يحيي المجتمع الإنساني اليوم، "اليوم العالمي للعمل الإنساني"، باعتباره محطة لتقدير الدور الحيوي للعاملين في مجال الإغاثة، وتكريم أولئك الذين فقدوا حياتهم أو خاطروا بها أثناء أداء واجبهم. كما يُعد هذا اليوم مناسبة للتأمل في معاناة ملايين البشر حول العالم – ومن بينهم اليمنيون – ممن حاصرتهم الأزمات، وللتأكيد مجدداً على مسؤوليتنا المشتركة في حماية شرايين الحياة الإنسانية التي يعتمدون عليها.
إن استهداف العاملين في المجال الإنساني لا يُعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني فحسب، بل هو أيضاً اعتداء غير مباشر على الملايين من الفئات الأشد ضعفاً ممن يتلقون خدماتهم. لذا، ينبغي توفير الحماية للعاملين في الإغاثة في جميع الأوقات، وضمان قدرتهم على أداء مهامهم المنقذة للحياة بأمان، بعيداً عن التدخلات أو القيود غير المبررة.
وخلال العام الجاري وحده، تم تسجيل 17 حادثة عنف ضد موظفي الإغاثة وممتلكاتهم في مختلف أنحاء اليمن. كما لا يزال عشرات الموظفين التابعين للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني محتجزين تعسفياً من قبل السلطات بحكم الأمر الواقع، معظمهم منذ أكثر من عام. ويواصل المجتمع الإنساني مطالبته بتوفير الحماية لجميع العاملين في المجال الإنساني، والإفراج الفوري وغير المشروط عن زملائنا المحتجزين.
ويأتي اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام في وقت تتصاعد فيه الاحتياجات الإنسانية على نحو غير مسبوق؛ إذ يشهد اليمن اليوم ثالث أكبر أزمة جوع في العالم، حيث يُتوقع أن يتجاوز عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد 18 مليون نسمة بحلول سبتمبر/أيلول المقبل. كما تتفاقم معدلات سوء التغذية وتفشي الأمراض، بما يحمله ذلك من آثار مدمرة على الأطفال بوجه خاص. وتتزايد أيضاً المخاطر المرتبطة بالحماية، لا سيما بالنسبة للنساء والفتيات والنازحين داخلياً واللاجئين والمهاجرين وذوي الإعاقة وغيرهم من الفئات الأكثر عرضة للخطر.
وفي الوقت الذي يركز فيه المجتمع الإنساني جهوده للوصول إلى الأشد ضعفاً، فإن الخدمات الأساسية التي تعتمد عليها النساء والفتيات والفتيان والرجال للبقاء على قيد الحياة تشهد تقلصاً بسبب تخفيض التمويل والقيود التشغيلية، ما يخلق مساراً خطيراً تتصاعد فيه الاحتياجات فيما يتراجع الدعم.
ورغم هذه التحديات الهائلة، فإن العاملين في المجال الإنساني في اليمن لم يتوقفوا ولن يتوقفوا عن جهودهم لإنقاذ الأرواح والتخفيف من المعاناة في مختلف أنحاء البلاد، جنباً إلى جنب مع المجتمعات التي يخدمونها. وخلال هذا العام، تمكنت 155 منظمة إغاثية من الوصول شهرياً إلى أكثر من 3.2 مليون شخص، بتقديم مساعدات أساسية شملت المياه النظيفة، والغذاء، والرعاية الصحية، والمساعدات في مجال الحماية، والمأوى، والمواد غير الغذائية، والدعم النقدي. وتقول بشرى، وهي إحدى العاملات في المجال الإنساني باليمن: «إنه ليس مجرد عمل مهني، بل هو رسالة أعمق وأسمى، ودعوة إلى التواجد في أماكن غالباً ما يشعر الناس فيها بأنهم منسيون، ومنحهم الأمل والعون والكرامة في أشد الأوقات حاجة إلى ذلك».
واليوم، نقف مع جميع العاملين في المجال الإنساني في اليمن وحول العالم، الذين يتحدّون الصعاب ويخاطرون بحياتهم من أجل خدمة المحتاجين. وفي هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، يتعين على المجتمع الدولي أن #يتحرك_من_أجل_الإنسانية لحماية وتمكين عملهم الحيوي.