اليمن: وزير الإعلام يتهم فرنسا بـ"استسلام أخلاقي" إزاء بث الدعاية الحوثية عبر أقمار يوتلسات
يمن فيوتشر - The Jerusalem Post- ترجمة خاصة الجمعة, 07 نوفمبر, 2025 - 07:50 مساءً
اليمن: وزير الإعلام يتهم فرنسا بـ


اتهم وزير الإعلام معمر الإرياني، في مقال نشرته صحيفة The Jerusalem Post، شبكات البث الأوروبية وعلى رأسها شركة يوتلسات (Eutelsat) الفرنسية، بـ"التواطؤ الأخلاقي" مع جماعة الحوثي، من خلال السماح باستمرار بث قنواتها عبر الأقمار الصناعية الأوروبية، رغم ما تحمله من خطابات تحريضية تمجد العنف وتنشر الكراهية.

وقال الإرياني إن استمرار بث قنوات مثل المسيرة ووسائلها التابعة، يعد خرقًا صارخًا للقوانين الأوروبية والدولية التي تحظر نشر أي محتوى يحرض على الكراهية أو الإرهاب. 
وأضاف أن الجماعة، المدعومة من إيران، تستخدم هذه القنوات لترويج أيديولوجيا متطرفة، من أبرز رموزها شعار "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، واصفًا إياه بالدعوة الصريحة للعنف ضد شعوب وديانات بأكملها.

وأشار إلى أن الحوثيين يسيطرون على حزمة فضائية كاملة عبر أقمار يوتلسات، تشمل قنوات يمنية رسمية مثل "اليمن" و"سبأ" و"الإيمان"، استولت عليها الجماعة بعد اقتحامها مؤسسات الدولة في صنعاء، وتواصل بثها تحت اسم الجمهورية اليمنية. 
واعتبر ذلك "انتهاكًا لمبدأ السيادة الوطنية وتوظيفًا لوسائل الإعلام الرسمية في خدمة فصيل مسلح غير شرعي".

ورأى الوزير أن السماح باستمرار هذا البث يفاقم خطر التطرف عبر غسل أدمغة الأطفال وتوريث العداء الطائفي لجيل جديد، محذرًا من أن الصمت الأوروبي إزاء ذلك يعد "تواطؤًا يقوض مصداقية أوروبا في الدفاع عن حقوق الإنسان".

ودعا الإرياني الحكومة الفرنسية، وهيئة تنظيم السمعي البصري، إلى اتخاذ موقف قانوني وأخلاقي حازم، بإنهاء تراخيص البث وعقود الأقمار الصناعية التي تتيح لهذه الدعاية الوصول إلى ملايين المنازل حول العالم، مؤكدًا أن ما تبثه هذه القنوات "ليس إعلامًا، بل سلاحًا نفسيًا يُستخدم لتفكيك المجتمع اليمني وتسميم وعي أجياله".

وختم بالقول إن غض الطرف عن الدعاية الحوثية استسلام أخلاقي خطير وليس خطأ تقنيًا، داعيًا أوروبا إلى إثبات التزامها الحقيقي بالقيم التي تزعم الدفاع عنها.


نص المقال..

السماح للدعاية الحوثية بالظهور على شبكات البث الأوروبية يُعد استسلامًا أخلاقيًا

معمر الإرياني – The Jerusalem Post

في زمن تدعي فيه الدول الديمقراطية الدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة التطرف العنيف، يبدو من المذهل والمثير للقلق العميق أن الأقمار الصناعية الأوروبية لا تزال تبث دعاية جماعة مسلحة تُصنَّف من قبل كثيرين كمنظمة إرهابية.
ومن خلال قنوات مثل قناة المسيرة ووسائلها التابعة، تبث جماعة الحوثي المدعومة من إيران رسائل يومية تحرض على الكراهية والعنف والجهاد، وتمجد إراقة الدماء، وتغرس الأفكار المتطرفة في عقول الأطفال، وتنشر الانقسام الطائفي في اليمن وخارجه.

وأحد أكثر المظاهر المقلقة في هذا الخطاب يتمثل في الشعار الذي يُجسّد أيديولوجية الحوثيين ويهيمن على بثهم الإعلامي:
"الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام."
هذا ليس شعارًا سياسيًا، بل هو دعوة للكراهية وتحريض مباشر على العنف ضد شعوب وديانات بأكملها.
إن تكرار هذا الشعار في الهتافات المتلفزة وبرامج الأطفال ونشرات الأخبار يحوله إلى سلاح نفسي، يطبع الكراهية في الوعي الجمعي، ويُضفي الشرعية على العنف، ويضمن توريث التعصب من جيل إلى آخر.

