تقرير: الهجوم الأمريكي البريطاني يهدد بإغلاق البحر الأحمر ورفع تأمين الشحن إلى اليمن 100%
يمن فيوتشر - يمن فيوتشر: الخميس, 18 يناير, 2024 - 07:01 مساءً
تقرير: الهجوم الأمريكي البريطاني يهدد بإغلاق البحر الأحمر ورفع تأمين الشحن إلى اليمن 100%

نظم مركز صنعاء للدراسات، أمس الأربعاء، ندوة افتراضية لمناقشة التداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية للضربات الأمريكية البريطانية التي شُنت مؤخرا على مواقع لجماعة الحوثيين في اليمن ردا على الهجمات التي تشنها الجماعة على سفن في البحر الأحمر.
وعُقدت الندوة عبر تقنية الفيديو كونفرنس في الوقت الذي أدى تصاعد هجمات الحوثيين على السفن في منطقة البحر الأحمر والردود العسكرية الأميركية والبريطانية عليها إلى تفاقم التحديات التي تواجه صناعة الشحن، وسط مخاوف من إغلاق مضيق باب المندب.
وتحدث في الندوة عبدالغني الإرياني، باحث أول في مركز صنعاء للدراسات، وتيمور خان، رئيس العمليات الإقليمية لمنطقة الخليج في مركز (كار) المعني بدراسة ظاهرة التسلح في النزاعات، والسفير أندبرهان ولد جيورجيس، الدبلوماسي الإريتري والخبير المستقل في شؤون الحوكمة والديمقراطية وحل النزاعات والدبلوماسية الوقائية، ومصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.
ضغوط أمريكية وأوروبية
وقال عبدالغني الإرياني، الباحث في مركز صنعاء للدراسات، إن جماعة الحوثيين لم تكن سببا رئيسيا في إيقاف حركة السفن في البحر الأحمر، بل كانت الضغوط الأمريكية والأوروبية التي مورست على شركات الشحن، حتى لا تكون إسرائيل محاصرة وحدها.
وأوضح أن حافز الحوثيين في تهديد الملاحة هو التزامهم الأيديولوجي، فمنذ 20 سنة يهتفون بالموت لأمريكا ولإسرائيل، والآن حانت اللحظة التي يجب أن ينفذوا ما يؤمنون به، كما أنهم يدركون أن الشارع اليمني يتحمس جدا للقضية الفلسطينية.
من جهته، قال السفير أندبرهان ولد جيورجيس إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وإعلان تحالف حارس الازدهار أديا إلى تصعيد في المنطقة قد يؤدي إلى إغلاق مضيق باب المندب وإعاقة الشحن والملاحة التجارية، وهذا سيرفع من كلفة التأمين وتحويل الممرات الملاحية إلى رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي سيؤخر من الشحن البحري ويرفع الأسعار.
وأشار إلى أن القرصنة في البحر الأحمر ليست تطورا جديدا، إذ بدأت كردة فعل من القراصنة الصوماليين عقب انهيار السلطات المركزية وانقسام الدولة في بلادهم، وانتشار الصيد غير المشروع، ورمي النفايات السامة في المياه الصومالية، وأيضا الحوافز الاقتصادية من الفديات التي كانت تُدفع مقابل الإفراج عن البحارة المختطفين.
وقال إن الدول المشاطئة على البحر الأحمر مثل السودان وإريتريا وجيبوتي وأثيوبيا التي تعتمد على موانئ جيبوتي تواجه أزمات داخلية، وإغلاق مضيق باب المندب سيكون له تأثيرات حقيقية وجادة عليها حيث تستورد تلك الدول الكثير من احتياجاتها للتصنيع والغذاء والطاقة.
ولفت إلى أن أحد تداعيات الأزمة هو ما يجري من اتفاق وتفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال أدى إلى توتر بين أثيوبيا والصومال وهذا قد يؤدي إلى نوع من التنسيق بين الحكومة الصومالية وحركة الشباب، وتصنيف الأخيرة كجماعة إرهابية قد ينتهي.
