اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش، الثلاثاء، أن الحوثيين في اليمن يستغلون القضية الفلسطينية والحرب في قطاع غزة لتجنيد المزيد من الأطفال الذين يرسلونهم إلى جبهات القتال داخل البلاد.
وأفادت المنظمة في بيان بأن الجماعة المسلحة، التي أعادت الولايات المتحدة تصنيفها على أنها إرهابية، جندت آلاف الأطفال ودمجتهم في قواتها المسلحة بعد السابع من أكتوبر، وأن أعمار بعضهم لا تتجاوز 13 عاما، مشيرة إلى أن تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما يمثل جريمة حرب.
ونقلت المنظمة عن نشطاء أنه في حين يجند الحوثيون الأطفال بشكل ممنهج في اليمن منذ عام 2009 على الأقل، إلا أن إقدامهم على تجنيدهم زاد بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية، وسط الأعمال القتالية في غزة.
وفي العاشر من أكتوبر الماضي، ألقى زعيم حركة الحوثيين، المعروفين أيضا بـ "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي خطابا دعا فيه إلى الاستعداد للدفاع عن فلسطين، ردا على الفظائع خلال القتال بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة منذ السابع من أكتوبر.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنها تحدثت مع 5 نشطاء حقوقيين وأفراد يعملون مع منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء اليمن، أكدوا حصول زيادة كبيرة في تجنيد الأطفال في الأشهر الأخيرة.
•أطفال في الخطوط الأمامية
وقالت سيدة تدير منظمة غير حكومية تركز على حقوق الإنسان: "يجعل الحوثيون الأطفال يعتقدون أنهم سيقاتلون من أجل تحرير فلسطين، لكن الأمر انتهى بهم بإرسالهم إلى (الخطوط الأمامية في) مأرب وتعز. في الواقع، غزة التي يقصدها الحوثيون هي مأرب"، وهي مدينة يمنية ذات موارد نفطية هاجمها الحوثيون مرارا.
ويحاصر الحوثيون بشكل غير قانوني الجزء الشمالي الشرقي من مدينة تعز منذ 2015، حيث منعوا وصول المياه والمساعدات الإنسانية إلى المدنيين، بحسب هيومن رايتس ووتش.
ففي 16 نوفمبر، أعلن الحوثيون خلال حفل تخريج الدفعة الأولى من المجندين منذ السابع من أكتوبر، أنهم سيشكلون ألوية عسكرية جديدة لتنفيذ توجيهات الحوثي التي أصدرها في العاشر من أكتوبر.
وأشارت وسائل إعلام تابعة للحوثيين إنه على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، جند الحوثيون أكثر من 70 ألف مقاتل جديد، بما يشمل محافظات ذمار، وحجة، والحديدة، وصنعاء، وصعدة، وعمران.
وقال عضو المكتب السياسي للحوثيين، حُذام أسعد، لوسائل إعلام مختلفة إنه بخصوص التعبئة العامة المتعلقة بغزة، فقد تم افتتاح معسكرات تدريب وتطوع عشرات آلاف الشباب للحصول على التدريب العسكري، وقد تم بالفعل تخريج عدة مجموعات في مختلف محافظات اليمن.
وفي النشرات الإخبارية التي تتحدث عن أعمال التجنيد الأخيرة التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية للحوثيين، "سبأ نت"، تظهر الصور أشخاصا يبدو أنهم أطفال.
•سلال غذائية
وقالت ناشطة حقوقية في صنعاء: "في حين أن السبب الرئيسي وراء قيام الأسر بإرسال أطفالها هو موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، فإن الحوثيين يقدمون الرواتب والسلال الغذائية إلى أسر الراغبين في الانضمام إليهم، وهي طريقة ناجحة في ظل تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي".
وبحسب هيومن رايتس ووتش، فإنه من خلال استغلال المؤسسات الرسمية، بما فيها المدارس، تمكن الحوثيون من الاستفادة من مجموعة واسعة من الأطفال. كما أفاد الأمين العام للأمم المتحدة عن استخدام الحوثيين المرافق التعليمية لأغراض عسكرية.
كما وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام الحوثيين المساعدات الإنسانية لتجنيد الرجال والأطفال في قواتهم.
ويحتاج 21.6 مليون شخص على الأقل في اليمن، حوالي ثلثَي السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، ويكافح 80 في المئة من سكان البلاد لتوفير الغذاء والحصول على الخدمات الأساسية وفقا لـ "صندوق الأمم المتحدة للسكان".
•آفة قديمة متصاعدة
وجنّد الحوثيون آلاف الأطفال منذ بدء النزاع في اليمن العام 2014. وتحققت "الأمم المتحدة" ممّا لا يقل عن 1851 حالة فردية لتجنيد الأطفال أو استخدامهم من قبل الحوثيين منذ 2010.
وبحسب "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" و"منظمة سام للحقوق والحريات"، وهي منظمة مجتمع مدني يمنية، جنّد الحوثيون أكثر من 10 آلاف طفل بين 2014 و2021. كما جندت الحكومة اليمنية الأطفال طوال فترة النزاع على الرغم من خطة العمل لإنهاء تجنيد الأطفال، التي وقعتها مع الأمم المتحدة العام 2014.
وأدرج الأمين العام للأمم المتحدة الحوثيين في قائمته السنوية للجماعات المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في النزاعات المسلحة في كل عام منذ 2011.
وأدرج الحوثيون في البداية على القائمة بسبب إقدامهم على تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، ومنذ عام 2016 أدرجوا أيضا على القائمة بسبب قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات.
ويأتي تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش رغم أن الحوثيين وقعوا في 2022 خطة عمل مع الأمم المتحدة ترمي إلى إنهاء الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم في قوات الحوثيين، والالتزام بتسريح جميع الأطفال من قواتهم في غضون ستة أشهر.
وبحسب تقارير، فقد أدت الغارات الجوية الأميركية والبريطانية المستمرة على اليمن إلى زيادة الدعم المحلي للحوثيين، مما عزز قدرتهم على تجنيد الأطفال.
وأشارت الباحثة في "مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ميساء شجاع الدين لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن "الحوثيين يربطون هجماتهم في البحر الأحمر بدعم غزة، وهي ذريعة أخلاقية لمعظم الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وزادت هذه الهجمات قدرتهم على التجنيد، خاصة في المناطق القبلية الشمالية".
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي في اليمن".
وأضافت أنه "ينبغي على الحوثيين استثمار الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في مناطق سيطرتهم، مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدل استبدال طفولتهم بالنزاع".
وشددت على أن "مستقبل اليمن يعتمد على أطفاله. يثبت الحوثيون أن المستقبل الوحيد الذي يرونه للبلاد أن يكون هدف الجميع القتال من أجل قضية هذه الجماعة".