في صباح يوم هادئ يعتاده أبناء محافظة حضرموت جنوبي شرق اليمن، استفاق سكان مدينة المكلا على وقع جريمة أقدام زوج على إضرام النار في زوجته أمام أبنائها، في حادثة ليست الأولى، ولكنها الأبشع بين حالات العنف ضد المرأة.
كان ذلك في منتصف ليل الثلاثاء 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2020، حين قام زوج مروى البيتي التي تسكن مدينة المُكلّا، بصبّ كمية من البنزين في أنحاء جسدها وأضرم النار فيه، أمام مرأى طفليه البريئين اللذين أصابهما الرعب والخوف والهلع.
لم يستجب لتوسلاتها بمساعدتها على إطفاء الحريق في بداية مراحله، بل انتظر حتى تفحّم جلدها، حسبما جاء في بيان لاهلها يوضح تفاصيل قضية الاعتداء البشع الذي تفاعل معه الرأي العام ومنظمات حقوقية ووسائل علام محلية ودولية مختلفة. ظلت القضية تأخذ حيزا كبيرا من متابعة واهتمام الرأي العام لما يقارب العام.
بعد عام كامل تنطق العدالة
بعد عام من وقوع الجريمة، أعلن قاضي محكمة غرب المكلا اواخر كانون الأول / ديسمبر الماضي إدانة الزوج بقتل زوجته مروى عمدا وعدوانا.
قضى الحكم بحضور أهالي المجني عليها ووسائل الإعلام، بالإعدام قصاصًا وتعزيرًا وإلزام المدان بتعويض أولياء الدم بسبب ما لحقهم من الأضرار المادية والمعنوية.
•قضايا عنف ضد الزوجات
خلال البحث والاطلاع حول هذا التحقيق في قضايا العنف، التقينا احد الفتيات في مركز اتحاد نساء اليمن بمدينة المكلا عاصمة حضرموت. حضرنا لجلسة الاستماع لها وعن قضيتها والاضطهاد الذي تعاني منه من قبل زوجها الغائب عنها لما يقارب السنتين إلى الآن.
تروي فاطمة محمد (اسم مستعار) (22 عاما) أنها تزوجت في شهر نوفمبر / تشرين الثاني 2018، حين كانت لاتزال في سن الثامنة عشرة من العمر .
"بدأ يعاملني بطريقة سيئة بعد شهرين فقط من الزواج. كان يرفض العمل على الإطلاق. لم يقم بتوفير متطلبات المعيشة الأساسية للبيت، وكلما طالبته بالعمل، يقوم بضربي ضربا شديدا وبشكل مستمر"، تسرد فاطمة معاناتها في اعقاب الزواج.
تابعت" صبرت على كل ما يقوم به اتجاهي لأشهر، وقد اضطرني الأمر إلى بيع جميع ما أملك مِن ذهب وحليّ لأجل أن أصرف على بيتي ومعيشتنا وهو رافض أن يعمل تحمّلت مشقة الحياة ومشقة أن أصرف على معيشتنا".
وتذكر فاطمة ان زوجها استمر بضربها حتى بعد ان حملت ووضعت بنتًا، بل وصل به الامر الى الطفلة
البالغة من العمر7 اشهر حينها.
تقول "استمر الحال ما يقارب سنيتن ونصف من المعيشة معه بهذه الطريقة الظالمة بالضرب والاعتداء المستمر".
•تهرّب من المسؤولية
تُواصل فاطمة رواية قصتها بعد معاناة من التعنيف المستمر لها ولطفلتها، فتقول: " بعدها غادر المنزل ولم يعد، له إلى الآن ما يقارب السنتين".
تؤكد "لا نعلم عنه أي شي، ترك لي حملا كبيرا من ديون إيجار المنزل ومتطلبات الحياة ونفقات ابنته الطفلة، وأصبحت معلقة في معاناة مستمرة، وأشد معاناتي في عدم وقوف أهلي بجانبي بسبب أنني وافقت على الزواج منه، بينما كانوا رافضين".
لم تقتصر معاناة فاطمة عند هذا الحد، بل تقول انها لا تزال تتلقى الضرب من أهلها الذين تعيش بينهم حاليا.
ويرفض اهل فاطمة تقديم اي مساعدة في نفقتها ونفقة ابنتها التي صارت تبلغ اليوم من العمر 3 سنوات.
حاليا تبنّى اتحاد نساء اليمن قضيتها لفسخ عقد زواجها بعد غيابه أكثر من سنتين.
تؤكّد عتاب العمودي المحامية المترافعة أمام المحاكم اليمنية أن قضية فاطمة ما زالت في الحكم الابتدائي منظورة أمام محكمة شرق المكلا بطلب فسخ الزواج.
