في بداية يونيو أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ أن الهدنة الهشة في اليمن التي بدأت في أبريل / نيسان تم تمديدها لشهرين إضافيين، وبعد أسبوعين خلال جلسة إحاطة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سمح غروندبرغ لنفسه بملاحظة وجيزة، واصفاً الهدنة بأنها "غير مسبوقة" و "شيء بدا لا يمكن تصوره في بداية العام" ، و قبل الاعتراف بالكم الهائل من العمل لا تزال هناك أيضاً حاجة شديدة لإنهاء الصراع في اليمن.
وقام غروندبرغ، بشيء لم يتمكن أي من اسلافه من تحقيقه بشأن هذه الهدنة، وصرح ان المستفيد الكبير من الهدنة هو المدني اليمني.
ففي خلال الشهر الأول انخفضت الخسائر في صفوف المدنيين بأكثر من 50 في المائة، ولكن كما اوضح أيضاً فإن تحويل هذه الهدنة الى سلام دائم يتطلب جهداً كبيراً للغاية.
بدايةً تم تمديد الهدنة في اليمن كونها مصلحة جميع الاطراف المتحاربة في اليمن.
ولسوء الحظ يرى القليل وحسب من هؤلاء الأجانب والمحليين أن التسوية التفاوضية والعودة الى دولة موحدة تحقق مصالحهم الفضلى كما توضح الاقتصادات المتنازعة والعدد المتزايد للجماعات المسلحة، ولا يبدو ان أحد مستعد لتقديم تنازلات صعبة لتحقيق السلام.
ومع ذلك هناك بعض الخطوات التي يمكن للأطراف الخارجية مثل الولايات المتحدة اتخاذها على الاقل لتضييق الفجوة بين الأطراف المتعارضة.
ومن جانب الحكومة؛ كان تمديد الهدنة لمدة شهرين ضرورياً لمنح المجلس الرئاسي وقتاً للتنظيم؛ حيث تم تشكيل المجلس المكون من ثمانية أعضاء قبل شهرين فقط عندما استقال الرئيس عبد ربه منصور هادي بشكل نهائي في خطاب تلفزيوني تحت ضغط سعودي قوي.
لكن المجلس الرئاسي الذي من الواضح أنه كان محاولة لإعادة فرض الوحدة على تحالف متصدع مناهض للحوثيين، يتألف من مجموعات متنافسة ذات أهداف مختلفة.
وكان المجلس بحاجة ماسة إلى الشهرين الإضافيين اللذان توفرهما الهدنة الممددة لتشكيل جبهة مشتركة.
وقد يكون التحدي الأكبر هو وضع كل الجماعات المسلحة اليمنية المختلفة تحت قيادة وسيطرة الحكومة.
ففي نهاية شهر مايو، شكلت الحكومة لجنة أمنية وعسكرية مشتركة من 59 شخصاً لتنسيق هذه المهمة، ولكن كانت هناك بالفعل تحديات عديدة حيال هذا.
كما تفيد هذه الهدنة الممتدة الحوثيين الذين ما زالوا يعانون من خسائر في ساحة المعركة في شمال شبوة وجنوب مأرب في يناير كانون الثاني.
و من أجل القيام بدفعة أخرى على مأرب وحقولها النفطية والغازية، يحتاج الحوثيون إلى إعادة تنظيم الهجوم وإعادة التفكير فيه، وتتيح الهدنة للجماعة وقتاً للقيام بذلك.
ومع ذلك، لا ينبغي لأي من هذا أن ينتقص او يستخف بـ المكاسب الحقيقية والإيجابية للغاية التي وفرتها الهدنة.
كما أوضح غروندبرغ في المذكرة التي قدمها إلى مجلس الأمن؛ لم ترد تقارير عن ضربات جوية سعودية على أراضي التي يسيطر عليها الحوثيون ولا ضربات صاروخية عبر الحدود على المملكة العربية السعودية، وأعيد افتتاح مطار صنعاء لأول مرة منذ ما يقرب من ست سنوات.
وحتى الاسبوع الفائت، نقلت ثماني رحلات تجارية "2795 راكبا من صنعاء إلى عمان والقاهرة". كما استأنف الحوثيون والسعودية المحادثات المباشرة والافتراضية.
