اليمن: مبادرات فردية للعودة الى زراعة القمح
يمن فيوتشر - رأفت الوافي: الجمعة, 10 فبراير, 2023 - 10:04 مساءً
اليمن: مبادرات فردية للعودة الى زراعة القمح

بدأ مزارعون خلال السنوات الأخيرة في محافظة أبين جنوب اليمن، العودة إلى زراعة القمح؛ لتغطية احتياجاتهم ومتطلباتهم بعد أن تسبب تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين بارتفاع أسعار القمح التجاري المستور من خارج البلاد.
ويعد اليمن أحد البلدان الزراعية منذُ قديم الزمان نظرًا لتنوعه الجغرافي، حيث يعتبر قطاعه الزراعي من أهم القطاعات الاقتصادية التي تلعب دورًا هامًا في إمداد السكان بالمواد الغذائية والمنتجات النباتية، التي شهدت تراجعًا كبيرًا منذُ سبعينات القرن الماضي نتيجة زيادة الاعتماد على الاستيراد الخارجي.

زراعة القمح اليمني
بين غيره من المزارعين العائدين الى انتاج محصول القمح في اليمن، نجح المزارع عامر المعسل في زراعة فدان من القمح أي مايعادل 4200 متر مربع، في محافظة أبين، رغم كثافة الصعوبات التي واجهها.
يروي المزارع عامر المعسل (53 عامًا) تجاربه في زراعة القمح قائلًا: "كانت فكرة زراعة القمح منذُ أن كنت في محافظة شبوة وعندما انتقلتُ إلى أبين وقررت العمل في الزراعة، تمت معارضتي بهدف عدم صلاحية المنطقة لزراعته ، وبعد أن تلقيت نصيحة قيمة من أحد مهندسي الزراعة، جازفت بزراعة قمح حضرمي وغنيمي".
وأضاف المعسل أن حصاده الأول لم يكن بالشكل المطلوب لأنه وكما يؤكد زُرع في غير الموسم.
لم يستسلم عامر لنتيجة التجربة الأولى التي زرعت في غير موسمها واتلفها الندى، بل كان حريصًا هذا العام في اختيار البذور والوقت المناسبين للزراعة.
يتابع المعسل "هذه المرة قمت بزراعة القمح في شهر نوفمبر من العام الماضي لأنه شهر زراعي للقمح، وكانت النتيجة ناجحة بنسبة 80%.
نجح عامر في زراعة فدان قمح بعد ثلاث سنوات من المحاولة ليصبح من أوائل المزارعين الذين يزرعون القمح في البلاد.
في السياق يقول المنهدس الزراعي عبدالقادر السميطي الذي أشرف على تجربة المعسل، إن ما قام به المزارع خلال ثلاث سنوات من التجارب في زراعة القمح، عمل عظيم ويحتذا به خصوصًا أنه بحث عن البذور المناسبة التي جلبها من محافظة شبوة جنوب اليمن.
ويضيف السميطي، أنه عمل على متابعة زراعة القمح على مدى  ثلاثة أشهر  بمعدل زيارتين في كل شهر حتى تأكد من نجاح التجربة وأثمار المحصول، الذي حصده المعسل.
نجحت تجربة عامر في زراعة القمح التي استغرقت  نحو 100 يوم في مديرية خنفر محافظة أبين، آملًا بزراعة عشرة أضعاف المساحة في حال توفر له الدعم خلال الموسم القادم. ويضيف "سوف أقوم بزراعة عشرة فدان خلال العام القادم  لكنني بحاجة  إلى طاقة شمسية أو دعم في مادة الديزل للري".
تأتي تجربة زراعة القمح في أبين، في ظل ما تشهده دولتي روسيا وأوكرانيا - المصدرتين للقمح إلى مختلف دول العالم - من اندلاع حرب بينهما، حيث يستورد اليمن أكثر من 30% من احتياجاته من القمح من هاتين الدولتين. 
على إثر ذلك تراود المواطنين مخاوف كبيرة من انعدام مادة القمح التي تعتبر أساسية في مائدة طعام الأسرة اليمنية، حيث وصل سعر العبوة 50 كيلو جرام منها إلى 42 ألف ريال في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا. 

جهود ذاتية 
حلم بسيط ترافقه عزيمة وإصرار كل ما كان يمتلكه عامر للوصول إلى زراعة القمح في منطقة دلتا بمديرية خنفر وبجهوده الذاتية، استطاع القيام بذلك.
يؤكد عامر أن كل ما قام به من الزراعة بجهوده الذاتية ولم يحصل على أي دعم حكومي أو غير حكومي، وإنما  تلقى وعودا من السلطة المحلية للمحافظة بتوفير طاقة شمسية للري خلال الموسم القادم. 
في سياق ذلك، يقول مدير مكتب الزراعة في محافظة أبين الدكتور حسين الهيثمي، إنه يتابع عن كثب التجربة الزراعية التي قام بها المزارع المعسل، وأنه سوف يتم تشجيعه وتقديم الدعم له و توفير طاقة شمسية لتمكينه من مواصلة الزراعة.
ويضيف الهيثمي، القول إن "عامر من انشط المزارعين ويتمنى من مزارعي أبين أن يحذو حذوه، وأن يزرعوا المناطق التي لم تزرع في باقي المحافظة.

