امتدت الحرب بين إسرائيل وحماس بالفعل إلى الشرق الأوسط الكبير، وباتت المواجهة بين القوى الإقليمية والعالمية أكثر احتمالا من أي وقت مضى، وفق تحليل من شبكة"سي إن إن" الأميركية.
وفي جميع أنحاء المنطقة، اقتصر القتال إلى حد كبير على الهجمات المتبادلة بين الميليشيات المدعومة من إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائها من جهة أخرى. لكن التدخل المباشر لكل من إيران والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة زاد من المخاوف من أن يتحول الصراع بالوكالة بين البلدين إلى صراع مباشر.
وحتى الآن، تجنبت الولايات المتحدة وإيران مواجهة بعضهما البعض مباشرة، إذ هاجمت الولايات المتحدة الجماعات المدعومة من إيران في اليمن وسوريا والعراق، بينما استهدفت الجماعات المرتبطة بإيران الأميركيين في العراق وسوريا. وضربت طهران أيضا ما قالت إنها جماعات معادية لها في العراق وسوريا وباكستان، وردت الأخيرة بضربات انتقامية.
وأمضت إيران، التي عارضت منذ فترة طويلة وجود القوات الأميركية فيما تعتبره فناءها الخلفي، العقود القليلة الماضية في بناء شبكة من الميليشيات المعادية للغرب ولإسرائيل، إذ تقوم بتدريبها وتمويلها وتسليحها.
وأصبحت هذه الجماعات أكثر عدوانية في الآونة الأخيرة، وخاصة المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين عطلوا ممرا مائيا دوليا حيويا، وعاثوا فسادا في التجارة العالمية ودفعوا الدول الغربية إلى التدخل، كما أقامت إيران علاقات مع حماس وساعدت في تمويلها.
وتجد الولايات المتحدة، التي كانت تحاول الابتعاد عن الشرق الأوسط لسنوات، نفسها تنجر مرة أخرى إلى المنطقة.
ومنذ بدء الحرب، عززت واشنطن بشكل كبير موقفها العسكري في المنطقة، بعد أن نقلت ما يقرب من 1200 من أفراد الخدمة الأميركية، إلى جانب آلاف آخرين على متن مجموعات حاملة الطائرات التابعة للبحرية ووحدة مشاة البحرية التي يبلغ قوامها حوالي 2000 شخص.
وفي بعض الأماكن، بما في ذلك العراق وسوريا، يتداخل الوجود العسكري الأميركي مع وجود إيران وحلفائها، واستعرض تحليل "سي إن إن" أبرز الأرقام التي تعكس ذلك في المنطقة:
لبنان
يعد "موطنا لأقوى قوة شبه عسكرية في الشرق الأوسط: حزب الله المدعوم من إيران، أحد أكثر الوكلاء الإقليميين فعالية لطهران"، وفق تعبير الشبكة الأميركية.
وللحزب قاعدته الرئيسية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية ويتبادل إطلاق النار مع إسرائيل منذ بدء حرب غزة.
وفي حين أن الحجم الدقيق لترسانة الحزب غير معروف، فقد قدر خبراء أن لديه ما بين 150 ألف و200 ألف صاروخ، فضلا عن قذائف الهاون.
والمئات من هذه الصواريخ "ذات دقة عالية ومدمرة للغاية"، وفقا لمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وفق الشبكة.
ويزعم زعيم حزب الله، حسن نصر الله، أن الجماعة لديها 100 ألف مقاتل، بما في ذلك المسلحين النشطين والاحتياط. ويعتقد أن إيران هي المورّد الرئيسي للأسلحة لحزب الله.
العراق
تتمتع طهران بنفوذ كبير على العديد من الميليشيات الشيعية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالحرس الثوري الإيراني. وتشمل كتائب حزب الله وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء.
ويقول الخبراء إن بعض الجماعات، مثل كتائب حزب الله، مسؤولة أمام السلطات في طهران أكثر من الحكومة في بغداد. ويعتقد مكتب مدير الاستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة أن لديها ما يصل إلى 10 آلاف عضو.
والعراق هو أيضا موطن لمنظمة بدر التي أسسها الحرس الثوري الإيراني وكذلك عصائب أهل الحق.
ونفذت الجماعات المدعومة من إيران عشرات الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق منذ بدء حرب غزة، والتي ردت عليها الولايات المتحدة بغارات جوية.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أصيب أميركيون في هجوم بصاروخ باليستي على قاعدة الأسد الجوية في العراق. ويبدو أن هذه هي المرة الثانية التي تستخدم فيها صواريخ باليستية لاستهداف القوات الأميركية وقوات التحالف في البلاد منذ 7 أكتوبر.
سوريا
ولإيران وجود مباشر في سوريا، حيث ينتشر فيلق القدس، وهو وحدة نخبة تابعة للحرس الثوري الإيراني تتولى العمليات في الخارج، بعد انتفاضة عام 2011 لدعم نظام بشار الأسد. وعمل أفرادها كمستشارين عسكريين وقاتلوا على الخطوط الأمامية للأسد، إلى جانب الميليشيات المدعومة من إيران.
