.
ومع تحرك أعضاء الكونغرس لمنح الإدارة الترخيص القانوني، يشك بعض الأشخاص في المنطق وراء شنِّ حربٍ على الحوثيين، حيث يحذرون من أن الضربات العسكرية الأمريكية المستمرة ضد الحوثيين قد لا تكون كافية لردع الهجمات المستقبلية وقد تتسبب بإشعال حرب أوسع في الشرق الأوسط.
"و قال الرئيس بايدن نفسه إن الإجراءات التي نقوم بها غير مرجحة لردع تصعيد الحوثيين". ولفت السيناتور كين إلى تصريحات الرئيس التي أكد فيها أن الضربات الجوية ليست فعالة.
وحتى أعضاء مجلس الشيوخ الذين يسعون لمنح الإدارة الترخيص القانوني، أعربوا عن شكوكهم. وكما لاحظ السيناتور ميرفي، فإن التدخل العسكري لإدارة بايدن يأتي بعد سنوات من الجهود الفاشلة لتحالفٍ عسكري بقيادة السعودية وبدعمٍ من الولايات المتحدة لمهاجمة الحوثيين بواسطة الضربات الجوية.
فمنذ عام 2015 حتى عام 2022، شن التحالف العسكري بقيادة السعودية حوالى 23.000 ضربة جوية ضد الحوثيين. عندما بدأت القوات الأمريكية والبريطانية ضرباتها في يناير/ كانون الثاني، استهدفت مواقع تعرضت لهجمات التحالف العسكري بالفعل مئات المرات.
مستشهدا بهذه الأرقام، أعرب السيناتور ميرفي عن شكوكه حول كيفية "تحقيق نتائج مختلفة" من خلال حملتهم من الضربات الجوية.
وهناك عاملٌ آخر يُثير الشكوك في واشنطن، هو نقص المعلومات العسكرية الأمريكية عن الحوثيين. وكما أقر المسؤولون الأمريكيون، فإنهم يعرفون القليل جدا عن قدرات الحوثيين العسكرية، حيث لم تكُن وكالات المخابرات الغربية توليها اهتماما كبيرا في السنوات الأخيرة.
وصرح المسؤول في البنتاغون شابيرو للجنة الشيوخ قائلاً: "نحن نمتلك فكرة جيدة عما بحثنا عنه"، مشيرا إلى "ما تمكنا من القضاء عليه وما قاموا باستخدامه". ومع ذلك، "لا نعرف تماما الباقي"، في إشارة إلى الأصول والقدرات العسكرية المتبقية للحوثيين.
وقد لاحظ العديد من المسؤولين الأمريكيين أيضا أن الحرب الأمريكية في اليمن تُشكّل خطرا كبيرا على شعب اليمن، ومن خلال الدخول في حرب ضد الحوثيين، قد تُعيد الولايات المتحدة إشعال حربٍ أسفر عنها بالفعل مقتل أكثر من 377.000 شخص، وتمنع هدنة غير رسمية بين الحوثيين والتحالف العسكري بقيادة السعودية، التي استمرت منذ أبريل/ نيسان 2022، العودة إلى صراع أكثر دموية بكثير.
 وقال مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، أمام لجنة الشيوخ: "ليس هناك شك في أن التصعيد الواسع أو استمرار الوضع الراهن يضعف جهود السلام، فكلاهما سيؤثر على مصالحنا في المنطقة التي تدعم جهود تحقيق السلام في اليمن بشكل قوي".
ومع ذلك، فإن العامل الأكثر إثارة للخلاف في واشنطن يتعلق بالصلة بين هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة. وكما يدرك المسؤولون الأمريكيون تماما، يشن الحوثيون هجمات على السفن التجارية كوسيلة للضغط على المجتمع الدولي لإنهاء حصار إسرائيل لغزة.
ورغم أن إدارة بايدن قللت من الارتباط بين الأحداث، إلا أن بعض أقرب أنصارها في الكونغرس رفضوا موقفها، وذلك من خلال الإشارة إلى أن الحوثيين أظهروا نواياهم من خلال أقوالهم وأفعالهم، حيث قال السيناتور كين: "توقيت ذلك كان مرتبطا بغزة. هم يقولون إنه مرتبط بغزة، والفترة الوحيدة التي شهدنا فيها تخفيضا لهجمات الحوثيين كانت خلال إطلاق سراح الرهائن الأول". يشير ذلك إلى تقليص الهجمات الحوثية خلال وقفة إنسانية مؤقتة في نوڤمبر/ تشرين الثاني.
متّبعًا الموقف ذاته، دعا السيناتور كريس فان هولين (ديمقراطي - ماريلاند)، إدارة بايدن إلى "الاعتراف بأن تصرّف الحوثيين كان ردا على الحرب في غزة".
ومع ذلك، لم يقُم المشرّعون الأمريكيون بأي إجراءٍ يؤدي إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار في غزة.، وكل ما قاموا به هو الاعتراف بأن وقف إطلاق النار سيُضعف موقف الحوثيين، ويضع حدا للهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة، ويجعل من الممكن أن تؤدي المفاوضات إلى إطلاق سراح الرهائن.
وفي الواقع، لم يدعُ أي من السيناتورات لوقفٍ دائم لإطلاق النار، رغم إمكانية أن يكون أساسا لتهدئة الوضع في المنطقة بأكملها.
وصاح محتجٌ قبل أن يتم إخراجه بالقوة من الجلسة، قائلاً: "ما تحتاجون إليه هو دعوة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة".


التعليقات