لا يزال الحضور النسائي في العمل الصحفي والإعلامي متواضعًا جدًّا في اليمن، وتأثيره محدود للغاية، حيث تحتل اليمن المرتبة الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين، وفق تصنيف المنظمات الأممية، يأتي ذلك بالرغم من الجهود الذي برزت مؤخرًا من قبل إعلاميات وصحفيات، وأنشطة ومشاريع خاصة تحاول كسر نمطية ارتباط المهنة بالصحفيين الذكور.
وتتعرّض اليمنيّات العاملات في المجال الصحفي والإعلامي، لكثير من المضايقات من قبل أطراف الصراع في اليمن، التي تفرض قيودًا واسعة على المجتمع والمرأة وممارسة العمل الصحفي، منها ما أقدمت عليه سلطة صنعاء أنصار الله (الحوثيين)، بمنع سفر المرأة دون محرم، ما ينعكس سلبًا على الصحفيات، اللواتي يتطلب عملهن حركة وتنقلًا مستمرًّا.
تقول سامية عبدالمجيد الأغبري- رئيسة قسم الصحافة في كلية الإعلام، بجامعة صنعاء، لـ"خيوط": "إنّ المرأة قادرة بالفعل على إنجاز الكثير من المشاريع الصحافية المستقلة، ولكنّها بحاجة إلى الدعم المالي والمعنوي، لتتمكن من تحقيق وجود حقيقيّ ومؤثر، ومِن ترك بصمة خاصة في الصحافة غير التقليدية، التي يبدو فيها تحقيق النجاح أمرًا متاحًا، وبالإمكان المضيّ فيه بسرعة ويسر".
•بين التمييز والحرب
تصنّف اليمن حاليًّا من بين أسوأ الأماكن للصحفيين في العالم، إذ تشهد البلاد وقائع وانتهاكات عديدة، تطال الصحفيّين والصحفيات، حالت دون توفير أبسط صور الممارسة، علاوة على الحرية والاستقلال المفترض توافُرهما للصحافة، لكي تقوم بمهامها كسلطة رابعة.
وتقول دراسة حديثة لمنتدى الإعلاميات، إنّ الصحفيات المسجلات في نقابة الصحفيين اليمنيين لا يتجاوز عددهن 170 صحفيّة من بين 1500 صحفي، بنسبة تصل إلى 11% من المنتسبين للنقابة، فضلًا عن أنّ تمثيل النساء في مجلس النقابة لا يتعدّى عضوة واحدة، وتوضح هذه الأرقام فجوة وخللًا كبيرًا في العمل النقابي الإعلامي.
ووفقًا للدراسة، فإنّ نسبة تمثيل الإناث في قوة العمل في المؤسسات الإعلامية بلغت قبل سنوات الحرب، حوالي (32%) مقابل (76%) للذكور، وتركّزَ عملهن في مجالات ثانوية لا يتعدَّى التقديم وتحرير المادة الإعلامية.
وتراجعت هذه النسبة خلال سنوات الحرب في اليمن، إلى أقل من 20%، مقارنة بالرجال الذين يشكّلون نسبة 80%، حيث تعمل 60% منهن في مجال الإعلام المرئي والمسموع، و40% في مجال الصحافة المكتوبة.
تشدّد الصحفية ثريا دماج- مؤسِّسة ورئيس تحرير منصة "يمن فيوتشر"، لـ"خيوط"، على أنّ اليمن تصنّف حاليًّا من بين أسوأ الأماكن للصحفيين في العالم، إذ تشهد البلاد وقائع وانتهاكات مرعبة تطال الصحافيين والصحفيات، حالت دون توفير أبسط صور الممارسة، علاوة على الحرية والاستقلال المفترض توافرهما للصحافة، لكي تقوم بمهامها كسلطة رابعة".
وتتنوّع التحديات اليومية التي تواجهها الصحفيات اليمنيات، بين قلة الإمكانيات، وشحة الموارد، وانعدام الأمن ووسائل السلامة، إضافة إلى تدهور الخدمات الضرورية، مثل ضعف الإنترنت وانقطاع التيار الكهربائي؛ معوقات فاقمتها الحرب وزادت من حدتها.
•عوائق وقضايا مغيبة
ظلّت قضايا المرأة اليمنية غائبة، أو حاضرة بشكلٍ خجول، لسنوات عن وسائل الإعلام في اليمن، الأمر الذي دفع العديد من الصحفيات اليمنيات العاملات في هذه المهنة، للقيام بجهود تركز على قضايا المرأة ومناصرتها عن طريق أنشطة متعدّدة ومشاريع صحفية وإعلامية متخصصة.
يرى صحفيّون يمنيّون أنّ هناك تجارب صحفية شقّت طريقها في العمل الصحفي بشكل واضح وفاعل، وأثبتت حضورًا لافتًا، على مستوى التناول والأسلوب التحريري.
من جانبها، تقول ثريا دماج- رئيسة تحرير "يمن فيوتشر": "خلال العامين الماضيَين، ساهم الموقع نسبيًّا في تشجيع الإعلاميات على المشاركة في المواقع الإخبارية المستقلة، بالرغم من إمكانياته المحدودة"، مشيرةً إلى أنّ هناك تزايدًا كبيرًا للانخراط في العمل الصحافي الإلكتروني من قبل الصحفيات اليمنيات".
ويعدّ الصراع الدائر في اليمن عائقًا كبيرًا، أمام ممارسة العمل الصحفي الطبيعي عند الكثير من الصحفيات اليمنيات، والعمل الصحفي في البلاد بصورة عامة.
وتشدّد ميمونة عبدالله- محررة في منصة "نسوان فويس"، لـ"خيوط"، على أهمية المنصات المتخصصة التي تسلط الضوء على قضايا النساء اليمنيات، وإثارة اهتمام الرأي العام حول قصص معاناتهن.
وتؤكّد عبدالله، أنّ الصحافة مهنة المخاطر، خاصة في الأوضاع الراهنة، حيث يصبح الحصول على المعلومة من المهام الشاقة إن لم تكن مستحيلة، حتى في حال اللجوء للإنترنت، فالعالم الموازي الذي يفتح باب الحصول على المعلومات أمام الصحفيين، تواجهه معوقات شتى، على رأسها ارتفاع تكاليف الاشتراك، مرورًا بضعف الخدمة وسوء جودة الاتصال، فضلًا عن انقطاع الخدمة تمامًا في بعض الأحيان.