وقدم اتحاد نساء اليمن الدعم القضائي لفاطمة بعد أن قام مركز الاستماع بالجلوس معها ومعرفة التفاصيل الكاملة لما تعرضت له من تعنيف وترك الزوج لها ولطفلتها وغيابه عنهم طوال الفترة الماضية.
•وفاة الجنين بسبب الضرب
"أتعرض للضرب بشكل مستمر مِن زوجي، وذلك جعلني أُسقط الجنين في الشهر الأخير"، هكذا تروي لنا قصتها ومعاناتها مع العنف
عائشة سلطان (اسم مستعار) (37 عاما).
لم تتماسك دموعها من أول كلمة، وظلت تبكي اثناء حديثها: "تزوّجت في أبريل / نيسان 2018،وافقت على الزواج بهذا الشخص الذي كان يرفضه والدي وأهلي".
تابعت "بعد أصراري على الزواج منه، ورفض والدي، وافق أخي على أن يعقد لي". تقول "مرّت شهور وهو لا يريد العمل، ثم بدأ بضربي بشكل متكرّر ودائم، وفي فترة قمتُ ببيع كل أملك مِن ذهب لشراء سيارة له للعمل لكي يصرف على بيته، إلا أنه ما زال يمارس العنف".
وذكرت انه حتي وهي حامل كان يضربها بقسوة على أماكن متفرقة من جسمها وعلى رأسها، ففقدتُ جنينها في الشهر الأخير من الحمل.
تقول عائشة انها ابلغت الجهات المعنية في إدارات الأمن والشرطة المختلفة و عاقل الحارة مرارا بما تتعرض له من عنف من قبل زوجها، لكنه كان يُسجن يوما أو يومين، ثم يتم اطلاق سراحه، ليعود مجددا لنفس العدوان والضرب المستمر.
وحسب عائشة، في بعض الأحيان كان يصل الأمر بزوجها الى ضربها بشدة حتى تضرج بالدماء.
تقول " كان يضربني على الرأس، ويمنعني منعا شديدا من زيارة أهلي في إحدى القرى، وقد تطلقتُ منه مرتين، ولكني أرجع له بسبب ابنتي الطفلة التي معي، وبسبب عدم وقوف أهلي إلى جانبي".
خلال التحقيق والمقابلة مع المعنفة اطلعنا على تقرير طبي صادر عن أحد المستشفيات لإحدى وقائع الاعتداء على عائشة. (وثيقة)
الطلاق الأخير
لجأت المعنفة عائشة سلطان إلى اتحاد نساء اليمن -فرع الساحل في محاولة لحمايتها من الواقع المرير الذي تعيشه كل يوم.
خضعت لجلسات استماع متواصلة عبر مختصّ الاستماع في الاتحاد لمعرفة كل تفاصيل قضيتها بحضور محامية تترافع عنها وتدافع عنها لحمايتها من تكرار حال وضعها المعنف من قبل زوجها واحتياجها للدعم القانوني.
أكّدت لنا عتاب العمودي المحامية المترافعة أمام المحاكم اليمنية، وهي تعمل محامية مترافعة لمصلحة اتحاد نساء اليمن بالمكلا أن قضية عائشة منظورة أمام محكمة شرق المكلا الابتدائية. وتتوقع ان يتم فيها إقرار الحكم المتضمن فسخ الزواج من الزوج بسبب الاعتداءات المتكررة وإلزامه بالنفقة على ابنته.
اضافت "من المنتظر أن تحسم القضية من المحكمة في شهر آب / أغسطس الجاري.
•نتائج مخيفة
اظهرت دراسة بحثية ميدانية صدرت عام 2021 حول العنف الأسري ضد المرأة بمدينة المكلا ان 55 بالمائة من النساء اللاتي تعرضن للعنف تتراوح أعمارهن بين 20-25 سنة.
وخلصت نتائج الدراسة التي قامت بها مجموعة من الباحثات بكلية البنات قسم الخدمة الاجتماعية بجامعة حضرموت بإشراف الدكتورة لمياء باصنه الى أن العامل الرئيسي في العنف النفسي للمرأة يعود الى الزواج المبكر.
وتوصلت الدراسة التي شملت العنف الأسري ضد المرأة وأسباب تزايد حالاته وأنواعه بشكل تحليلي واسع، الى ان
العنف الاجتماعي المتمثل بإجبار الزوج للزوجة على خدمة أهله يشكل نسبة 68.6 بالمائة، وهو ما يؤدي إلى تكوين امرأة ضعيفة في شخصيتها الاجتماعية.
