أخفق التدخل العسكري الأميركي حتى الآن في وقف الهجمات التي تشنها مجموعات مسلّحة مدعومة من إيران على القوات الأميركية في الشرق الأوسط وسفن الشحن في البحر الأحمر، مع استمرار التهديدات رغم الضربات الجوية المكثفة الأخيرة.
تنفَّذ الهجمات التي تشنها مجموعات مسلحة تقول إنها تضامنا مع غزة التي تشهد حربا بين إسرائيل وحركة حماس، من أربع دول ما يشكّل تحديا متعدد الجبهات للولايات المتحدة التي تسعى للتخفيف من الاضطرابات مع تجنب صراع مباشر مع إيران.
والأسبوع الماضي، شنّت الولايات المتحدة عشرات الضربات الجوية على أهداف مرتبطة بإيران في العراق وسوريا ردا على هجوم مسيّرة أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن، ونفّذت كذلك ضربات مشتركة مع بريطانيا ضد المتمردين اليمنيين خلال عطلة نهاية الأسبوع.
لكن القوات الأميركية استُهدفت بعد ذلك في سوريا، بينما شن المتمردون الحوثيون في اليمن هجمات جديدة على سفن تجارية.
وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون ألترمان "أعتقد أننا سنشهد استمرار مستوى معين من العنف لبعض الوقت. إيران والمجموعات التي تدعمها لا تريدان إعلان الاستسلام".
وأضاف "في الوقت نفسه، أعتقد أن عدد الهجمات وحجمها سيتضاءلان، ويعود ذلك إلى سببين الأول هو أن الضربات الأميركية تقلل من قدراتهما، والثاني هو أنهما تريدان قليل الخسائر".
- استمرار الهجمات -
وردا على سؤال عما إذا كان البنتاغون يخطط لحملة عسكرية طويلة في العراق وسوريا، قال الناطق باسمه الجنرال بات رايدر "كما أرى الأمر، لن تكون تلك هي الحال".
وقال رايدر ردا على سؤال عما إذا كانت الضربات الجوية ستستمر طالما أن الهجمات على القوات الأميركية متواصلة "سنتخذ كل الإجراءات الضرورية المطلوبة لحماية قواتنا".
وقالت ميشيل غرايز وهي باحثة في مجال السياسات في مؤسسة "راند" غير الربحية إن "هناك احتمالا أن نشهد استمرار الهجمات بالوكالة طوال فترة الحرب (بين إسرائيل وحماس) علما أن شدة تلك الهجمات وتواترها قد تتغيران".
وأضافت أن هناك سيناريو تستمر فيه الهجمات حتى بعد انتهاء الحرب، لكنها أشارت إلى أنها تتوقع "أن تؤدي هدنة ممدّدة إلى وقف الهجمات الحالية، على الأقل في المدى القريب".
وأدى الغضب من الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة والتي بدأت عقب هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي شنته حماس، إلى تأجيج أعمال العنف التي انخرطت فيها المجموعات المسلحة المدعومة من إيران في لبنان والعراق وسوريا واليمن.
•هجمات متكررة
استُهدفت القوات الأميركية في الشرق الأوسط أكثر من 165 مرة خلال الأشهر الأربعة الماضية، مع إعلان تحالف يضم مجموعات مسلحة مدعومة من طهران ويعارض دعم واشنطن لإسرائيل ووجود القوات الأميركية في المنطقة، مسؤوليته عن العديد من الهجمات.
وحدثت معظم الهجمات في العراق وسوريا، لكن واحدة وقعت في الأردن في 28 كانون الثاني/يناير عندما قصفت مسيّرة قاعدة عسكرية ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات.
وردّت الولايات المتحدة بضربات جوية على العراق وسوريا الجمعة، وقالت إنها ستنفّذ المزيد لكن ذلك لم يحل دون تعرض القوات الأميركية للهجوم في الأيام اللاحقة، وفقا للبنتاغون.
في اليمن، بدأ المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر في تشرين الثاني/نوفمبر، قائلين إنهم كانوا يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل لدعم الفلسطينيين في غزة.
والسبت، شنّت القوات الأميركية والبريطانية الجولة الثالثة من الضربات المشتركة ضد الحوثيين منذ الأسبوع الثاني من كانون الثاني/يناير، وهي الفترة التي نفذت خلالها القوات الأميركية أيضا ضربات جوية منفردة.
لكن خلال الأيام الثلاثة التالية، أعلن الجيش الأميركي تنفيذ ضربات استهدفت صواريخ على الأرض في اليمن ومسيّرتين بحريتين محملتين بمتفجرات تشكل "تهديدا وشيكا"، وقال إن الحوثيين أطلقوا ستة صواريخ باتجاه سفينتين تجاريتين، ما ألحق أضرارا طفيفة بإحداها.
وتقول الولايات المتحدة إن طهران مسؤولة عن تسليح وتمويل المجموعات التي تنفّذ الهجمات، لكنها لم تستهدف إيران حتى الآن إذ تسعى لتجنب حرب مدمرة محتملة.
وقال ألترمان إن "مواجهة مباشرة كبرى تهدد بالتسبب في اندلاع حرب إقليمية مفتوحة بدون نهاية أو أهداف واضحة".
وأضاف "لا أعتقد أن الشعب الاميركي يريد حربا مفتوحة في الشرق الاوسط وهذا ينطبق على أصدقاء أميركا وحلفائها في المنطقة".