"اكثر من 5 اشهر ولا نعرف اين زوجي بعد نقله من احد سجون الحديدة"، لو كان معنا وساطة كان زوجي خرج من المعتقل وعاد لأطفاله الذين حرموا منه" بهذه الكلمات اختزلت ام عبير (اسم مستعار ) قصة اعتقال زوجها ومعيل الاسرة منذ اكثر من 3 سنوات.
تحولت حياة ام عبير واطفالها إلى جحيم بعد اعتقال رب الأسرة بشكل غير قانوني، فيما لا تزال ابنتها تعاني من صدمة نفسية منذ اقتحام عناصر الامن منزلهم بحثا عن والدها.
اعتقل الاب بتهمة العمل لصالح الحكومة الشرعية -المعترف بها دوليا- ومع ذلك لم تتلقى الأسرة اي مساعدة من الحكومة الشرعية، حيث تعيش في ظروف اقتصادية سيئة، وفق تأكيد افراد في الاسرة.
حكاية اسرة المعتقل محمد (اسم مستعار)، لا تختلف كثيرا عن سابقتها، حيث اعتقل هو الاخر بتهم العمل لصالح الحكومة الشرعية - المعترف بها دوليا.
"قام عناصر الامن والمسلحين بملاحقته واطلاق الرصاص عليه واصابته وسحبه إلى فوق السيارة"، حسبما ذكر افراد في الاسرة، حيث ظل ابنائه لفترة لايعلمون عنه شيئا، قبل ان يصلهم خبرا بانه قُتل وان السلطات تحتفظ بجثته.
لكن لاحقا ابلغت مصادر مطلعة افراد الاسرة ان والدهم مازال حيا يرزق؛ غير انه مصاب، وبحالة نفسية سيئة.
وحسب تلك المصادر، لم يتلق الرجل في المعتقل اي رعاية طيبة.
ومنذ اعتقاله، قامت الزوجة بالعمل واعالة الاسرة وتحمل معاناة رعاية الاطفال وتربيتهم في غياب الاب؛ لكن ماضاعف معاناتهم هو عدم التفاف الحكومة اليهم او تقديم المساعدة لهم والتخفيف من معاناتهم.
وفتحت اطراف الحرب، منذ اندلاع النزاع في اليمن قبل ثماني سنوات، سجونا لاحصر لها، وارتكبت انتهاكات جسيمة في حق مئات المواطنين الذين تحولت حياتهم، وحياة زوجاتهم واطفالهم واسرهم إلى جحيم
•مصادرة المرتبات
لا تقف معاناة اسر المعتقلين واطفالهم عند هذا المستوى بل قامت وزارة المالية في الحكومة الشرعية بمصادرة مرتبات عدد كثير من الموظفين المعتقلين من بنك الكريمي؛ وذلك بسبب رفض الوزارة اعطاء التوكيلات لاقاربهم بصرف تلك المرتبات او عمل لجنة خاصة بهم، هذه المعلومات تأكدنا منها بعد اشهر من البحث.
تشير رابطة امهات المختطفين ان حالات الاختطاف والاعتقال التعسفي خلال الفترة 2018 - 2021 في المحافظات التالية: (صنعاء - عدن - مأرب - تعز - ذمار) بلغ 1548 حالة.
ووصلت حالات الاخفاء القسري خلال الفترة 2018 - 2021 في المحافظات التالية في ذات المحافظات 388 حالة.
•لا يقدم شيئ
"لا تقدم حكومتا صنعاء وعدن اي شيئ لأسر المعتقلين، وما تم تقديمه منذ بداية الحرب منحة مالية شهرية لمدة شهرين اثناء رئاسة احمد بن دغر للحكومة الشرعية بعد معاملة استمرت سنتين، لكن تلك المعونة تم وقفها حين جاء معين عبدالملك إلى رئاسة الحكومة"، تقول رئيس رابطة امهات المختطفين امة السلام الحاج. تعاني اسر المعتقلين ظروفا صعبة بسبب الاوضاع الاقتصادية واطالة امد الصراع والتنقل والنزوح.
وتؤكد امة السلام الحاج" ان معاناة تلك الاسر تبدأ من حين اختطاف رب الاسرة واخفائه قسريا ومتابعة الاسرة لأبنها حتى معرفة مكان احتجازه ثم بعد ذلك الوقوف امام السجون ومنع الزيارات وادخال الادويه والغذاء والتفتيش الدقيق والاهانات امام بوابات السجون".
وتذكر الحاج بان الكثير من زوجات واطفال المعتقلين اصيبوا بحالات نفسية.
