دعا خبراء محليون وأمميون إلى حوار بين الأطراف اليمنية المختصة وشركات الملاحة الدولية لتخفيف الآثار والتداعيات الناجمة عن التصعيد البحري على الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن، وتحييد الملف الاقتصادي عن الصراع والحرب التي تعيشها البلاد، وألقت بآثارها الكارثية على الوضع المعيشي.
جاء ذلك في ختام ندوة "تداعيات الأحداث في البحر الأحمر وخليج عدن على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن"، التي نظمها نادي رجال الأعمال في عدن وفريق الإصلاحات الاقتصادية، بالشراكة مع مركز المشروعات الدولية الخاصة (CIPE).
وطالب خبراء من القطاع الرسمي والخاص والأممي، بفتح حوار عاجل بين الأطراف اليمنية المعنية بالشأن الاقتصادي والإنساني مع شركات واتحادات الملاحة الدولية لوضع حلول وإجراءات تخفف من تكاليف الشحن إلى الموانئ اليمنية وتنظيم جداول الشحن وتسهيل إجراءاته بالتعاون مع السلطات المختلفة.
وأكدوا على ضرورة معالجة التصاعد المستمر في ارتفاع كلفة التأمين البحري على البضائع المتجهة إلى اليمن، عبر "إنشاء صندوق ممول من أطراف إقليمية ودولية لمواجهة مخاطر النقل البحري والمساهمة في تخفيف كلفة التأمين على النقل البحري"، إضافة إلى عددٍ من البدائل لتحسين عملية النقل والشحن البحري، ومنها خلف بديل محلي، بحيث يتم استئجار أو إيجاد أسطول نقل بحري للقيام بعملية الشحن بين الموانئ الرئيسية في البلاد.
وأوصى الخبراء بضرورة إعادة طرح العديد من الرؤى والتوصيات التي كان قد تقدم بها فريق الإصلاحات الاقتصادية بشأن توحيد العملة والحد من تدهور سعر الريال اليمني تحت ما يسمى "مبادرة توحيد السياسة النقدية في اليمن"، وكذلك مبادرة معالجة مشكلات النقل.
وفي افتتاح الندوة، أكد رئيس فريق الإصلاحات الاقتصادية؛ أحمد بازرعة، أهمية مقاربة تداعيات الأحداث في البحر الأحمر وخليج عدن من زاوية إنسانية واقتصادية، والانعكاسات السلبية التي خلفتها الحرب المدمرة على مختلف الأوضاع في البلاد، بالإضافة إلى جهود الفريق على مدى العقد الماضي في تقديم العديد من الرؤى والسياسات التي تهدف إلى تحسين السياسات الاقتصادية لاسيما ما يتعلق بالعملة الوطنية وتحديات النقل وغيرها.
من جهته، أشار رئيس نادي رجال الأعمال في عدن، علي الحبشي إلى التأثيرات السلبية للتصعيد البحري على مصالح الناس وأحوالهم المعيشية المتدهورة أصلاً بسبب الحرب، وأهمية خلق حوار مع مختلف الأطراف المحلية والدولية للتخفيف من هذه الآثار، والعمل المكثف من أجل وقف الحرب التي تعد السبب الرئيسي لكافة المشاكل الإنسانية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
فيما شدد الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور يوسف سعيد على أهمية التحرك لمنع الممارسات المضرة بالاقتصاد ومصالح القطاع الخاص، مثل الإتاوات المالية التي تفرض من المناطق الداخلية، وضرورة الحاجة إلى زيادة تدخلات الدولة في مجال البنية التحتية والكهرباء والمياه والصرف الصحي، وإصلاح الطرق وزيادة الاستثمارات، وحماية المدنيين ومكافحة الفساد، وضمان الوصول المرن للمنظمات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة.
وكشف نائب مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في عدن؛ الدكتور سعيد حرسي، أن هناك تركيز قوي على رفع مستوى الدعم الإنساني بالشراكة مع المنظومة الدولية والشركاء المحليين، وتوسيع التدخلات التنموية بالتوازي مع العمل الإنساني، مع ضرورة توحيد الجهود من داخل اليمن والدول المانحة والشركاء والمجتمع الدولي حتى تكون في ذات السياق الإنساني والتنموي.
من جانبه، دعا المستشار الأول في مجموعة هائل سعيد أنعم وشركائه، وعضو فريق الإصلاحات الاقتصادية؛ مازن أمان إلى ضرورة التركيز على قضية تدهور العملة، كونها أم المشاكل، وأساس للكثير من التحديات المذكورة التي يواجهها القطاع الخاص، وقال: "إن أي إصلاحات سواء على مستوى الدولة أو القطاع الخاص لن تحقق شيئاً طالما هناك تدهور في قيمة العملة المحلية، حيث أن تأثيرها يكون كبيراً على المواطن والقطاع الخاص".
وأوضح أمان أن ارتفاع أجور الشحن وتكاليف التأمين البحري جراء التصعيد البحري ضاعف من حدة صعوبة الأوضاع المعيشية السيئة لليمنيين، كما أرهقت كاهل القطاع الخاص الذي تحمل الكثير من الضغوطات من أجل استمراره في القيام بدوره في الحفاظ على توفير الغذاء الأساسي للمواطنين، لكن "استمرار هذه الضغوط دون توفير تمويلات دولية سيضاعف الأزمة والتداعيات، وربما لن يستطيع القطاع الخاص تحمل المزيد".
وفي مداخلات الندوة، طالب رئيس الغرفة التجارية والصناعية بعدن؛ أبوبكر باعبيد استمرار الرواتب للموظفين وزيادتها، باعتبار أنها ستخفف من التداعيات، خاصة إذا لم تنجح الدولة والمجتمع الدولي من الحد من هذه الأزمة. فيما اقترح رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي؛ مصطفى نصر، إيجاد صندوق لتوفير مبالغ التأمين بالعملة الصعبة؛ لتخفيف حدة ارتفاع التأمين على الشحن البحري والسلع الواصلة إلى اليمن.