تُدير حركة الحوثي اليوم حزمة فضائية كاملة عبر أقمار يوتلسات الأوروبية، ولا تشمل منابرها الدعائية الخاصة وحسب، بل أيضًا قنوات يمنية كانت مملوكة للدولة واستولت عليها الجماعة بعد اقتحامها المرافق الحكومية في صنعاء، مثل قناة اليمن وقناة سبأ وقناة الإيمان.
وتواصل هذه القنوات، التي لا تزال تبث تحت الاسم الرسمي وشعار الجمهورية اليمنية، عملها كأدوات في يد فصيل مسلح تعتبره العديد من الحكومات والمؤسسات الدولية — بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا — كيانًا غير شرعي.
وبسماحها لهذه القنوات المنهوبة بمواصلة البث تحت سيطرة الحوثيين، لا تكتفي شركة يوتلسات (Eutelsat) بتسهيل نشر الدعاية المتطرفة، بل تنتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وقواعد تنظيم الإعلام، ومفهوم السيادة الوطنية.

- *قنوات قد تتسبب في ضياع جيل جديد بفعل التطرف*

كل يوم تستمر فيه هذه القنوات بالبث يعني مزيدًا من الأطفال الذين يُغسل وعيهم، ومزيدًا من الكراهية التي تُزرع في النفوس، وجيلًا آخر يُفقد لصالح التطرف.
إن الضرر ليس نظريًا أو رمزيًا؛ بل يمكن قياسه في المدارس التي يُلقَّن فيها الأطفال اليمنيون شعارات الموت بدلًا من تعلم العلوم، وفي المجتمعات التي حل فيها الخوف والتعصب محل التعايش.
وقد اتخذت الحكومات الغربية، وبحق، إجراءات صارمة ضد التطرف الإلكتروني، فأغلقت المواقع، وجمدت الحسابات، وفرضت عقوبات على المنصات التي تستضيف محتوى إرهابيًا.
ومع ذلك، حين يُبثّ المحتوى ذاته عبر الأقمار الصناعية الأوروبية، يكون الصمت مطبقًا وصادمًا.
وهذا التناقض في المعايير لا يُمثل حيادًا، بل تواطؤًا.
كما أنه يقوض المصداقية الأخلاقية للخطاب الأوروبي حول حقوق الإنسان، ويُضعف مكانة أوروبا في قيادة الجهود لمكافحة التطرف العنيف.
وفي جوهره، يُجسد ذلك الإخفاق الأخلاقي الأوروبي فشلًا في التمسك بالقيم التي تدّعي أوروبا الدفاع عنها حين تواجه دعاية متطرفة تُبث من أراضيها ذاتها.
وعلى شركة يوتلسات وهيئة تنظيم السمعي البصري الفرنسية أن تكفّا عن الاحتماء بالذرائع التقنية والتبريرات البيروقراطية.

وتحظر القوانين الأوروبية والدولية صراحة نشر أي محتوى يحرض على الكراهية أو العنف أو الإرهاب.
وتتحمل فرنسا، بصفتها دولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي ومهد مبادئ الحرية والمساواة والإخاء، مسؤولية قانونية وأخلاقية في اتخاذ موقف حازم.
وعليها أن تضمن أن تقوم هيئة تنظيم السمعي البصري بتطبيق لوائحها، وأن تُنهي أي تراخيص بث أو عقود أقمار صناعية تتيح لدعاية الحوثيين الوصول إلى ملايين المنازل حول العالم.
فالقضية ليست شأنًا يمنيًا محضًا.
وما يقوم به الحوثيون ليس عملًا إعلاميًا، بل هو آلة دعائية صُمّمت بإشراف إيراني، تُستخدم كسلاح نفسي يستهدف تفكيك النسيج الاجتماعي اليمني وتسميم وعي جيل كامل.
وكل يوم تستمر فيه هذه القنوات على الهواء، يُفقد جزءٌ جديد من مستقبل اليمن.
وإن كان الغرب يؤمن حقًا بالحرية والسلام وكرامة الإنسان، فعليه أن يطبّق المعايير نفسها التي يطالب بها الآخرين.
فغض الطرف عن الدعاية الحوثية عبر الأقمار الأوروبية ليس خطأً تقنيًا، بل استسلامٌ أخلاقي.
وسيسجل التاريخ مواقف أولئك الذين اختاروا أن يُديروا ظهورهم للحقائق.


التعليقات