اليمن: حرائق مستمرة في مخيمات النازحين بمارب ولا حلول
يمن فيوتشر - بشرى الجرادي: الأحد, 13 نوفمبر, 2022 - 05:00 مساءً
اليمن: حرائق مستمرة في مخيمات النازحين بمارب ولا حلول

"أمر موجع أن تتلقى اتصالًا هاتفيًا تبلغ فيه بأن بيتك احترق وبداخله زوجتك وأولادك"، يقول عبد العزيز راشد، وهو نازح في محافظة مارب تعرّض مسكنه في حي المغاوير للحريق في27 مايو 2022.
يستذكر راشد بحرقة ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم "مساء الجمعة، بينما كانت زوجتي تشعل الموقد لتطبخ لنا العشاء اشتعلت النار في أرجاء المطبخ، بالكاد أنقذت نفسها ومعها طفلي (3 سنوات) وابنتي (سنة ونصف) بعد تعرّضهما لإصابات بالغة في الحريق".
يضيف" كانت زوجتي قد لاحظت تسريبًا للغاز في المطبخ وقامت بفتح النوافذ قبل أن تشعل الموقد وهو ما أنقذ حياتها وخروجها بأضرار بالغة ما تزال تعانيها حتى اللحظة".
وحسب راشد التهمت النار كل ما في المنزل من مقتنيات وفرش ومواد غذائية. 
يتابع "ظلت زوجتي وأولادي شهرًا كاملًا يتلقّون العلاج في المستشفى".
بشير أحمد الناشف، هو الآخر نازح في مارب تعرّض مسكنه لحريق. 
يقول لـ"يمن فيوتشر": ليلة عيد الفطر (1 مايو 2022) اندلع حريق بإحدى الشبكيات التي أسكنها واحترقت بالكامل بما فيها من أثاث وأدوات منزلية.
واكد بان "الحريق التهم حتى خزانات المياه والمكيفات ولم يتبق لدي ولأهل بيتي وأولادي إلا الملابس التي كنا نرتديها".

وجهة نزوح رئيسية
ومنذ عام 2014 باتت محافظة مأرب هي الوجهة الأولى للنازحين من جميع المحافظات اليمنية.
وحتى مطلع العام الجاري (2022) بلغ عدد النازحين إليها 2,222,530 فرداً.
يقول مدير عام الوحدة التنفيذية  لإدارة مخيمات النازحين بمارب سيف مثنى إن هؤلاء النازحين يتوزّعون على 197مخيمًا داخل مدينة مارب والأرياف المحيطة بها.
واشار الى أن معظم هذا العدد يسكن في خيم قطنية قابلة للاشتعال وشبكيات غير آمنه، حيث يتعرضون لحرائق متكررة دون أي حلول أو استجابة من المنظمات الإنسانية لنداءات الاستغاثة التي توجهها الوحدة التنفيذية والنازحين.
ووفقاً للتقرير النصفي الأول للوحدة التنفيذية للعام 2022، فإن مدينة مارب تضم 10 قطاعات يسكنها نازحون إضافة إلى 39 مخيم، منها 5 في حي المطار، و11 في المجمع، و5 في الروضة، ومخيم واحد في حي الشركة، و12 مخيماً في جو النسيم.
إضافة إلى خمسة مخيمات في الأطراف الشمالية للمدينة، و38 مخيماً في القطاع الجنوبي للمدينة، منها 6 في قطاع الفاو، و7 في قطاع السد، و15 في قطاع جو العبر، و5 في قطاع العرش، و5 في قطاع الجبول.
وفي مديرية الوادي القريبة من المدينة يوجد 115 مخيماً منها 11 في القطاع الأول، و12 في القطاع الثاني، و34 مخيماً في القطاع الثالث، و12 في القطاع الرابع، و16 في القطاع السادس، و12 مخيماً في القطاع السابع، و9 في القطاع الثامن.
وتضم في مديرية رغوان (شمال محافظة مارب) 6 مخيمات، ومديرية مدغل المجاورة مخيم واحد، فيما تضم مديرية حريب (جنوب) اثنين مخيمات.
ووفقاً لمثنى، فإن النازحين المتواجدين في هذه المخيمات يتعرضون لحوادث حريق بشكل أسبوعي.