تضيف "نحاول ان نعمل في الرابطة جلسات دعم نفسي من اجل المساعدة في تجاوز هذه المحنة، ونناشد العالم ان يقف معنا في هذه القضية الانسانية، ونطالب بتحقيق السلام باليمن، ويبدأ ذلك بحل مشكلة المعتقلين والافراج عنهم" .
•معاناة اشد من المعتقل
يؤكد المعتقل السابق، والوسيط المحلي في عمليات تبادل الأسرى والمعتقلين بين الحوثيين والحكومة عبداللطيف المرادي، ان زوجات وابناء المعتقلين خارج القانون بسبب الحرب، يلاقين معاناة اشد من معاناة المعتقل او الاسير وذلك لغياب عايلهم الوحيد.
واشار الى ان هناك الكثير من ابناء المعتقلين تشردوا وانقطعوا عن الدراسة والتعليم.
واتهم الجهات المعنية والرسمية سواء في صنعاء او في عدن قصرت كل التقصير تجاه هذه الشريحة من المجتمع.. موضحا بانه لم يتم اعتماد لهؤلاء رواتب او اغاثات او كفالتهم بعد تغييب ذويهم في المعتقلات.
يضيف: اعرف وسمعت ان بعض زوجات المعتقلين عانين مشاكل وصلت حد الخلع والطلاق، وذلك بسبب عدم قدرتهن على تحمل اعباء الحياة كاملة ومعاناة اعتقال المعيل.
وفقا للمرادي، هناك الالآف من المعتقلين لم تطالب بهم الاطراف ولم تهتم بأسرهم، بينما حظي بعض الاسرى الذي اسروا بالجبهات ببعض العناية والاهتمام، على عكس المعتقلين الذين لايزال يقبع بعضهم في السجون منذ اكثر من 7 اعوام.
"كل من اعتقل بسبب الاحداث الدائرة في اليمن او بسبب الانتماء، لم يتم اعتقالهم بناء على امر قضائي او مسوغ قانوني، بل بشكل مزاجي عشوائي، حيث وصل الحال باعتقال البعض لوجود صورة في تلفونه او بسبب ابداء رأي او وشايه"، حسب المرادي
•الآثار النفسية
يؤكد الاختصاصي والاستشاري النفسي صخر طه ان الاعتقالات خارج القانون تسبب للزوجات والاطفال الكثير من القلق، وعدم الرضا عن المجتمع والجهات المعنية، وعدم الشعور بالامان للاسرة، لانه ليس هناك من يحميهم او يكفل لهم حقوقهم.
يتابع "الانسان في هذا الحال تتراكم عليه المشكلات والاعراض المرضية وتدخله في اضطرابات نفسية سواء كان كرب ما بعد الصدمة او الدخول في عمليات الاكتئاب او قد ربما تصل احيانا الى عمليه الفصام لعملية الهروب من واقعه الاليم".
أدى الصراع في اليمن - والذي يدخل عامه الثامن- إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية من صنع البشر في العالم، وكان لحجم وشدة الانتهاكات المرتبطة بممارسات الاعتقالات (الاحتجازات) التعسفية والاختفاءات القسرية والتعذيب، أثر اجتماعي بالغ، فما يزال مئات المدنيين يحلمون بالحصول على حريتهم المسلوبة، وما تزال مئات الأسر اليمنية تتجشم عناء البحث عن ذويها المحتجزين في مناطق مختلفة من اليمن وفقا لمنظمة مواطنة لحقوق الانسان
وتستمر -في الوقت ذاته- جميع أطراف النزاع في اليمن في ممارسة انتهاكات الاحتجاز التعسفي، والتورط في عمليات اختفاءات قسرية، وتعذيب المدنيين أو تعريضهم لضروب من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وعلى الرغم من أنهم يمثلون سلطات متعددة، إلا أنهم يشتركون في نفس السلوكيات غير القانونية، حسب مواطنة.
•القوانين
يشير القانون اليمني إلى ان الاعتقالات غير مسموح بها إلا فيما يرتبط بالأفعال المعاقب عليها قانونا ويجب ان تستند إلى القانون، ويجب ان تفرج النيابة العامة فوراً عن كل شخص قيدت حريته خلافا للقانون أو وضع في الحبس الاحتياطي لمدة أطول مما هو مصرح به في القانون أو في الحكم أو أمر القاضي، إلا ان اغلب من اعتقلوا لم تتم محاكمتهم ومن تمت محاكمتهم كانت الاجراءات غير عادلة حسب تتبعنا.
وفقا للمادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإنه لا يجوز اعتقالُ أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه، فيما ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 9 انه لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه.
"تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.