وتستضيف سوريا أيضا كتائب زينبيون والفاطميون، وهي ميليشيات شيعية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني يُعتقَد أنها تجند مقاتلين أفغان وباكستانيين.
ولدى الولايات المتحدة 800 جندي في سوريا كجزء من مهمة مستمرة لهزيمة داعش. وتتمركز معظم القوات الأميركية في ما يسميه المسؤولون العسكريون "المنطقة الأمنية لشرق سوريا"، حيث تدعم الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية المناهضة للنظام في شمال شرق البلاد.
وتعرضت القوات الأميركية في سوريا بشكل متزايد لهجوم من قبل الجماعات المدعومة من إيران في الأسابيع الأخيرة، والتي ردت عليها الولايات المتحدة بضربات جوية.
اليمن
وفي قلب الصراع بالوكالة اليوم بين إيران والولايات المتحدة يوجد المتمردون الحوثيون في اليمن، الذين يصعدون ضرباتهم على السفن في البحر الأحمر ، قائلين إنها انتقام من إسرائيل بسبب حربها في غزة.
وتسيطر الجماعة حاليا على شمال اليمن، وشاركت في ما يقرب من ثماني سنوات من القتال ضد التحالف المدعوم من الولايات المتحدة والذي تقوده السعودية قبل توقف القتال العام الماضي.
وأسلحة الحوثيين محلية الصنع إلى حد كبير مع تهريب مكوناتها من الإيرانية إلى اليمن.
ويضع الجيش الأميركي سفنا حربية في البحر الأحمر، قبالة سواحل اليمن، ينطلق منها لضرب أهداف للحوثيين. وفي ديسمبر، جمعت الولايات المتحدة تحالفا يضم أكثر من 20 دولة لحماية حركة المرور التجارية ضد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، كما أعادت واشنطن وضع الجماعة على قائمة المنظمات الإرهابية لتهديدها أمن الملاحة البحرية.
قطاع غزة وإسرائيل
وقطاع غزة المحاصر موطن لحركة حماس التي تعتقد إسرائيل أنه كان لديها نحو 30 ألف مقاتل قبل الحرب.
وتأسست حماس، في عام 1987، وفي 7 أكتوبر شنت هجوما على إسرائيل أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 253 آخرين كرهائن، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وقد أقامت إيران علاقات أوثق مع الجماعة في السنوات الأخيرة. وعلى عكس جميع حلفاء طهران الآخرين في المنطقة، فإن حماس هي منظمة إسلامية سنية، وليست شيعية.
لا يوجد دليل على أن إيران كانت على علم مسبق بهجمات 7 أكتوبر ولا يعتقد أن إيران لها تأثير كبير على حماس مثل حلفائها الآخرين في المنطقة. لكن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران قدمت تاريخيا ما يصل إلى 100 مليون دولار سنويا في شكل دعم مشترك للجماعات الفلسطينية المسلحة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وهي جماعة مسلحة أخرى مقرها غزة، وفق الشبكة.
دول الخليج وتركيا
وفي حين أن الحرب بين إسرائيل وحماس لم تمتد بعد إلى دول الخليج، إلا أن بعض هذه الدول تشعر بالضعف لأنها كانت مستهدفة من قبل الجماعات المرتبطة بإيران من قبل.
وتعرضت السعودية والإمارات لهجوم من قبل الحوثيين في عامي 2019 و2022 على التوالي.
كما أن دول الخليج المتحالفة مع الولايات المتحدة هي موطن لبعض أكبر عمليات نشر القوات الأميركية في العالم.
ولدى الولايات المتحدة نحو 13500 جندي أميركي في الكويت، وهو أكبر وجود عسكري أميركي في المنطقة. وفقط ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية تستضيف قوات أميركية أكثر من الكويت.
ويقع ثاني أكبر وجود عسكري للولايات المتحدة في المنطقة بقطر، التي تستضيف حوالي 10000 جندي أميركي في قاعدة العديد الجوية، وأكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط والتي تضم أيضا المقر الأمامي للقيادة المركزية الأميركية ومركز العمليات الجوية المشتركة.
وتوصلت الولايات المتحدة هذا الشهر إلى اتفاق يمدد وجودها العسكري لمدة 10 سنوات أخرى في القاعدة.
وتحتفظ قطر بعلاقات مع حماس، حيث استضافت مكتبها السياسي في العاصمة الدوحة منذ عام 2012.
ويتمركز أكثر من 2,700 جندي أميركي في قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية، بينما تستضيف الإمارات 3,500 عسكري أميركي في قاعدة الظفرة الجوية، التي تضم مركز الخليج للحرب الجوية.
وتشمل المراكز الأخرى للوجود العسكري الأميركي البحرين، التي تستضيف القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية وهي موطن الأسطول الخامس للبحرية، والأردن، الذي يستضيف حوالي 3000 جندي أميركي، في حين تستضيف تركيا 1465 عسكريا في قاعدة إنجرليك الجوية.