اليمن: الأقلية الإسماعيلية.. فرص الاندماج بعد تاريخ طويل من الاضطهاد
يمن فيوتشر - مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجة: الاربعاء, 26 أكتوبر, 2022 - 09:21 مساءً
اليمن: الأقلية الإسماعيلية.. فرص الاندماج بعد تاريخ طويل من الاضطهاد

تُعد الإسماعيلية ثاني أكبر المذاهب الشيعية على مستوى العالم، بعد المذهب الاثني عشري. يرتبط أتباع المذهب الإسماعيلي في اليمن بجذور تاريخية عميقة بالبلاد تمتد لألف عام، رغم تراجع أعدادهم لصالح أتباع المذهبين الزيدي الشيعي والسني. ينقسم أتباع الطائفة الإسماعيلية إلى فئتين: فئة النزارية الإسماعيلية المنتشرين في مختلف بقاع الأرض بأعداد تفوق الفئة الثانية، وهي الطيبية من الإسماعيلية المستعلية التي تنحدر منها الأقلية الإسماعيلية الموجودة في اليمن والتي تعيش بجبال حراز في شمال اليمن ومدينة عدن في الجنوب. انبثقت هاتان الفئتان للطائفة الإسماعيلية بعد نشوب خلاف بشأن القيادة والعقيدة خلال فترة الخلافة الفاطمية التي اتخذت مصر مركزًا لحكمها بين عام 969 و1171 ميلادية.

ازدهر حكم الإسماعيليين في اليمن خلال حقبة الدولة الفاطمية، لكن أتباع الطائفة تعرضوا لاضطهاد شديد في وقت لاحق، خلال فترة حكم الإمامة الزيدية. شكلت الثورة اليمنية عام 1962 نقطة تحول بالنسبة للإسماعيليين في الشمال حيث أنهت حقبة طويلة من الاضطهاد، لكنها لم تقضِ على الصور النمطية السلبية المحيطة بهم داخل المجتمع. تتمتع الطائفة الإسماعيلية حاليًا بعلاقة جيدة مع الحوثيين في الشمال، إلا أن الوضع مختلف في عدن حيث يستقر عدد من الإسماعيليين ممن عادوا من الهند خلال فترة الاستعمار البريطاني (1839-1967).
واجه الإسماعيليون اتهامات من قِبل الجماعات السلفية (التي تنامى نفوذها في اليمن خلال تسعينيات القرن الماضي) بالانحياز إلى صف الحوثيين في أعقاب اندلاع الحرب عام 2015، باعتبار أن كليهما ينتميان للمذهب الشيعي. وبعد طرد الحوثيين من عدن، بدأ السلفيون باستهداف أتباع الطائفة الشيعية بمن فيهم الإسماعيليون الذين دُمر مسجد لهم خلال تلك الفترة؛ ما دفعهم للمغادرة إلى أحياء أخرى أو مغادرة عدن تمامًا. ينشط الإسماعيليون اليوم في الاقتصاد اليمني حيث ينخرط معظمهم في أعمال بالقطاع الخاص، إضافة إلى توليهم مبادرة فريدة لاستبدال زراعة شجرة البن بشجرة القات، التي تحقق تقدم بالفعل في حراز.
تسلّط هذه الورقة الضوء على تاريخ الطائفة الإسماعيلية والمشاكل الحالية التي يعاني منها أتباعها وتطرح عددًا من التوصيات الرامية إلى إعادة إدماجهم داخل المجتمع. ينبغي على المناهج التعليمية في الدولة إبراز الإسهامات الفريدة للإسماعيليين في تاريخ وثقافة واقتصاد اليمن، كجزء من حملة توعية تهدف إلى تصحيح الأفكار المسبقة والصورة النمطية المشوهة عنهم. كما يتعيّن اتخاذ إجراءات قانونية تحظر خطابات الكراهية والتحريض ضدهم، ومنح الإسماعيليين فرصة الوصول إلى المخطوطات المحتفظ بها في الجامع الكبير بصنعاء. ينبغي أن تكفل الحكومة المعترف بها دوليًا توفير الحماية للإسماعيليين في عدن، والسماح لأتباع هذه الطائفة بالعودة للعيش وسط مجتمعاتهم وإعادة بناء مساجدهم التي هُدمت. وأخيرًا، على الحكومة والجهات الدولية الداعمة لها النظر في وضع الإسماعيليين كنموذج يعكس واقع الأقليات بصورة عامة وكيف سيتم التعامل معهم داخل اليمن متى ما انتهت الحرب.

 

للاطلاع على المادة من موقعها الاصلي:

https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/18950


التعليقات