كما كشفت الدراسة أن أعلى نسبة في أنواع العنف الذي تتعرض له هو العنف الاجتماعي (بنسبة 70.76 %)، وكذا العنف الاقتصادي المتمثل في حرمانها من حقها في العمل (بنسبة 74.58 %).
وأوضحت الدراسة أن أولى الأسباب والدوافع للعنف ضد المرأة هو الإهمال وإظهار السيطرة على الأسرة.
وتشير الدراسة إلى أن المجتمع شهد عددا من محاولات العنف الأسري؛ إذ تعاني المرأة التي يمارس العنف ضدها من مختلف أنواع الإساءة الجسدية والنفسية والصحية والجنسية والاجتماعية والاقتصادية.
ووفقا للدراسة فأن المرأة قد تعاني من أكثر من نوع في وقت واحد؛ إذ يبلغ عدد حالات العنف الذي رُصد بحسب قسم إدارة الحالة بمستشفى المكلا للأمومة والطفولة (باشراحيل) نحو 214 حالة عنف حسب إحصائية عام 2019 فقط.
وتشير إحصائية صادرة عن المحكمة الابتدائية وغرب المكلا الابتدائية انها تتلقى حوالي 10 حالات شهريا لقضايا شخصية تتعلق بالعنف ضد المرأة.
في حين بلغ عدد المعنفات 570 حالة بحسب ما أوضحت الدراسة تلك الإحصائيات.
•شهادة طبيبة لحوادث واقعية
أثناء الاطلاع على الدراسة، أجريت مقابلة مع الطبية الدكتورة "سارة بامهدي"، وسردت بعض حوادث حالات معنفة قابلتها شخصيا في أثناء أداء عملها في أحد المستشفيات بمدينة المكلا، فتقول: "اطلعت على حالة امرأة تبلغ من العمر30 عاما، جاءت إلى الطوارئ بعد ضرب زوجها لها، وكانت آثار الضرب حول عينها واضحة".
تضيف "كذلك اطلعت على حالة متزوجة تبلغ من السن 22 عاما جاءت بعد محاولة انتحار بابتلاعها مبيدا حشريا، وبعد معاينة حالتها واستقرارها، رفضت الحديث وكانت خائفة بشكل مرعب وشديد".
وتشير الدكتورة "بامهدي" إلى أن من حالات العنف التي قابلتها حالة (تبلغ من العمر 35 عاما) تعرضت للضرب من جارها بسبب مشكلة بينه وبين زوجها في اعتداء صارخ"، حد قولها.
ومن بين تلك الحالات تذكر ايضا حالة تبلغ من العمر 55 عاما جاءت بأعراض الإصابة بأزمة قلبية أكدتها كل الفحوصات والتقارير، إلا أن أبناءها ينكرون إصابتها بشدة وكأنه عار، فيما كانت الأم تنظر لهم بصمت.
تقول "كذلك قابلت امرأة مطلقة تبلغ من العمر 45 عاما تحكي أنها تعرضت للأذى من جارها الذي يقف عاريًا أمام منزلها ليتحرش بها، ولينتهي الأمر معه بعراك مع ابنها الوحيد البالغ من العمر 18 عاما، فيُحبس لأن جارها له معارف في الأمن والشرطة".
اضافت" هذا آخر نقاش دار بيننا، وأراها تتسول في الشوارع أحيانا".
تتابع" كذلك قابلت حالة أخرى لامرأة تبلغ من العمر 22 عاما متزوجة جاءت تعاني من نزيف بسبب حمل مهدد بالإسقاط. كانت خائفة لدرجة أنها تبكي بشدة"
تؤكد انه اتضح لها ان الفتاة كانت حديثة الزواج، وانها مرعوبة من ان يسقط جنينها لان زوجها كان يريدها أن تحمل بأسرع وقت رغم غيابة عن البيت وتواجدة في عمله في احد المناطق البعيدة حيث يقضي شهرا كاملا ويتواجد في إجازته القصيرة بالبيت فقط".
•غياب المساحات الآمنة
خلال التحقيق التقينا بالدكتورة "سارة بامهدي" الطبية والناشطة المجتمعية التي تؤكد أن المرأة في حضرموت تتعرض فعلا إلى التعنيف.
تقول انها شاهدت حالات تعنيف منها ضرب وعليها الآثار، ومنها حالات تعنيف نفسي من الضغط والإجهاد المستمر دون رحمة، وكذا من الناحية الصحية هناك كثير من الحالات التي تتعرض لكسور أو جروح أو آثار جروح أو آثار اعتداء كالضرب، وتعتبر أدلة قوية تثبت تعرض المرأة للعنف حتى لو أنكرت.
