خلال الأسبوع الماضي، التقى المبعوث الأميركي الخاص باليمن، تيم ليندركينغ، عددا من المسؤولين في المنطقة وذلك بهدف دعم المفاوضات المكثفة التي تقودها الأمم المتحدة مع الأطراف اليمنية لتمديد هدنة وقف إطلاق النار.
كانت الولايات المتحدة أبدت استعدادها لدعم هدنة موسعة توفر "أفضل فرصة لليمنيين للسلام منذ سنوات"، بحسب بيان سابق للخارجية الأميركية.
وانتهت هدنة وقف إطلاق النار في اليمن التي استمرت 6 أشهر، مطلع شهر أكتوبر، في وقت يسعى فيه المجتمع الدولي لتجديد الهدنة من أجل معالجة الأوضاع المعيشية في بلد يعيش "أسوأ كارثة إنسانية"، كما تصفها الأمم المتحدة.
ويصف المحلل السياسي، مانع المطري، المرحلة التي يعيشها اليمن في الوقت الراهن بـ "اللا سلم واللا حرب".
في حديثه لموقع "الحرة"، قال المطري إن الولايات المتحدة "تعمل بشكل إيجابي لإنهاء الأزمة اليمنية"، لكن جهود واشنطن والمجتمع الدولي تصطدم بالرفض الحوثي لتمديد الهدنة.
في وقت سابق من الشهر الحالي، كشف ليندركينغ عن "مطالب متطرفة" تقدم بها الحوثيون المدعومون من إيران الذين أصروا على دفع الرواتب أولا لعناصرهم العسكريين والأمنيين، بينما كانت هناك محادثات إيجابية جارية بشأن دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية اليمنية.
أعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ عن قلق الولايات المتحدة لعدم قبول الحوثيين اقتراح الأمم المتحدة بتمديد الهدنة في اليمن التي انتهت في الثاني من أكتوبر.
وأوضح أن ذلك "خلق عقبة" كان من الصعب جدا على الجانب الآخر التفكير فيها وكانت "غير معقولة تماما".
وقال المبعوث الأميركي إلى اليمن في مؤتمر عبر الهاتف إنه من المهم للغاية بالنسبة للحوثيين أن يعودوا إلى الطاولة وألا يفوتوا فرصة حصول المعلمين والممرضات وموظفي الخدمة المدنية على رواتبهم من خلال هذه المطالب المرتفعة.
وترى الولايات المتحدة أن الحوثيين لديهم "فرصة لدعم اتفاقية هدنة موسعة من شأنها أن توفر لملايين اليمنيين الإغاثة الفورية، بما في ذلك مدفوعات رواتب موظفي الخدمة المدنية التي تشتد الحاجة إليها، وفتح الطرق من وإلى تعز وإضافة المزيد من وجهات الطيران من صنعاء، وطريق إلى عملية سلام دائمة وشاملة".
كانت الهدنة الأخيرة أطول فترة هدوء شهدها اليمن منذ 7 سنوات بعد أن أطاح الحوثيون بالحكومة المعترف بها دوليا من العاصمة صنعاء عام 2014.
وفي مارس 2015، تدخل التحالف تقوده الرياض عسكريا في الصراع الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، مما ادى لمقتل عشرات الآلاف، كما دمر الاقتصاد، وترك الملايين فريسة للجوع.
وقال المطري إن الجمود السياسي الذي يعيشه الملف اليمني حاليا يزيد من سوء الوضع الإنساني على الأرض، الذي تفاقم بسبب تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا.
وأبدى مخاوفه من أن "يتعايش" المجتمع الدولي مع هذه المرحلة، دون ضمان فرض قيود على جماعة الحوثي، التي تسيطر على مناطق يقطنها 14 مليون يمني.
•"خبز وماء وملح فقط"
لطالما هدد الجوع حياة مئات الآلاف من أطفال اليمن بسبب الصراع المستمر منذ 7 سنوات، لكن الوضع ازداد سوءا خلال الفترة الأخيرة.
وقال خبير اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، بيتر سالزبوري، "لقد ضرب الغزو الروسي لأوكرانيا اليمن ثلاث مرات. أولا، بفقدان الإمدادات الغذائية من أوكرانيا وارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية. وثانيا (ارتفاع) أسعار الوقود. وثالثا، من خلال تحول في التركيز الدولي" على ملفات أخرى، وفقا لشبكة "أيه بي سي" الإخبارية.
ويعتمد اليمن على 40 بالمئة من إمداداته من القمح على أوكرانيا مما رفع تكلفة الغذاء في البلد الممزق بنسبة 60 بالمئة عما كان عليه الوضع العام الماضي، بحسب ما نقلت الشبكة الأميركية.
وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، إنه في مدينة الحديدة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة، يستقبل مستشفى الثورة 2500 مريض يوميا، بما في ذلك الأطفال "الذين يعانون من سوء التغذية الشديد".
يعاني حوالي 2.2 مليون طفل يمني دون سن الخامسة من الجوع. كما يعاني أكثر من نصف مليون شخص من سوء التغذية الحاد. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضعة، عانين من سوء تغذية حاد هذا العام.
وقالت مسويا في مقطع فيديو أصدرته الأمم المتحدة بعد زيارتها لليمن: "هذه واحدة من أتعس الزيارات التي قمت بها في حياتي المهنية. هناك احتياجات هائلة. نصف المستشفيات اليمنية معطل، أو أنها دمرت بالكامل بسبب الحرب".
وأضافت: "نحن بحاجة إلى مزيد من الدعم لإنقاذ حياة الأطفال والنساء والرجال في اليمن".
ويموت طفل في اليمن كل 10 دقائق بسبب مرض يمكن الوقاية منه، وفقا لمنظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية.
يعيش، محمد حسين، 49 عاما، وهو أب لخمسة أبناء، في مخيم للنازحين بضواحي مدينة عبس شمال محافظة حجة.
وقال لشبكة "أي بي سي" إنه نزح أربع مرات منذ بدء الحرب عام 2014، مضيفا: "فقدت منزلي وأرضي الزراعية وكل شيء".
كما فقد حسين ابنا يبلغ من العمر 9 أشهر منذ ثلاث سنوات. ولديه طفلان يتضوران جوعا، أحدهما يبلغ من العمر عاما واحدا والآخر 3 أعوام، حيث يعيش في فقر مدقع لدرجة أنه لا يستطيع أن يأخذ أطفاله إلى المستشفى.
وقال إن طبقهم الرئيسي هو الخبز الممزوج بالماء والملح. وفي بعض الأيام، يقدم الجيران لأسرته اللحوم أو الدجاج أو المعكرونة.
وتابع: "لا يوجد مال وأنا عاطل عن العمل. يمكن أن يموتا أيضا من الجوع"، في إشارة إلى ابنيه.