ارتفاع كلفة التأمين البحري 100%
ويرى مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إن الأزمة الراهنة تتجه نحو الإغلاق شبه الكامل لحركة التجارة في البحر الأحمر، سواء من خلال تحذيرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لشركات الشحن أو المخاوف التي تثيرها هجمات الحوثيين المتكررة.
وأضاف أن الأزمة في البحر الأحمر انعكست في ارتفاع كلفة الشحن والتأمين على السفن المتجهة إلى الموانئ اليمنية، وارتفع سعر تكلفة شحن حاوية بِسعة 40 قدما إلى ميناء الحديدة من خمسة آلاف دولار إلى عشرة آلاف، كذلك الأمر بالنسبة لميناء عدن إذ زادت كلفة الشحن نحو 100% والمتوقع أنها قد تصل إلى 150% وهذا سينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع.
ويستطرد بالقول: "تراجعت عمليات الاصطياد البحري التقليدي الذي يعتمد عليه من مليون إلى مليون نصف يمني، وأصبح هناك حذر شديد من الدخول إلى البحر للصيد".
ويستبعد نصر إغلاق ميناء الحديدة إلا في حال تصاعدت حدة الصراع، وقال "في حين أن جماعة الحوثيين تستخدم ثلثي سكان اليمن تقريبا كرهائن فهي تملك ورقة ضغط قوية على المنظمات الدولية حتى لا يتوقف الميناء، كما أن وكالات الأمم المتحدة حريصة على استمرار سلاسل التوريد إلى الميناء".
ويرى الخبير الاقتصادي أنه لا يمكن ممارسة ضغوط على جماعة الحوثيين من الناحية الاقتصادية، إذ لا يهمها كثيرا مسألة توقف عملية الشحن عبر ميناء الحديدة لأنها تعتقد أنها قادرة على لي ذراع المجتمع الدولي بالعملية الإنسانية.
دوافع هجمات الحوثيين
ويقول الباحث في مركز صنعاء عبدالغني الإرياني إنه في حين ارتُكبت عملية الإبادة الجماعية في غزة كانت إيران بحاجة إلى أن تقرر هل تدفع بحزب الله أو جماعة الحوثيين، ولأن حزب الله يعد خط الدفاع الأول عن طهران؛ فلا يمكن التضحية به من أجل غزة، ولأسباب عدة فإن إيران يمكنها الاستغناء عن حلفائها الحوثيين.
وأوضح أن تدخل الحوثيين في البحر الأحمر أنقذهم من أنفسهم لأنهم تفاوضوا بقوة مع السعودية التي قدمت لهم تنازلات هائلة على حساب الأطراف اليمنية الأخرى، وكان ذلك يعني اختلالا في التوازن بين الجماعة والمعسكر المناهض لها، بحيث أن الجماعة كانت عاجزة عن تقديم التنازلات لمناهضيها بما يؤدي إلى اتفاق سلام متوازن وقابل للاستمرار.
ولذلك كانت المفاوضات بينهما ستؤدي إلى تفكك الدولة اليمنية بين الحوثيين والمناهضين لهم وهذه ليست مقومات الدولة التي يبحث عنها الحوثيون، كما يرى الإرياني.
وقال إن "الولايات المتحدة والسعودية كانتا قد قبلتا بأن يكون الحوثيون القوة المسيطرة في اليمن، ولا أدري كيف قدّروا أن اليمن قد تبقى دولة موحدة تحت سيطرة الجماعة، فغالبية المناطق التي لا يسيطر الحوثيون عليها لا يمكن أن تقبل بهم، كما أن السعوديين لن يحصلوا على الأمن والاستقرار الذي يريدونه من الخوض في مفاوضات مع الحوثيين".
وقدم الإرياني تعريفا لفهم جماعة الحوثيين، وقال "إذا أردنا أن نفهم كيف تتصرف جماعة الحوثيين من منطلق التمكين والاصطفاء وأن لها الحق في الحكم وعلى البقية أن يكونوا مُمكنين لها، فلا بد أن نتذكر ما قاله الرئيس السابق للمجلس السياسي الأعلى للجماعة صالح الصماد حين التقى بقيادات من حزب المؤتمر عقب سيطرتهم على العاصمة صنعاء عام 2014، إذ قال لهم: أريدكم أن تعرفوا من أين ننطلق، نحن نؤمن أن الله ما خلقنا إلا تمكيناً لأهل البيت".
تسليح الحوثيين المتطور
وحول تسليح جماعة الحوثيين يقول تيمور خان، رئيس العمليات الإقليمية لمنطقة الخليج في مركز (كار) المعني بدراسة ظاهرة التسلح في النزاعات، إن الحوثيين يملكون أسلحة موجهة كصواريخ كروز والطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي، وهذه الأنظمة تتطور وتصبح أكثر قدرة ودقة.
يضيف أنه في حين أن جزءا كبيرا منها كان من إيران، فإن بعض الأسلحة والصواريخ القديمة كانت من تركة الجيش اليمني.
وأوضح أن الأسلحة تُهرّب من إيران للحوثيين في مراكب شراعية لقراصنة صوماليين، وهناك أيضا شبكة برية لتهريب الأسلحة الصغيرة مثل البنادق ومواد صناعة العبوات الناسفة والمكونات الرئيسية في الطائرات المسيّرة. ويستطيع الحوثيون أن يصنّعوا بعض الأسلحة مثل هياكل الطائرات المسيّرة لكن بعض الأجهزة التي تتعلق بالملاحة وغير ذلك تأتي من الخارج.
ووفق خان فإن عمليات مكافحة التهريب حدت نوعا ما من وصول الأسلحة للحوثيين، لكن ذلك لم يوقفهم من بناء ترسانتهم المسلحة.
القصف الأمريكي البريطاني
ويقول خان إن القدرات الاستخباراتية لدى الولايات المتحدة في قصف أهداف الحوثيين أكبر وأكثر فعالية من قدرات التحالف الذي قادته السعودية، لكن الضربات لن يكون لها تأثير استراتيجي في تغيير المعادلة.
ويضيف أن مستشارين عسكريين من المنطقة كانوا يقدمون الدعم للحوثيين، غير أن الحوثيين لا يعتمدون عليهم بشكل كامل.
كما يقول الدبلوماسي جيورجيس إن الضربات الأمريكية ضد الحوثيين ليست فعالة حتى الآن، حيث لم تردع الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية، بل إنها تؤدي إلى الإضرار بالبنية التحتية وخسائر لليمنيين، بينما اعتاد الحوثيون على هذا الوضع وصار لديهم قدرة على الصمود.
تصنيف الحوثيين في قائمة الإرهاب
ويقول الإرياني إن التصنيف المرتقب للحوثيين بإدراجهم في قوائم الإرهاب من قِبل إدارة بايدن، أخف بكثير من التصنيف الذي قام به ترامب، وأي عقوبات لن تؤثر على الحوثيين، بل على الشعب اليمني.
وأشار إلى أن التصنيف الأمريكي السابق قوّى الجماعة ودعم قدرتها في تحشيد اليمنيين معها.
وقال إن "من الخطأ أن نظن بأن محاربة الحوثيين مرة أخرى سوف يخرجهم من القوة، لأنهم اعتادوا على وضع الحرب، بينما تظهر القوى المعادية لهم ضعيفة ومقسّمة، ولكي يقتنع الحوثيون بالخوض في مفاوضات تؤدي إلى تسوية سياسية مستدامة علينا أن نقوي الأطراف المناهضة لهم".
إلى ذلك يقول نصر إن "تصنيف جماعة الحوثيين في قوائم الإرهاب سيكون له تأثيرات لا سيما على القطاع المصرفي وتدفق التحويلات المالية، إذ أن الجماعة لديها قبضة قوية على القطاع المصرفي وبعض البنوك، لكن هذا التأثير يعتمد على مستوى التصنيف وما هي التفاصيل المرتبطة به".


التعليقات