و على الرغم من كل هذا التقدم، فإن نهاية الحرب في اليمن لا تزال بعيدة المنال، فليس لدى الحوثيين أي نية ولا حافز للتخلي عن سيطرتهم أحادية الجانب على جزء كبير من شمال اليمن ليكونوا جزءاً من دولة يمنية مُعاد توحيدها.
قد لا تكون الجماعة قادرة على الاستيلاء على حقول النفط والغاز في مأرب، والتي ستوفر القاعدة الاقتصادية التي تحتاجها بشدة، لكن التحالف المناهض للحوثيين لم يجبر الجماعة على اتخاذ موقف يتعين عليها فيه التنازل.
وعلى الجانب الحكومي؛ يواصل أعضاء مجلس الرئاسة محاولة هدم بعضهم البعض والتغلب عليهم، على سبيل المثال، في أوائل يونيو، بدأ لواء مدعوم من التحالف بقيادة السعودية حملة تجنيد لمزيد من المقاتلين في أبين وبدأ المجلس الانتقالي الجنوبي في تجنيد المزيد من المقاتلين في عدن بسبب قلقه من أن يكون عدد أفراده أقل.
من الواضح أن مثل هذه الإجراءات والردود لا تفعل الكثير لتعزيز الشعور بالوحدة داخل المجلس الرئاسي أو تقديم جبهة مشتركة ضد الحوثيين.
يواصل المجلس الانتقالي الجنوبي، على الرغم من كون رئيسه عضواً في المجلس الرئاسي، على ان هدفه النهائي هو التأكيد على دولة جنوبية مستقلة.
و هناك أيضاً قضايا هيكلية عميقة يجب التغلب عليها قبل أي اتفاقية سلام.
ففي أبريل الماضي، بعد تشكيل المجلس الرئاسي أعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستودع 3 مليارات دولار إضافية في البنك المركزي الذي تسيطر عليه الحكومة في عدن - بينما يسيطر الحوثيون على البنك المركزي اليمني الآخر في صنعاء - في محاولة لتحقيق الاستقرار في الريال اليمني.
في البداية، بدا أن تدفق السيولة نجح، حيث انتقل الريال في عدن من التداول عند حوالي 1100 إلى 1 مقابل الدولار إلى 650 إلى 1 ، وهو نفس المبلغ تقريباً في صنعاء. لكن بحلول أوائل يونيو ، تبخرت معظم تلك المكاسب الأولية، وعاد الريال اليمني في عدن إلى 1026 مقابل الدولار. (قبل اندلاع الحرب عام 2014 ، كان الريال اليمني ثابتًا عند 250 إلى 1.)
ومما زاد الطين بلة؛ ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 10٪ منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط (فبراير) ومن الممكن أن ترتفع بنسبة 50٪ بحلول نهاية العام.
كما أن تكاليف الوقود آخذة في الارتفاع، مما أدى إلى بعض الاحتجاجات على نطاق صغير في عدن، والتي من المرجح أن تتفاقم وتتوسع مع اشتداد حرارة الصيف.
ولا يمكن للأمم المتحدة ولا الولايات المتحدة إنهاء هذا الصراع بمفردها.
ومع ذلك ، فإن إدارة الرئيس جوزيف بايدن جونيور تضغط على المملكة العربية السعودية لإنهاء الحرب في اليمن منذ توليها السلطة في يناير 2021.
ولم تؤدِ هذه الجهود دائماً إلى النتائج المرجوة، ومن الواضح أن الضغط ببساطة حول إن وقف السعودية للعمليات العسكرية في اليمن لن ينهي الحرب بقدر ما يعزز انتصار الحوثيين.
وبدلاً من ذلك، عندما يسافر بايدن إلى المملكة العربية السعودية في يوليو القادم، يجب عليه الضغط على المملكة العربية السعودية لزيادة دعمها المالي بشكل كبير للحكومة اليمنية والمجلس الرئاسي. فتعزيز قيمة الريال وجعل الغذاء والوقود في متناول المزيد من اليمنيين لن ينهي الحرب، لكنه قد يجعل من انهائها امراً سهلاً.
*جريجوري دي جونسن- عضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن.