مر عام على بدء الجماعة الحوثية شنّ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما تسبب في اضطراب كبير في التجارة العالمية، ونتيجة لذلك، باتت السفن التجارية تتجنب إلى حد كبير عبور قناة السويس –أقصر رابط بحري بين آسيا وأوروبا– وتلجأ إلى الإبحار في مسارات أطول حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا.
و قبل بدء هذه الهجمات في أواخر عام 2023، كان حوالي 12% من التجارة العالمية يمر عبر قناة السويس. إلا أن هذه النسبة تراجعت بنسبة 66% في يوليو/ تموز، وأكثر من 70% في الوقت الحالي.
وأعلنت شركة الشحن الفرنسية الكبرى CMA-CGM أن إعادة توجيه المسارات لتجنب البحر الأحمر ما زالت تعيق انسيابية التجارة العالمية، بسبب طول فترات العبور وانخفاض القدرة الاستيعابية للشحن. كما لا توجد أي مؤشرات على عودة الوضع إلى طبيعته في المستقبل القريب.
وقالت شركة ميرسك إن سلامة الطاقم وأمن البضائع يظلان على رأس أولوياتها، وأكدت أن شركة الشحن الدنماركية ونظيرتها الألمانية هاباغ لويد قررتا، بعد دراسة متأنية، التعاون للإبحار جنوب رأس الرجاء الصالح، وستعودان إلى البحر الأحمر عندما يصبح الوضع آمناً.
• تأثير متعدد الأوجه:
بدأت الأزمة في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 عندما اختطفت جماعة الحوثي سفينة الشحن غالاكسي ليدر في البحر الأحمر. وبعد ثلاثة أيام، صعد مسلحون على متن سفينة تجارية في خليج عدن. و اعتبرت صناعة الشحن البحري الأمر في البداية هجوماً قرصنياً آخر، دون أن تدرك أنه يمثل بداية فترة طويلة من الاضطرابات التي ستعطل سلسلة الإمدادات العالمية إلى أجل غير مسمى.
و يقول (لارس جنسن)، خبير صناعة شحن الحاويات المقيم في الدنمارك، إن تأثير أزمة البحر الأحمر متعدد الأبعاد. فعلى الصعيد العالمي، كان الأثر الأبرز يتمثل في اضطرار خطوط الشحن العالمية إلى تغيير مساراتها للالتفاف حول إفريقيا، مما أدى إلى أزمة في توازن العرض والطلب وارتفاع كبير في تكاليف الشحن.
و على المستوى الإقليمي، أدى هذا الوضع إلى زيادة عدد خطوط الحاويات الصغيرة التي تقدم خدمات جديدة من الهند وغرب آسيا إلى البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وقد أحدث هذا تغييراً في طبيعة المنافسة في هذا الممر التجاري، حيث أصبحت شركات الشحن المحلية أكثر تنافسية مقارنة بالشركات العالمية الكبرى.
ووفقاً للرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي)، فقد خسرت قناة السويس حوالي 6 مليارات دولار من الإيرادات خلال الأشهر السبعة إلى الثمانية الأولى من العام، ومن المتوقع أن تصل الخسائر إلى 9-10 مليارات دولار بحلول نهاية العام.
• تأخيرات مكلفة:
بالنسبة للمصدرين، تمثل تأخيرات تسليم البضائع أكبر مصدر قلق. يقول (إسرار أحمد)، مدير مجموعة Farida لصناعة المنتجات الجلدية ومقرها تشيناي، إن الشحن إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة لا يتأثر بأزمة البحر الأحمر ويظل كما هو، لكن هناك تأخيرات كبيرة في الوصول إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة وأوروبا بسبب اضطرار السفن إلى اتباع المسار الأطول حول رأس الرجاء الصالح.
فعلى سبيل المثال، تستغرق الواردات من أوروبا الآن 60 يومًا للوصول، مقارنة بـ30 يومًا سابقًا. كما أن الاتصال المباشر بين مومباي والساحل الشرقي للولايات المتحدة يستغرق الآن 25-30 يومًا، مقارنة بـ16-18 يومًا قبل أزمة البحر الأحمر.
ورغم انخفاض أسعار الحاويات وتحسن توافرها، تبقى المشكلة الأكبر اليوم هي وقت العبور. وتتعرض المنتجات الزراعية، على وجه الخصوص، لخطر التلف إذا بقيت لفترة أطول أثناء النقل.
؛ يقول (كيه إس بينو)، رئيس جمعية وكلاء السفن في كيرالا، إن إعادة توجيه السفن لتجنب البحر الأحمر، المتأثر بالأزمة، تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الصادرات الهندية. ومع تأثر الممرات البحرية الرئيسية، ارتفعت أسعار الشحن، وأدت الاضطرابات إلى إلغاء طلبات تصدير وخلق اختلالات في توافر الحاويات في الموانئ الهندية.
وعلى الجانب الإيجابي، فإن انخفاض حجم الشحنات أتاح للسفن تحسين استغلال المساحات المتوفرة وتقديم أسعار شحن أقل، وفقًا له.
• تأثير الأزمة على صادرات المأكولات البحرية الهندية:
يشير (كيه إن راغافان)، الأمين العام لجمعية مصدري المأكولات البحرية في الهند، إلى تأثير الأزمة على صادرات الهند من المأكولات البحرية إلى الولايات المتحدة، التي تمثل سوقها الرئيسي. حيث ارتفعت تكاليف الشحن لحاوية مبردة بطول 40 قدمًا (مزودة بنظام تحكم في درجة الحرارة) إلى ما بين 7,000 و8,000 دولار، مقارنة بحوالي 4,500 دولار للساحل الشرقي للولايات المتحدة و5,500 دولار للساحل الغربي.
ومع ذلك، ساهم انخفاض حجم الشحنات في تخفيف التكاليف لتصل إلى حوالي 4,900 دولار للساحل الشرقي و5,900 دولار للساحل الغربي. وتظل الحاويات المبردة بطول 20 قدمًا أرخص بحوالي 500 دولار مقارنة بخيار الـ40 قدمًا.
ويضيف راغافان أن شركات الشحن تتوقع انخفاضًا إضافيًا في الأسعار في ظل عدم ظهور أي مؤشرات على تعافي حجم الشحنات.
• الطلب على الشحن الجوي:
وفقًا لـ (إيمانويل نامبوسيريل)، رئيس منتدى مصدري التوابل في الهند، فإن التأخيرات في الشحنات تؤدي إلى تأجيل المدفوعات من العملاء، مع مطالبة البعض بتسليم أسرع عبر الشحن الجوي، وهذا يزيد من الضغوط المالية.
ويضيف أن التوابل والمستخلصات العشبية، التي كانت تتمتع بعمر افتراضي لمدة عام، كانت تستغرق شهرًا للوصول إلى الولايات المتحدة أو أوروبا. أما الآن، فقد أصبح الأمر يستغرق 2-3 أشهر، مما يدفع العملاء إلى رفض قبول المنتجات التي تقترب من تاريخ انتهاء صلاحيتها.
الرابط ادناه لقراءة المادة من موقعها الاصلي: