عندما استهدفت المليشيات المدعومة من إيران قوات الولايات المتحدة مِراراً في سوريا والعراق خلال هذا الخريف، ردت إدارة بايدن بقوة. وقال المسؤولون إن العمل كان ضرورياً لردع هذه المجموعات عن تحويل صراع إسرائيل مع حماس إلى حربٍ أوسع.
ولكن الولايات المتحدة لم ترد بعد على إحدى المجموعات المدعومة من إيران، الحوثيين في اليمن.
حيث شنَّ الحوثيون في الشهر الماضي فقط، أكثر من 100 هجوم على السُفن التجارية في البحر الأحمر، مما أدى إلى تعطيل حركة المرور هناك.
لذا، اتخذت الولايات المتحدة نهجا مختلفا تجاه الحوثيين، والأسباب لذلك كثيرة.
•ما علاقة نزاع غزة بالهجمات في البحر الأحمر؟
قام الحوثيون بإطلاق صواريخ وطائراتٍ مُسيّرة على السفن في البحر الأحمر واحتجزوا سفينة مرتبطة بإسرائيل خلال أكثر من شهرين من الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتحظى حماس والحوثيون بدعمٍ من إيران على حد سواء.
وصرح المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سَريع، بأن الهجمات ستستمر "حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على إخواننا الصامدين في قطاع غزة".
لذا فإن السفينة البحرية الأمريكية "يو.إس.سي كارني"، المدمرة المجهزة بصواريخ موجّهة، التي تم نشرها في المنطقة لصد مثل هذه الهجمات، مشغولة. ففي أحد صباحات نهاية الأسبوع الماضي، أسقطت السفينة 14 طائرة بدون طيار هجومية أطلقها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر.
وفي يوم الاثنين، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية إنشاء قوة مهام بحرية متعددة الجنسيات لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن. وستشمل هذه الجهود، التي ستُعرف بعملية حامي الازدهار، بريطانيا وكندا وفرنسا والبحرين - الحليف الإقليمي الوحيد الذي انضم إلى هذه الجهود.
ورغم أن الولايات المتحدة أسقطت الطائرات بدون طيار، ونشرت سفينة وأنشأت قوة مهام لمواجهة الحوثيين، إلا أن الشيء الوحيد الذي لم تقم به هو الضربة العسكرية ضد المليشيا في اليمن.
•ما هي مخاوف إدارة بايدن بشأن ضرب الحوثيين؟
ناقشت إدارة بايدن ما إذا كان يجب ضرب الحوثيين أم لا، ولأسبابٍ عدة، يقول عدة مسؤولين في الإدارة إن الولايات المتحدة تشعر بضرورة الحذر من تعطيل هدنة هشة بين السعودية والحوثيين، الذين قضوا معظم الأعوام الثمانية الماضية في حالة حرب.
حيث لقي مئات الآلاف من الأشخاص حتوفهم بضربات جوية ومواجهات، إضافة إلى الأمراض والجوع، منذ بدء النزاع.
وصمدت هدنة تم التفاوض عليها في عام 2022 إلى حد كبير حتى بدون اتفاق رسمي.
كما أن إدارة بايدن قلقة بشدة من أن الحرب في غزة يمكن أن تتصاعد إلى نزاع أوسع في المنطقة.
ومن الممكن أن يؤدي أمر شن ضرباتٍ على أهداف الحوثيين في اليمن -بدلاً من إسقاط الطائرات الهجومية فقط- إلى تصاعد سريع ومتبادل بين السفن البحرية الأمريكية والمجموعة المسلحة، ويمكن حتى أن يجذب إيران بشكل أكبر إلى الصراع.
وقد عاد تيم ليندركينج، المبعوث الخاص الأمريكي لليمن، مؤخراً من المنطقة، حيث التقى الشركاء لمناقشة الأمن البحري وتأكيد هدنة السعودية والحوثيين رسمياً.
وقال السيد ليندركينج في مقابلة: "الجميع يبحث عن وسيلة لتخفيف التوترات. والفكرة ليست لاحتواء المنطقة من حرب واسعة، بل استخدام الأدوات المتاحة لدينا لتشجيع الحوثيين على تقليل سلوكهم المتهور".
•لماذا كانت الولايات المتحدة أقل تردداً في ضرب المليشيات في العراق وسوريا؟
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستحمي القوات الأمريكية البالغ عددها 2500 في العراق و900 في سوريا، حيث يساعد معظمهم القوات المحلية في محاربة بقايا تنظيم الدولة الإسلامية. وأصيب عشرات الأشخاص في هجمات المليشيات الأخيرة، بما في ذلك 25 شخصاً تعرضوا لإصابات في الدماغ ناجمة عن الصدمة.
"إذا استمرت الهجمات من جانب وكلاء إيران ضد قواتنا، فلن نتردد في اتخاذ إجراءات ضرورية إضافية لحماية شعبنا"، هكذا حذر وزير الدفاع، لويد أوستن، في أكتوبر/ تشرين الأول بعد أن نفذت طائرات مقاتلة أمريكية مرتين ضربات لمنشآت مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني والجماعات المرتبطة به، والتي اتهمت وزارة الدفاع إيران بالوقوف وراء هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ ضد القوات الأمريكية.
كما أشار أحد المسؤولين إلى أن الهجمات الحوثية لم تؤدّ إلى وقوع أي خسائر بين الأمريكيين.
ومع ذلك، تسبب القصف في تعطيل التجارة ومنع العديد من السفن من الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية. وقد تراجعت بعض شركات الشحن والنفط وتم إعادة توجيه التجارة، ومن المتوقع أن يؤدي هذا التعطيل إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين.
ووفقاً لما ذكره محللون عسكريون، فقد تقوم إدارة بايدن برفع القيود إذا استمرت الهجمات.
ويقول روبرت ب. موريت، نائب أميرال متقاعد في البحرية وضابط مخابرات بحرية سابق والمدير السابق لوكالة المساحة الجغرافية والاستخبارات الوطنية: "في البحرية، لدينا قول: 'أنت لا تطلق السهم. أنت تطلق الرامي. وأنا متأكد أن الأهداف القابلة للضرب تم تحديثها".
ومع ذلك، يتساءل المسؤولون في الإدارة: "إذا فعلت ذلك، هل سيتسبب ذلك بالتصعيد؟".