حصاد الحرائق
وعن احصائيات الحرائق خلال الفترة من 2020 وحتى 2022، يقول مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين سيف مثنى إنه في 2020 احتراق 66 مأوى كليًا، منها 59 خيمة و7 شبكيات.
وتسببت تلك الحرائق في وفاة خمسة من المدنيين بينهم ثلاثة أطفال وامرأتين، فصلا عن إصابة  12 شخصًا بينهم ثمانية أطفال وثلاث نساء ورجل وآخر من كبار السن.
وسجل عام 2021 حوادث احتراق 102 مأوى كليًا منها 93 خيمة و6 شبكيات و4 كرفانات.
 وأدت هذه الحرائق لوفاة أربعة أطفال وامرأتين، وإصابة تسعة أطفال وامرأة ورجل.
ومن يناير إلى أكتوبر 2022، تم توثيق احتراق 93 مأوى، اثنان منها جزئياً والبقيّة كلياً، منها 81 خيمة وست شبكيات وخمس كرفانات، إضافة إلى بيت شعبي.
ونتج عنها وفاة 14 نازحاً بينهم ثمانية أطفال وأربع نساء ورجل، وإصابة 11 طفلًا وخمس نساء ورجال.
وعن الخسائر المادية، فقد أسفرت جميع حوادث الحريق المذكورة عن احتراق كلي لكل أدوات ومقتنيات النازحين المنكوبين.

الأسباب 
وتكاد أسباب الحرائق، تنحصر بين التماس الكهربائي وانفجار أسطوانات الغاز المنزلي، وكذا ارتفاع درجة الحرارة والربط العشوائي للتيار الكهربائي.
في 16 أغسطس 2022، اندلع حريقاً في مخيم الوحدة بمنطقة جو النسيم، وطال مساكن 7 أسر.
يقول مندوب المخيم، إن السبب كان تماس كهربائي في شبكية مغطاة بالطرابيل وامتد الحريق ليطال21 شبكية مجاور وأدى إلى احتراق سبع مساكن بالكامل.
وحول الأسباب أيضاً، يقول مثنى، إن تزايد أعداد الحرائق في المخيمات يعود إلى ازدحام المخيمات والربط العشوائي للكهرباء والأهم هو نوعية الخيام والشبكيات والمساكن التي لا يتوفر فيها أدوات السلامة من الحريق.
ومن ضمن الأسباب يقول مثنى إن كثير من النازحين يقومون بعمليات الطبخ داخل تلك الخيام، وهو ما تسبب في حوادث حريق.
وهو ما أكده أيضاً، صالح خريم، مندوب مخيم الوحدة بجو النسيم، الذي قال إن المساحة الصغيرة لمخيم الوحدة وتقارب الخيم من بعضها زاد من عدد حالات الحريق.

تدخلات ضعيفة
وعن استجابة المنظمات الدولية والمحلية لإنقاذ المتضررين وتدخلاتها لمساعدتهم، يقول عبد العزيز عبدالله، أحد المتضررين: كل ما حصلت عليه هو مبلغ 145 ألف ريال وبعض الملابس وأدوات تنظيف فقط من المنظمة الدولية للهجرة،.
وذكر بان مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظة قام بتقديم مبلغ 280 ألف عندما جاؤوا لزيارة زوجتي وأطفالي المتضررين في المستشفى كمساعدة علاجية.
ويضيف أن ما تلقاه من مساعدة لا يمثّل شيئاً أمام ما خسره في الحادثة من أدوات ومقتنيات.
ومن جانبه، يقول بشير الناشف، إن الوحدة التنفيذية استجابت لهم خلال ثلاث ساعات وقدمت لهم خيام وبطانيات وسلة غذائية، إضافة إلى أدوات مطبخ بينما المنظمات لم تقدم له أي شيء حتى اللحظة.
وحول وسائل الوقاية من الحرائق، يقول مندوب مخيم الوحدة ناجي صالح خريم: لا يتوفر لدينا في المخيم أي أدوات حماية أو طوارئ وكل ما أحصل عليه كمندوب مخيم ويحصل عليه المخيم هي أنشطة توعية من خلال اللجان المجتمعية فقط.
ويضيف: هذا المخيم أيضا ليس لديه شريك، ويقصد بالشريك منظمة أو مؤسسات تقوم بالاستجابة للمخيم وتلبّي احتياجاته واحتياجات النازحين فيه.
ووفقاً لخريم، فإنه الحرائق مستمرة في المخيم منذ ما قبل ثلاث سنوات ولم يكن الحريق الذي التهم مساكن الأسر السبع هو الأول. ورغم ذلك، يقول إن "المنظمات لم تقم بصرف أدوات حماية ولم تقدم للمتضررين مساكن أكثر ديمومة رغم نداءاتنا لها".
وفي السياق ذاته، يقول مدير مخيم النسيم عبد الرب حليف، إن التدخل الإنساني في الحرائق التي حدثت في المخيم تنحصر في تقديم بعض الفرش والخيم التي تقوم بصرفها الوحدة التنفيذية.
وعن دور المنظمات المحلية والدولية، يقول إن تدخلاتها بسيطة وضعيفة لا تعوّض بعضاً من الأضرار والخسائر التي تكبدتها الأسر المنكوبة، وفي حال تواجدها فإنها تقدم مأوى غير آمن وعرضه للحريق كونه لا يحتوي على العازل الذي يمنع حدوث ذلك.
ومن جانبه، يقول سيف مثنى، إن هناك حوالي 210 منظمة وجمعية ومؤسسة ولكن تواجدها شكلياً ولا نشاط حقيقي لها على الأرض، موضحاً أن المؤسسات الفاعلة في المحافظة لا تتعدى 30 منظمة ومؤسسة.
ويضيف: لكل منظمة نشاط في مجال الحماية، وهناك أكثر من 79 مخيما خولت الوحدة التنفيذية منظمات لإدارتها، فيما تبحث عن شريك محلي أو دولي لإدارة قرابة 120 مخيما وتجمعا للنازحين.

