استولى الحوثيون، في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، على سفينة شحن في البحر الأحمر تديرها اليابان، حيث قفز مسلحون على سطحها من طائرة هليكوبتر قبل أن يرفعوا العلمين الفلسطيني واليمني.
وبحسب بيانات مجموعة بورصات لندن، فإن سفينة "غالاكسي ليدر" مملوكة لشركة مسجلة تحت اسم "Ray Car Carriers"، والتي يقع مقرها الرئيسي في جزيرة مان، وهي وحدة تابعة لشركة "راي للشحن البحري" المدمجة في تل أبيب، والتي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي أبراهام أونغار.
وقال موقع تتبع حركة المرور البحرية إن حاملة السيارات الفارغة غادرت كورفيز في تركيا وكانت في طريقها إلى بيبافاف في الهند، عندما انقطع الاتصال بها جنوب غرب جدة السعودية. والسفينة ترسو حاليا في ميناء الحديدة في اليمن.
وقالت شركة نيبون يوسن اليابانية المشغلة للسفينة إنها شكلت فريق عمل لجمع معلومات عن الطاقم المكون من 25 شخصا، وهم من الفيلبين وبلغاريا وأوكرانيا ورومانيا والمكسيك.
ورغم عدم وجود إسرائيليين على متن السفينة، فقد وصفت إسرائيل الحادث بأنه "عمل إرهابي إيراني"، وقالت ستكون له "عواقب وخيمة" على الأمن البحري الدولي.
•العوامل الجيوسياسية
خلال الأشهر التي سبقت اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ارتفع عدد عمليات اختطاف السفن، عقب فترة من الهدوء، في منطقة الخليج ومضيق هرمز وخليج عُمان، وذلك بسبب التوترات الأمريكية الإيرانية والقيود المفروضة على تجارة النفط الإيراني.
"هذا جزء من حرب متبادلة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيران، ويمكن أن يجذب دولا أخرى إليها. تريد البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني التأثير على المشهد الجيوسياسي وإظهار سيطرتها على مضيق هرمز"، كما يقول ديميتريس مانياتيس، المدير التنفيذي للعمليات في شركة الأمن البحري الخاصة "Seagull Maritime".
في أبريل/ نيسان ومايو/ أيار، استولت القوات البحرية الإيرانية على ثلاث ناقلات نفط ترفع أعلاما دولية، ردا على مصادرة الولايات المتحدة لناقلات يُزعم أنها تحمل النفط الإيراني، في إطار عمليات إنفاذ العقوبات.
وفي حادث آخر وقع في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر، أفادت التقارير أن البحرية الأمريكية ألقت القبض على خمسة قراصنة حاولوا اختطاف سنترال بارك، وهي ناقلة يديرها رجل أعمال إسرائيلي، في خليج عدن بالقرب من الصومال.
وأشار مركز الإبلاغ عن القرصنة التابع للمكتب البحري الدولي إلى وقوع 115 حادثة قرصنة عالمية وهجمات سطو مسلح في عام 2022، وهو رقم أقل مما حدث في العام الذي سبقه.
ووقعت نصف الهجمات على السفن خلال عام 2022 في جنوب شرق آسيا، وكان مضيق سنغافورة الأكثر عرضة للخطر. وتشمل المناطق الأخرى المثيرة للقلق أمريكا الجنوبية والوسطى والبحار المحيطة بنيجيريا وغانا وأنغولا. ويتوقع الخبراء استمرار مثل هذه الحوادث.
"نتوقع أن نرى حدوث ذلك مرة أخرى. لقد أظهروا أنهم قادرون على القيام بذلك، وأنهم يسعون للحصول على اهتمام إعلامي. لديهم معلومات عن السفن الإسرائيلية، وهم يعرفون ما يقومون به. السفن المرتبطة بإسرائيل ستكون أهدافا. من السهل جدا تعقبها"، كما يقول مانياتيس.