أرض خصبة 
تعتبر محافظة أبين الواقعة جنوب البلاد، نموذجًا للأراضي اليمنية الخصبة التي تغطي احتياجات ومتطلبات الأسواق اليمنية من الخضروات والفواكه بالإضافة إلى زراعة القمح والحبوب التي تقلل من اعتمادها على الاستيراد، رغم حداثة الزراعة فيها.
الجدير ذكره أن زراعة القمح في محافظة أبين بدأت عام 2010، عند قيام أحد المزارعين في منطقة يرامس بهذه التجربة، وكان ناتج محصولها مبشرة الى حد كبير، حيث تمت زراعة صنفيين الأول سيئون، والآخر سيئون2، زرع كل صنف في نصف فدان فقط، النصف الفدان هذا أنتج حوالى 400 كيلو جرام، بحسب المزارع حسين.
استمرت زراعة القمح في محافظة أبين إلى يومنا هذا، بالرغم من أنها ليست بالكميات التجارية المطلوبة، وكان آخرها تلك التي قام بها عامر  المعسل أواخر العام المنصرم. 
عمل المعسل على استزراع نصف فدان لكل من الأربعة الأصناف وهم (صنف غنيمي، وصنف سخاء، وصنف حضرموت، وصنف شبوة)، لكن صنف شبوة زرع في كل المواسم وحقق نسبة إنتاج عالية. يضيف الهيثمي.
بقية الأصناف، لم  تنتج محصولا عاليا، ويرجح حسين أن ذلك قد يكون لعدم تلاؤم المناخ أو أنه لم يُزرع في وقته المناسب.
"علينا الاهتمام بالزراعة خاصة زراعة القمح والحبوب، للوصول إلى الاكتفاء الذاتي والمحافظة على الأمن الغذائي لجميع المواطنين اليمنيين"، يضيف السميطي.
من جهته ناشد حسين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ممثلة بوزارة الري والزراعة بمساعدتهم، سواءً من خلال توفير الطاقة الشمسية أو المدخلات الزراعية من بذور وأسمدة ومبيدات، أو حتى بالقروض البيضاء؛ ليتسنى للمزارعيين زراعة أراضيهم بالنباتات النادرة، مؤكدًا أن أبين سلة الغذاء لمناطق اليمن شمالًا وجنوبًا وان ذلك سيساعدهم في زراعة أراضيهم بطاقة كاملة، في حال التغلب على مشكلة الديزل والمحروقات، فهذه المعوقات أثقلت كاهلهم وجعلت الأرض تتحول إلى صحاري تتسع فيها أشجار السيسبان، ويقل خلالها الإنتاج الزراعي.

احتياجات زراعة القمح
يتكيّف نبات القمح مع مختلف البيئات الرطبة أو الجافة أو المناطق الساحلية، إلا أن المناخ الرطب الناتج عن زيادة معدلات هطول المطر يتسبب بإتلاف جذور المحاصيل وانتشار الأمراض، فيسهم في انخفاض المحصول الزراعي.
تُزرع معظم محاصيل القمح في أراضٍ زراعيّة يتراوح معدل هطول الامطار فيها بين 375 و875 ملم في السنة، ومن ناحية أخرى تعد درجة الحرارة المثالية لنمو القمح 25 درجة مئوية، فيما تتراوح درجة الحرارة الصُغرى بين 3 و4 درجات. وفقا لموقع "موضوع".
أما بالنسبة لنوع التربة التي يُمكن زراعة القمح خلالها فهناك أنواع مختلفة، شرط أن تكون غير حامضية أو غير قلوية أكثر من اللازم، وذات قدرة على الاحتفاظ بالماء أو تصريفه بشكل جيد ومعتدل، لأن القمح يتأثر بشكل كبير باحتباس الماء داخل التربة، إذ تعدّ التربة الطفلية أو الطينية أو التربة الطميّة ملائمة لزراعته.
وتلقى اليمن أول شحنة قمح خلال  العام 1959، كمنحة من الحكومة الأمريكية بلغت 14,000 طنا، ثم تلتها شحنات من القمح والدقيق على شكل هبات وبأسعار رخيصة، تسبب هذا الاستيراد وغيره من الأسباب في تخلي بعض الفلاحين اليمنيين عن القيام بالزراعة، في حين تنامى الاعتماد على القمح والدقيق المستورد من وراء الحدود. 
تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.


كلمات مفتاحية:

زراعة القمح ابين اليمن
التعليقات