قصور قاتل
وحول تدخلات المنظمات، يقول عبدربة ناصر مفتاح، مدير فرع مؤسسة بناء للتنمية مارب، إن "ما يتم تقديمة للحالات في المخيمات  من مؤسسة بناء يتمثّل في مساعدة الاستجابة السريعة كسلة غذائية وكذا دفع أجور نقل الحالات من المرافق والمواقع التي نعمل بها سوء إلى مدينة مارب أو المكلا أو عدن أو صنعاء".
ويضيف: أغلب الحالات تتوفى بسبب عدم وجود مركز متخصص للحروق بمارب للأسف وأنا بنفسي طلبت هذا أمام مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة ومدراء مكاتب الأوتشا في لقائنا خلال أكتوبر.
وذكر أن الأوتشا أبلغته في أحد الحوارات عن استعدادها لتخصيص مبلغ لإنشاء مركز متخصص في مارب عبر منظمة الصحة العالمية ولكن لحد الآن لا يوجد.
وعن دور مؤسسته، يقول مفتاح: لدينا أربع فرق طبية متنقلة تعمل في المخيمات وكذلك أربع مرافق صحية نقدم بها الخدمات مجانية من رعاية صحية أولية وأدوية وفحوصات وأشعة، وكذا الحالات التي يتطلب لها تدخل جراحي أو مرضي بحاجة إلى خدمات تخصصية نعمل لهم إحالة وندفع لهم أجور النقل أيضاً.
وفي السياق ذاته، يقول طه عوض مسؤول الحماية في المؤسسة الطبية الميدانية، إن تدخلاتهم بشأن حوادث الحرائق تتمثل في عمل تقييم أسري لهم.
ويقصد بالتقييم الأسري دراسة الحالة المتضررة ورصد احتياجاتها من كل الجوانب وعلى ضوءه تنزل مساعدات نقدية حسب معايير التقييم والإحالة لهم إلى مؤسسات ومنظمات نحن شركاء معهم منها التكافل لتقديم الخيام أو المساعدات الأخرى.

حلول إجرائية
وعن دور الوحدة التنفيذية لتخفيف حوادث الحرائق يقول سيف مثنى إن من ضمن الحلول التي عملت عليها الوحدة مع شركاء العمل الإنساني هي إلغاء توزيع الخيام واستبدالها بشبكيات لها عازل حراري. إضافة إلى إلغاء كل النماذج التي كانت توزع سابقًا، مثل الخيام التي لا تقي النازحين البرد أو الحريق أو المطر.
وأضاف أن النوع الجديد من الخيم بات في طور التجهيز وسيبدأ توزيعها خلال الفترة القادمة. 
وبالتزامن، قال مثنى، إن الوحدة تعمل على ترميم مساكن النازحين من خلال صيانة الكهرباء لتفادي وقوع حرائق مرة أخرى ومنع حدوث التماس الكهرباء. 
وذكر أنه حتى شهر أغسطس الماضي، انتهينا من ترميم قرابة 1800 منزل في الجفينة والرميلة والقوز.
ومن ضمن الحلول التي عملت عليها الوحدة هي توزيع قرابة 18 ألف طفاية لبعض الأسر الساكنة في المخيمات، وفقاً لمسؤول الإعلام بالوحدة.

أنتجت هذه المادة بالتعاون مع  شبكة صحفيي البيانات في اليمن.


التعليقات