وعن أسباب تزايد حالات العنف في الفترة الأخيرة، تشير "بامهدي" إلى أنها كثيرة، وأولها غياب الوازع الديني والأوضاع الاقتصادية المتردية وغياب القانون وجهل المرأة بحقوقها، وتزيد حالات العنف في حضرموت بشكل غير مسبوق.
وترى ان هذا التزايد في حالات العنف لا يتماشى مع عادات وتقاليد المجتمع الحضرمي
كما تذكر من الأسباب أنه لا يوجد مساحة آمنة حقيقية للنساء في حضرموت، ولأن النساء غالبا ما يتواصلن بعائلتهن والقبيلة، فلذا نادرا ما تتواصل النساء مع المساحات الآمنة؛ لأنها تُعدّ نوعا من أنواع العار للعائلة وللمرأة نفسها.
•إحصاءات
يقوم اتحاد نساء اليمن فرع ساحل ووادي حضرموت، المختص في دعم المرأة وتعزيز قدراتها وحمايتها على العمل بشكل خاص على رصد كثير من إحصاءات العنف المختلفة من قبل مراكز الاستماع لها بعد عدة جلسات.
كما يقوم فرع الاتحاد بمتابعة كثير من قضايا العنف والاضطهاد ضد المرأة والدفاع عن الضحايا والمطالبة بحقوقهن.
ومن خلال تحقيقنا اطلعنا على نتائج بعض الإحصاءات بفرعي الاتحاد بمدينة المكلا بساحل حضرموت ومدينة سيؤون بوادي حضرموت حسب ماهي مفصلة في الجداول التالية وصور الانفوجرافك:
العام / نوع العنف | عنف جنسي | عنف جسدي | عنف لفظي | عنف نفسي | عنف اقتصادي | عنف مؤسسي | تحرش | اغتصاب | زواج قسري | عدم نفقة | حرمان من التعليم | حرمان من الإرث | حضانة أولاد | فسخ عقد | قضايا أمام المحكمة | توثيق طلاق واستخراج شهادات ميلادحكمة | طلاق |
2014 | 10 | 7 | 12 | ||||||||||||||
2016 | 34 | 3 | 7 | ||||||||||||||
2017 | 10 | 18 | 6 | 8 | 3 | 19 | 2 | ||||||||||
2018 | 6 | 1 | 3 | 31 | 2 | ||||||||||||
2019 | 10 | 1 | 8 | 1 | 51 | 34 | |||||||||||
2020 | 3 | 9 | 3 | 36 | 5 | 7 | 67 | 31 | |||||||||
2021 | 1 | 8 | 35 | 2 | 8 | 21 | 27 | 13 |
* ملاحظة: عام 2015 عدد الحالات تشمل 32 حالة غالبيتهم من النازحين الحرب.
* المصدر: مركز الاستماع – اتحاد نساء اليمن فرع ساحل حضرموت.
جدول يبين إحصائية خدمات الدعم والمساندة التي قدمها اتحاد نساء اليمن فرع ساحل حضرموت للمرأة المعنفة
العام / نوع الخدمة |
الدعم لنفسي |
الدعم الصحي |
استشارة |
صلح ذات البين |
2016 |
55 |
9 |
|
|
2020 |
|
|
11 |
4 |
2021 |
|
|
2 |
2 |
*المصدر: مركز الاستماع – اتحاد نساء اليمن فرع ساحل حضرموت.
إجمالي عدد قضايا العنف ضد المرأة المرصودة من قبل مركز الاستماع اتحاد نساء اليمن ساحل حضرموت
العام |
إجمالي الحالات |
2014 |
29 قضية |
2015 |
32 قضية |
2016 |
128 قضية |
2017 |
66 قضية |
2018 |
34 قضية |
2019 |
105 قضية |
2020 |
109 قضية |
2021 |
93 قضية |
المصدر: مركز الاستماع – اتحاد نساء اليمن ساحل حضرموت
إحصائية عن خدمات الحماية باتحاد نساء اليمن فرع وادي حضرموت خلال الفترة من 2019- بداية 2022م
العام |
الفئة |
دعم نفسي واستماع |
استشارة |
دعم قانوني |
صلح |
إيواء |
إحالة لخدمات أخرى |
بلاغ |
إجمالي الخدمات |
2019م |
نساء |
67 |
39 |
30 |
11 |
1 |
|
|
148 |
2020م |
نساء |
130 |
110 |
35 |
7 |
|
19 |
|
301 |
2021م |
نساء |
112 |
112 |
85 |
27 |
8 |
57 |
|
401 |
1-2/2022 |
نساء |
63 |
32 |
15 |
|
2 |
|
14 |
131 |
إحصائية عن خدمات الحماية باتحاد نساء اليمن فرع وادي حضرموت خلال الفترة من 2019- بداية 2022م
•قصور تشريعي
على الرغم من أن المشرع اليمني أعطى للمرأة اليمنية حظا وافرا من الاهتمام في القانون اليمني الخاص والعام، لكن نظرا لجمود بعض القوانين وعدم مواكبتها للتغيرات الاجتماعية والسياسية المتسارعة، والتطور الهائل في الجانب الاجتماعي وفي مفهوم النوع الاجتماعي، يظل هنالك قصور تشريعي ملحوظ في التشريعات الموجودة، خصوصا قانون مناهضة العنف ضد المرأة.
