دعت 53 منظمة محلية ودولية عاملة في اليمن، الجهات المانحة إلى الاستجابة لمعالجة أزمة اليمن المعقدة والواسعة النطاق والممتدة من خلال الالتزام بالتمويل المطلوب.
واستعرضت المنظمات، في بيان نشره موقع (ريلف ويب) التابع للأمم المتحدة، مؤشرات المأساة الإنسانية في البلاد مع نهاية السنة الثامنة من الحرب، وما تم جمعه حتى نهاية العام الماضي مقارنة بالاحتياج القائم لخطة التمويل الإنساني لهذا العام.
وينعقد أواخر فبراير/شباط الجاري مؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2023 على أمل استكمال التمويل اللازم لجهود الإغاثة خلال العام الجاري.. في ظل انخفاض التمويل نهاية العام الماضي بنسبة 55 بالمئة من أصل 4.3 مليار دولار تتطلبها جهود الإغاثة للوصول إلى 17.3 مليون يمني من الفئات الأشد ضعفًا بحاجة للمساعدات نتيجة للنزاع، وما نجم عنه من نزوح وتدهور اقتصادي.
وبينما يجتمع المجتمع الدولي للتفكير في الوضع الإنساني في اليمن في عام 2023، ويستعد للتعهد بالتمويل وإعادة تركيز الإرادة السياسية نحو معالجة الأزمة تؤكد 53 منظمة غير حكومية محلية ودولية عاملة في اليمن أهمية «النظر فيما تغير وما لم يتغير على مدار عام 2022».
وأكد البيان أن «اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه في العام الماضي برعاية الأمم المتحدة، والذي استمر ستة أشهر، جلب الأمل لملايين اليمنيين، مع انخفاض القتال، وتراجع عدد الضحايا المدنيين والنزوح المرتبط بالنزاع».
وأضاف البيان أنه «على الرغم من أن الصراع العسكري لم يتكثف بشكل كبير منذ انقضاء الهدنة الرسمية في أكتوبر/تشرين الأول 2022، لا تزال الخطوط الأمامية نشطة مع مناوشات متفرقة أدت إلى سقوط ضحايا من المدنيين». «في الوقت نفسه، فإن الاقتصاد المتدهور بسرعة، والبنية التحتية العامة المدمرة، إلى جانب الانخفاض السنوي في التمويل الإنساني، يعني أن حياة اليمنيين العاديين لا تزال مهددة».
وأشار إلى أن «الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية والخدمات، أصبحت أكثر فأكثر بعيدًا عن متناول الكثيرين».
وأكدت المنظمات أن «معالجة قيود الوصول وتحسين جودة الاستجابة في واحدة من أكثر بيئات العمل الإنسانية تحديًا في العالم تعتبر أمرًا بالغ الأهمية لضمان قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على فهم احتياجات اليمنيين المستضعفين وتلبيتها».
كما اعتبرت «التمويل القوي أمرًا بالغ الأهمية للتغلب على الاحتياجات الإنسانية واحتياجات الحماية».
وقالت المنظمات إن «العديد من اليمنيين يكافح للعيش بأمان وكرامة والتمتع بحقوقهم الأساسية أو الحصول على الخدمات. يكافح الفتيان والفتيات اليمنيون للحصول على تعليم جيد، مدركين ما تعنيه الأيام والأشهر والسنوات التي يبتعدون فيها عن الفصول الدراسية لمستقبلهم».
وأضاف البيان: «غالبا ما تكافح النساء والفتيات وكبار السن وذوو الإعاقة والفئات المهمشة مثل المهمشين للحصول على المساعدة الإنسانية ويتحملون وطأة العواقب السلبية التي لا رجعة فيها، مثل الزواج المبكر والتمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي وعدم القدرة على الوصول».
وأشار إلى أنه «تم الإبلاغ حاليًا عن أن أقل من نصف المرافق الصحية تعمل، مع تضرر حوالي 11 بالمائة كليًا أو جزئيًا بسبب النزاع. لا يزال الوصول إلى المرافق الصحية مقيدًا بشدة، حيث يتعين على ما يقرب من 42 في المائة من السكان السفر لأكثر من ساعة للوصول إلى أقرب مستشفى عام يعمل بشكل كامل أو جزئي».
