تجري مصر انتخابات رئاسية في الفترة من 10 إلى 12 ديسمبر كانون الأول ويُتوقع أن يضمن الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلالها بقاءه في السلطة لمدة ست سنوات أخرى. وتأتي الانتخابات بعد حملة قمع مستمرة منذ عشر سنوات على المعارضة أُلقي القبض خلالها على منتقدين من مختلف الأطياف السياسية.
وتقول السلطات إن حملة القمع كانت ضرورية للحفاظ على الاستقرار في مصر، وإنها استهدفت المتطرفين والمخربين الذين يعملون على تقويض الدولة.
وتضيف أن مصر تتخذ تدابير لتوسيع المشاركة السياسية وحماية الحقوق، ومنها إطلاق استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان يمتد إطارها الزمني لخمس سنوات، وحوار وطني وتطوير السجون. ويرفض منتقدون هذه الخطوات ويصفونها بأنها صورية إلى حد كبير، قائلين إن الانتهاكات مستمرة.
وتنفي القاهرة، الحليف الوثيق لواشنطن، مزاعم القتل التعسفي والقتل خارج نطاق القانون والتعذيب والاختفاء القسري. وفيما يلي نظرة على بعض قضايا حقوق الإنسان المهمة في مصر:
•اعتصام القاهرة الدامي
في عام 2013، قاد السيسي إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد احتجاجات مناهضة لحكمه. وقُتل المئات من أنصار الجماعة، وهي أقدم الحركات الإسلامية وأكثرها تنظيما في مصر، واعتُقل الآلاف.
وحُكم على كبار قادة الإخوان بالإعدام فيما تصفه جماعات حقوق الإنسان بمحاكمات غير عادلة. واضطر آخرون للسفر للخارج.
وفي أحد أكثر الأحداث دموية في تاريخ مصر الحديث، اجتاحت قوات الأمن مخيمات الآلاف من أنصار مرسي المعزول في عام 2013 وأطلقت النار على المئات. وتقول جماعات حقوقية إن أكثر من 800 متظاهر لاقوا حتفهم.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن المداهمات كانت ممنهجة وجاءت بأوامر من كبار المسؤولين وربما ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وقالت الحكومة المصرية إن تقرير المنظمة اتسم بالسلبية والتحيز واعتمد على شهود غير معروفين بدلا من مصادر محايدة.
ويقول مسؤولون مصريون إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين وإنهم أطلقوا النار على القوات.
وتنفي جماعة الإخوان استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية.
•قانون التظاهر
في عام 2013، أصدرت مصر قانونا يحظر التظاهر دون موافقة مسبقة من الشرطة. وأثار هذا الإجراء قلقا شديدا من جانب جماعات حقوق الإنسان فيما يتعلق بمسار الحكومة المدعومة من الجيش والتي تشكلت بعد الإطاحة بمرسي.
وعبرت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء القانون الجديد الذي يقيد الحق في التظاهر، وقالت إنها تتفق مع الجماعات التي تقول إن القانون لا يفي بالمعايير الدولية.
•قتل مصور لأم شابة
اتُهم ضابط شرطة مصري بإطلاق النار على أم شابة خلال احتجاج بوسط القاهرة، بعد أسابيع من انتشار صورة لها وهي تنزف حتى الموت مما تسبب في سخط دولي في عام 2015.
وتعرضت شيماء الصباغ (32 عاما) لإطلاق نار في أثناء مشاركتها في مسيرة بمناسبة ذكرى الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك في عام 2011. وقال النائب العام إنها قتلت على يد ضابط شرطة أطلق خرطوشا في محاولة لتفريق الاحتجاج.
ورد السيسي على الغضب الناجم عن مقتل الصباغ بوصفها بأنها "بنتي وكل بنات وأولاد مصر أولادي"، ووعد بتقديم قتلتها إلى العدالة. وحُكم على الضابط بالسجن سبع سنوات عند الاستئناف.