ومن ذلك القصور على سبيل الذكر لا الحصر:
في قانون الأحوال الشخصية المادة 15 حُدد سن بلوغ الزواج بـ15 عاما، ويؤخذ هذا التحديد على القانون اليمني بمخالفة غيره من القوانين والمعاهدات التي تحدد سن الزواج بـ18 عاما.
في قانون الأحوال الشخصية أيضا في المادة 12 التي تتعلق بتعدد الزوجات، اشترطت هذه المادة أن تُشعر الزوجة الجديدة بأنه متزوج بغيرها، وأن يُشعر أيضا الزوجة السابقة برغبته بالزواج من أخرى، وقد قضت المادة بعد التعديل بحذف الشرط الأخير، وهو الأمر الذي أدى إلى كثير من المشاكل الأسرية التي تؤدي إلى العنف في بعض الأحيان.
أيضا ينص قانون الجرائم والعقوبات المادة 41 على أن للمرأة نصف دية الرجل، على الرغم من أن القوانين مصدرها الأساسي هي الشريعة الإسلامية، ولا يوجد نص صريح على هذا الأمر، مما يؤدي إلى الاستهتار بأرواح النساء والفكاك من الجريمة بلا أي تعزير يتناسب مع الجرم.
وفي تعديل المادة 232 من قانون العقوبات شرّعت قتل الزوج لزوجته أو أحد محارمه إذا وجدها في حالة تلبّس بالزنى، واعطته حكما مخففا بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو غرامة مالية. هذا أمر لا سند له في أحكام الشريعة الإسلامية، فالقتل من الحدود الموجبة للقصاص، ووضع التشريع عقوبات لا تتناسب مع قوة الجُرم جعل هذه الجريمة ذريعة لجرائم أخرى بحجة الشرف.
أيضا لم يرد في قانون الجرائم والعقوبات نصوص تتعلق بتجريم ووضع عقوبات مشدّدة على بعض سلوكيات العنف تجاه النساء مثل الجرائم التي تتعلق بتجاوزات المحارم؛ إذ ﻻ يوجد تشريع خاص لمكافحة العنف الأسري في مواد قانون الجرائم والعقوبات يجرم عملية الإجهاض، ولا يوجد استثناء للناجيات من الاغتصاب.
كما لا توجد جريمة محددة تتعلق بالتحرش الجنسي، وقد تخضع بعض أنواع المضايقة لإطار جرائم الأعمال الخادشة لحياء النساء والفتيات، التي يعاقب عليها بموجب المادتين 372، 572 من قانون العقوبات.
•مساعٍ لمشروع قانون مناهضة العنف
تسعى بعض الناشطات اليمنيات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة إلى إصدار قانون وإقراره من قبل السلطة التشريعية ضمن إطار مشروع "قانون مناهضة العنف ضد النساء والفتيات"، ويتضمن نصوصا ومواد قانونية لمواجهة مشاكل وآثار العنف وتحديد ماهية جرائم العنف في المجال الخاص والعام. ويحدّد القانون عددا من الأفعال ويعدّها جرائم عنف في حالة ارتكابها ضد المرأة مع تحديد العقوبات الرادعة لذلك
وقد أعدت مسوّدة لهذا المشروع الخبيرة القانونية اليمنية فتحية عبد الواسع وبمراجعة القاضية إيمان شائف، ووضعت كل الإجراءات وتدابير الحماية القضائية والإدارية لتقديم شكاوى العنف.
وإلى الآن لم يقر أي مشروع قانوني خاص بقانون تجريم العنف تجاه المرأة من المشرّع اليمني، مما خلق توسعا كبيرا وازديادا واسعا لقضايا العنف ضد المرأة في اليمن.
(أنتجت هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية)