تقرير: النقل البحري في البحر الأحمر بصدد الانهيار بسبب هجمات الحوثيين
يمن فيوتشر - الحرة الخميس, 11 يناير, 2024 - 10:57 صباحاً
تقرير: النقل البحري في البحر الأحمر بصدد الانهيار بسبب هجمات الحوثيين

يعتمد ما نسبته 80 بالمئة من التجارة الدولية على الطرق البحرية لإيصال البضائع والسلع بين القارات، وهذا يعني أن التوترات في البحر الأحمر تسبب قلقا كبيرا قد تكون له آثار أكبر في المستقبل، وقد تتكرر السيناريوهات في ممرات أخرى.

ويخلص تقرير نشره موقع "ذا أتلانتك كاونسل" إلى أنه على الرغم من الجهود الأخيرة التي بذلتها القوى الغربية لاستعادة الملاحة في البحر الأحمر، إلا أن  "المارد خرج الآن من القمقم".

ويعد البحر الأحمر أحد طرق التجارة الرئيسية بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا، حيث تشير تقديرات إلى أن 10 بالمئة من التجارة العالمية من حيث الحجم تستخدم هذا الطريق.

ويشمل ذلك 20 بالمئة من إجمالي شحن الحاويات، ونحو 10 بالمئة من النفط المنقول بحرا، 80 بالمئة من الغاز الطبيعي المسال.

ويشير التقرير إلى أنه حتى لو تم الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار على الفور، فلا يمكن للسفن أن تستدير ببساطة وتعود إلى مساراتها الأصلية.

ويؤكد التقرير أن التغيير الكبير في المخاطر الظرفية للمسار ستتطلب قدرا كبيرا من إعادة التفاوض على العقود بين مالكي السفن والمشغلين.

وقد يقوم بعض المالكين بإعادة هيكلة العقود لمنع استخدام سفنهم على هذه الطرق. ولن تكون شركات التأمين والممولون على استعداد بشكل خاص للعودة إلى تقييمات المخاطر قبل وقف إطلاق النار.

ويقول التقرير إن البحر الأحمر ليس فريدا من حيث أهميته، فالممرات الاستراتيجية للتجارة البحرية موجودة في جميع أنحاء العالم، من القنوات إلى المضائق والممرات الطبيعية.

ويبين التقرير أن هجمات الحوثيين فتحت المجال أمام إمكانية شن هجمات أكثر تطورا من خلال التكنولوجيا التي يمكن الوصول إليها نسبيا في ممرات الشحن المزدحمة.

وبينما تراقب الجهات الفاعلة آثار تهديدات الحوثيين وهجماتهم، سيبدأ الآخرون في النظر في قدرتهم على تنظيم شيء مماثل، وفق التقرير.

ومما يثير القلق بشكل خاص، وفق التقرير، احتمال حدوث أزمة اقتصادية عالمية إذا تمت محاكاة هذه الأساليب التي يستخدمها الحوثيون في البحر الأحمر على طرق أخرى كبيرة الحجم، وخاصة بحر الصين الجنوبي.

ومنطقة بحر الصين الجنوبي تمر منها ما يصل إلى ثلث إجمالي التجارة من حيث الحجم وهو طريق رئيسي لنقل الطاقة.

ويوضح التقرير أن أي إعادة توجيه هناك ستكون لها تأثيرات هائلة على التجارة العالمية.

وعلى النقيض من البحر الأحمر، فإن التركيز العالي لطرق بحر الصين الجنوبي يتطلب النقل عبر مضيق ملقا الضيق نسبيا.

ومضيق ملقا يقع في جنوب شرق آسيا، ويمر بين  شبه جزيرة ماليزيا وجزيرة سومطرة الأندونيسية، حيث يصل بين بحر أندمان في المحيط الهندي من الشمال الغربي، وبين بحر الصين من الجنوب الشرقي.

وباعتباره نقطة عبور استراتيجية وضيقة، فإن منطقة مضيق ملقا معرضة للخطر بشكل لا يصدق، وفق التقرير.

وعلى الرغم من وجود طرق بديلة، فإن القيود المادية لهذه الممرات المائية تجعلها مستحيلة عمليا بالنسبة للغالبية العظمى من السفن. 

ويشير التقرير إلى أن الأسابيع المقبلة ستحدد ما إذا كنا نواجه تحديا أكبر للشحن الدولي.

ومع ذلك، يقول التقرير إنه لم تؤكد التوترات في البحر الأحمر على أهمية طرق التجارة البحرية فحسب، بل قدمت نظرة ثاقبة لمستقبل الجغرافيا السياسية.

ويقول التقرير إن القدرة على ممارسة الضغط على هياكل التجارة العالمية أصبحت أكثر سهولة بشكل متزايد.

ولذلك يتعين على الدول أن تكيف استراتيجياتها الدولية لتعكس واقع التأثير الضخم الذي يمكن أن تحدثه بعض الجهات الفاعلة على التجارة العالمية.

في غضون ذلك، حذّر خبير في مجال النقل البحري، الأربعاء، من أنّ حركة سفن الحاويات في البحر الأحمر تراجعت بنسبة 70 بالمئة تقريباً منذ منتصف نوفمبر بسبب هجمات الحوثيين على بواخر الشحن في هذه المنطقة.

وقال عامي دانيال، مؤسّس ورئيس شركة "ويندوورد" التي تقدّم خدمات استشارية في مجال النقل البحري إنّ "بياناتنا تُظهر أنّه منذ الهجوم على غالاكسي ليدر - السفينة التي استولى عليها المتمرّدون الحوثيون في اليمن في 19 نوفمبر وما زالوا يحتجزون أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 شخصاً رهائن - تضاعف ثلاث مرات عدد سفن الدحرجة (المتخصصة بنقل السيارات) التي تستخدم طريق رأس الرجاء الصالح" الواقع في أقصى جنوب قارة إفريقيا.

وغالاكسي ليدر كانت بدورها سفينة دحرجة مملوكة لشركة بريطانية صاحبها رجل أعمال إسرائيلي. 

وأضاف دانيال "لقد هبط عبور سفن الدحرجة في البحر الأحمر بنسبة 90 بالمئة. هي لم تعد تمرّ في هذه المنطقة".

أما في ما يتعلّق بالسفن الناقلة للبضائع الصبّ الجافّة (البضائع غير المعبّأة مثل الحبوب والإسمنت والفحم...) فانخفض عددها في البحر الأحمر بنسبة 15 بالمئة منذ بدأ الحوثيون هجماتهم.

وحدها ناقلات النفط لا تزال تستخدم قناة السويس بنفس الوتيرة التي كانت عليها قبل بدء الهجمات، وفقاً لدانيال، رجل الأعمال الذي تستخدم شركته الذكاء الاصطناعي وتجميع البيانات لتقديم المشورة للمتخصصين بالنقل البحري.

ويقول دانيال إنّ الوضع الراهن "سيؤدّي إلى مشكلة في سلسلة التوريد في السنوات المقبلة لأنّ معالجة هذا الأمر ستستغرق بعض الوقت". 

ويضيف "نحن لسنا بمستوى كوفيد، لكنّنا لسنا بعيدين عنه من حيث التداعيات على سلسلة التوريد".

وأسقطت القوات الأميركية والبريطانية الثلاثاء أكثر من 20 طائرة مسيرة وصاروخاً فوق البحر الأحمر أطلقها الحوثيون، في ما وصفته لندن بأنّه "أكبر هجوم" ينفذّه المتمرّدون المدعومون من إيران منذ بدء حرب غزة.

وأتى هذا الهجوم بعد أسبوع من تحذير وجّهته للحوثيين 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة من أنهم سيواجهون عواقب إذا لم يوقفوا استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، أحد أهمّ الممرات المائية للتجارة العالمية.

وخلال الأسابيع الماضية، شنّ الحوثيون أكثر من 25 عملية استهداف لسفن تجارية يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.

ويقول الحوثيون إنّهم يشنّون هذه الهجمات تضامنا مع قطاع غزة حيث تدور منذ السابع من أكتوبر حرب بين إسرائيل وحركة حماس.

 


التعليقات