•طالب
في يناير كانون الثاني 2016، اختفى الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي أثار بحثه ريبه الأجهزة الأمنية في القاهرة. وعُثر على جثته بعد أسبوع تقريبا وأظهر فحص الجثة أنه تعرض للتعذيب قبل وفاته.
وقالت مصادر مخابراتية وأمنية لرويترز عام 2016 إن الشرطة ألقت القبض على ريجيني خارج محطة لقطارات الأنفاق بالقاهرة ثم نقلته إلى مجمع يديره الأمن الوطني. ونفت الشرطة ذلك، ودأب مسؤولون مصريون على نفي أي تورط في مقتل ريجيني.
ويحاول مدعون في إيطاليا إجراء محاكمة غيابية ضد أربعة أعضاء بارزين في أجهزة الأمن المصرية بسبب الاشتباه في ضلوعهم في القضية.
•مرشح للرئاسة
في عام 2018، وضعت محكمة مصرية المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح على قائمة الإرهاب بعد اعتقاله لاتهامه بالاتصال بجماعة الإخوان المسلمين. وتقول أسرة أبو الفتوح إنها تشعر بالقلق من تدهور حالته الصحية في السجن.
•رئيس جهاز لمكافحة الفساد
قال محامي المستشار هشام جنينه، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، وهو جهة رقابية على أموال الدولة والشخصيات الاعتبارية العامة، إن محكمة عسكرية حكمت علي موكله بالسجن خمس سنوات عام 2018 بتهم بنشر أخبار كاذبة تضر بالجيش.
وأدانت منظمة العفو الدولية الحكم على جنينة، وهو شرطي وقاض سابق، باعتباره مثالا آخر على ما وصفته بحملة القمع التي تشنها مصر على كل معارضة في عهد السيسي.
وأُطلق سراح جنينة في وقت سابق من هذا العام.
•ناشط
في عام 2021، حُكم على الناشط المصري البارز علاء عبد الفتاح بالسجن خمس سنوات بعد محاكمته بتهم نشر أخبار كاذبة.
وكان عبد الفتاح أحد الشخصيات البارزة في انتفاضة 2011 التي أطاحت بمبارك بعد ثلاثة عقود في السلطة، وسُجن من قبل خمس سنوات في عام 2014 وأُطلق سراحه في عام 2019.
وما زال عبد الفتاح في السجن على الرغم من حملة كبيرة شنتها أسرته لإطلاق سراحه أثناء إضراب عن الطعام قالت إنه جعله على شفا الموت أثناء استضافة مصر لقمة المناخ كوب27 في عام 2022.
وتدعو دول غربية مصر إلى إنهاء محاكمة النشطاء والصحفيين والمعارضين السياسيين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب والإفراج عنهم دون قيد أو شرط.
وتشير تقديرات جماعات حقوق الإنسان إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص اعتقلوا لأسباب سياسية منذ عام 2013. ويقول السيسي إن مصر لا تحتجز أي سجناء سياسيين، وإن الأمن له الأولوية القصوى، وإن الحكومة تعمل على تعزيز حقوق الإنسان بتوفيرها الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن.
وصدر عفو في الآونة الأخيرة عن بعض السجناء البارزين، مثل الناشط أحمد دومة، والمحامي محمد الباقر، والباحث باتريك زكي، لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن الاعتقالات مستمرة.
•باحث
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن وفاة الباحث الاقتصادي أيمن هدهود تتطلب تحقيقا "شاملا وشفافا وموثوقا به"، بعد وفاة هدهود عام 2022 في مستشفى للأمراض النفسية بالقاهرة أرسلته إليه الأجهزة الأمنية.
وقالت منظمة العفو الدولية إن تحقيقها الذي استند إلى سجلات رسمية ومقابلات مع شهود وخبراء مستقلين فحصوا الصور المسربة لجثة هدهود، يشير بقوة إلى أنه تعرض للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة قبل وفاته.
وقالت النيابة العامة المصرية إنها لم تجد أي دليل على عنف جنائي في وفاة هدهود.