وأكدت المنظمات أنه «على خلفية الاحتياجات المتزايدة، يستمر التمويل الإنساني في الانخفاض. مع استمرار الاتجاه نحو تقليص التمويل الإنساني على الأرجح، بينما تظل الاحتياجات مرتفعة وطول أمد الأزمة، سيتم دفع الجهات الفاعلة الإنسانية لفعل المزيد بموارد أقل، مما يعرض حياة الملايين من اليمنيين للخطر».
وأوضح البيان أنه «في حين أن مستويات التمويل الإجمالية لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 وصلت فقط إلى 52.5 في المائة، كانت العديد من القطاعات على وجه الخصوص تعاني من نقص الموارد. ضمن خطة الحماية، لم يتلق العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية الطفل سوى 6.2 في المائة و6.8 في المائة من التمويل المطلوب».
وأضاف: «تم التحقق من أكثر من 11000 حالة قتل وتشويه للأطفال منذ عام 2015، على الرغم من أن العدد الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى، كما أن الإطار القانوني والسياسي غير الملائم في اليمن قد ساهم بشكل أكبر في زيادة مخاطر حماية الأطفال والفئات المهمشة».
وأشار إلى أنه «على الرغم من انخفاض عدد الضحايا المدنيين في الفترة من أبريل / نيسان إلى أكتوبر / تشرين الأول، زاد عدد ضحايا الألغام الأرضية والذخائر المتفجرة بنسبة 160 في المائة حتى أثناء سريان الهدنة.
هناك حاجة ملحة لتوسيع نطاق الإجراءات الشاملة المتعلقة بالألغام (بما في ذلك مساعدة الضحايا والصحة العقلية والتوعية بالمخاطر) في جميع أنحاء اليمن كجزء من برامج الحماية».
وأوضح أنه «على الرغم من الزيادة المقدرة بنحو 280 ألف طفل خارج المدرسة في عام 2022، واحتياج 8.5 مليون طفل إلى المساعدة للوصول إلى التعليم، تم تمويل خطة التعليم بنسبة 12.2 في المائة فقط. وهذا أقل من نصف ما تم تمويله في العام السابق على الرغم من تزايد الاحتياجات. إن مثل هذه الفجوة الكبيرة في التمويل، إذا تكررت، سيكون لها بلا شك عواقب وخيمة على مستقبل الجيل القادم من القوى العاملة الحاسمة في اليمن وعلى سعي اليمنيين لإعادة بناء حياتهم ومستقبلهم».
وذكر البيان أن «أكثر من 4.5 مليون شخص أجبر على الفرار من ديارهم، مما جعل اليمن سادس أكبر دولة أزمة النزوح في العالم».
وقال: «نرى في عملنا اليومي استمرار تأثير الوضع الإنساني، خاصة أولئك الذين نزحوا من ديارهم. لا تزال الغالبية العظمى من النازحين في حاجة ماسة إلى الخدمات المنقذة للحياة، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية الطفل والرعاية الصحية وخدمات التغذية..على الرغم من ذلك، تم تمويل تنسيق وإدارة المخيمات بنسبة 2.6٪ فقط في عام 2022».
وأشار البيان إلى أنه «في حين أن ثلثي السكان (21.6 مليون شخص) سيعتمدون على المساعدة الإنسانية، تتوقع الجهات الفاعلة الإنسانية أن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 4.3 مليار دولار لتحقيق هدف الوصول إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً إلى حقيقة واقعة».
وتابع البيان: «تراكمت الاحتياجات الإنسانية بسبب سنوات من الصراع وهناك حاجة إلى تمويل مرن طويل الأجل للمساعدة في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة والاستثمار في حلول كريمة ودائمة. بدون ذلك، يخاطر ملايين اليمنيين بالوقوع في دوامة أزمة لسنوات قادمة».
وأضاف: «لا ينبغي أن يخفي احتمال تمديد الهدنة تعقيد التوصل إلى حل سياسي حقيقي للنزاع أو الدور الذي ستلعبه معالجة المستويات القصوى من الاحتياجات الإنسانية في تلك العملية».
وأكد بيان 53 منظمة أنه «حان الوقت الآن للمانحين لاستثمار كل من التمويل والإرادة السياسية لمعالجة الصراع في اليمن والأزمة الإنسانية في وقت واحد».