وفي الحقيقة، قال زعيم المتمردين الحوثيين، عبد الملك الحوثي، إن الجماعة كانت تبحث عن السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر - حتى تلك التي لا ترفع العلم الإسرائيلي.
•الحوثيون ليسوا وحدهم
إن "هذا ليس بالأمر الجديد، إنه مجرد خبر كبير لأن الحوثيين فعلوا ذلك"، يقول ديميتريس مانياتيس، المدير التنفيذي للعمليات في شركة الأمن البحري الخاصة "Seagull Maritime". ويضيف: "بدءا من عام 2019، أخذ الإيرانيون يستخدمون نفس التكتيكات في مضيق هرمز. فالحوثيون هم وكيل لطهران ضد إسرائيل وآخرين".
ويسيطر الحوثيون على جزء كبير من ساحل اليمن الغربي، ويشرفون على مساحة كبيرة من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والمعروف بأنه من أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم. ولكنهم يبقون بحاجة إلى الدعم.
"لم يلجأ الحوثيون إلى عمليات الاختطاف في السنوات الأخيرة. ويظل الخطر الرئيسي الذي يواجه السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، هو القرصنة ذات الطبيعة الانتهازية والإجرامية"، كما يقول هاريش ناتاراجان، رئيس التحليل الاقتصادي في مؤسسة AKE الدولية المتخصصة في شؤون الأمن، ومقرها لندن.
•قراصنة صغار يؤثرون على أعمال كبيرة
ويقول جون ستاوبيرت من الغرفة الدولية للشحن في تصريح لـ DW: "إن الاستيلاء على سفينة غالاكسي ليدر كانت له دوافع سياسية. ولذلك فإن التهديد الذي يواجه الشحن التجاري ككل منخفض، ومن المرجح أن يظل الأمر كذلك بسبب الطبيعة المحددة للغاية لاستهداف هذه السفن".
وفي القضية الأخيرة لسفينة Heroic Idun، والتي يملكها أيضا أبراهام أونغار، قال المتخصصون إن مبلغا يتراوح بين 1 إلى 1.5 مليون دولار قد يكون الثمن المطلوب من أجل إعادة السفينة آمنة.
لكن التوقعات ليست سوى لعبة حمقاء، نظرا لأن نحو ثلث إجمالي الشحن اليومي في العالم يمر بقرب الزاوية الشمالية الشرقية من القارة الإفريقية، فهناك يضيق البحر إلى نقطة بين اليمن وجيبوتي في طريقه شمالا باتجاه قناة السويس والبحر الأحمر.
ويقول ناتاراجان إن الهجوم يعكس على الأرجح التطورات في غزة، حيث من المرجح أن يؤدي تصعيد العمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين إلى زيادة خطر الهجمات التي تستهدف السفن الإسرائيلية، وربما تمتد لاستهداف الأصول الأمريكية والغربية.
وبشكل عام، قدرت الأمم المتحدة تكلفة القرصنة لتجارة الشحن العالمية بما يصل إلى 12 مليار دولار سنويا. ويمر حوالي 10بالمائة من تجارة النفط العالمية المنقولة بحرا عبر خليج عدن، الممر المائي بين اليمن والقرن الإفريقي، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ورغم هذه التطورات لم تغير شركات التأمين إجراءاتها حتى الآن، كما يقول ستاوبرت: "بسبب الطبيعة المحددة للحادث فإن التهديد العام للشحن منخفض، وبالتالي من غير المرجح أن يؤدي إلى تغيير مسار السفن بشكل كبير من البحر الأحمر".
ويرى ناتاراجان أن حالة المخاطر الأكبر هي "حالة البحر الأسود. ففي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ارتفعت تكلفة التأمين على السفينة وحمولتها إلى 10 بالمائة من قيمتها الإجمالية".
ويؤكد مانياتيس: "لا نتوقع أي انكماش في التجارة البحرية، بل نتوقع فقط زيادة الأمن، وبالتالي زيادة التكاليف"، وذلك لأن "معظم السفن، في النهاية، ليس لها علاقة بإسرائيل".