تقدّم الإمارات، موطن الفرع الأجنبي الوحيد لمتحف اللوفر، مساعدة للتحقيقات التي تجريها فرنسا في قضية الاتجار بآثار منهوبة من الشرق الأوسط، وذلك للتأكّد من تحقيق "تقدّم" في القضية، حسبما أفادت وزيرة الثقافة الإماراتية وكالة فرانس برس.
ويشتبه المحققون الفرنسيون في أن المئات من القطع الأثرية قد نُهبت من مصر ودول أخرى في الشرق الأوسط خلال موجة احتجاجات "الربيع العربي" وبيعت بعد ذلك إلى صالات العرض والمتاحف حول العالم.
وفُتحت القضية في تموز/يوليو 2018 بعد عامين من شراء متحف اللوفر أبوظبي، الذي أصبح طرفا مدنيا في التحقيق، شاهدة من الغرانيت الوردي حُفر عليها اسم الملك توت عنخ آمون، وأربعة أعمال تاريخية أخرى مقابل ثمانية ملايين يورو (8,14 مليون دولار).
وقالت الوزيرة الإماراتية في مقابلة مع وكالة فرانس برس في باريس هذا الأسبوع بينما كان رئيس الدولة الخليجية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يزور فرنسا لتعزيز التقارب السياسي والاقتصادي الأخير "لدينا علاقة شفافة وبناءة للغاية مع نظيرتنا الفرنسية".
وتابعت في تعليقات نادرة لمسؤول إماراتي رفيع على القضية التي أحدثت اضطرابات في أسواق الآثار والفنون أنّه "عندما حدثت القضية الأخيرة المرتبطة بالاتجار المؤسف (...) أصبحنا نساعد في التحقيق (...) والتأكد من تقدّمه بشكل واضح".
ويرى متحف اللوفر أبوظبي أنّه "ضحية لعمليات إتجار بالآثار"، حسبما أفاد في السابق أحد محامي الصرح الثقافي الإماراتي.
• المصدر والأصالة
في أيار/مايو الماضي، وجّهت إلى الرئيس السابق لمتحف اللوفر في باريس جان لوك مارتينيز تهمة "التواطؤ في الاحتيال ضمن عصابة منظمة وغسل الأموال عن طريق التسهيل الكاذب لأصول ممتلكات متأتية من جريمة أو جنحة"، كما وُضع تحت الرقابة القضائية. وهو ينفي هذه التهمة "بأكبر قدر من الحزم"، وفق وكلاء الدفاع عنه.
ووُجّهت أصابع الاتهام لمارتيني، الذي ترأّس أكبر متاحف العالم بين 2013 و2021، بغض الطرف عن شهادات منشأ مزورة للقطع، علماً أنّه يشغل حاليا منصب سفير وزارة الخارجية الفرنسية المسؤول عن مجموعة يتركّز عملها على مكافحة الاتجار بالآثار.
وكانت النيابة العامة في نيويورك وضعت في حزيران/يونيو يدها على خمس قطع أثرية مصرية كانت في حوزة متحف متروبوليتان المرموق يُحتمل أن تكون في الأساس قطعاً مسروقة، في تطور مهم في إطار تحقيق السلطات الفرنسية.
وتم ربط الاتجار بالآثار بجماعات مسلحة مثل تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف. وقد سلّط الاتهام لمارتينيز الضوء على مشكلة إجرامية عابرة للحدود لا يزال من الصعب للغاية التعامل معها.
وقالت الكعبي إنه بالنسبة لدولة الإمارات، الدولة الصحراوية الثرية التي استثمرت بشكل كبير في الثقافة في العقد الماضي كجزء من استراتيجية القوة الناعمة لديها، من المهم "أن يكون المصدر واضحا".
وتابعت "الأصالة هي أمر جدي حقا (...) وهو أمر نأخذه على محمل الجد، ولذا نحن ندعم التحقيق الذي يحدث (...) وما يمكننا فعله هو احترام نتائجه".
وافتُتح اللوفر في أبوظبي في عام 2017، وقد صمّمه المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل. وفي كانون الاول/ديسمبر الماضي، تم تمديد ترخيص المتحف لمدة 10 سنوات حتى عام 2047.
واجتذب الضرح الثقافي والمعماري حوالي مليوني زائر في أول عامين، قبل أن يُضطر إلى الإغلاق لمدة مئة يوم في أوائل عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19.
•قصة نجاح
ووصفت الكعبي متحف اللوفر أبوظبي بأنّه "قصة نجاح" ساعدت على "ازدهار" العلاقة بين فرنسا والإمارات، موطن أكبر جالية من الفرنسيين والأشخاص الناطقين بالفرنسية في منطقة الخليج.
وقالت "قبل عشرين عاما أو ربما أكثر من ذلك، لم يكن الناس يعتقدون أنّ متحف اللوفر سيكون له موطن آخر غير فرنسا"، مضيفة "لم يكن لدينا مطلقا رفاهية الذهاب إلى متحف عالمي والتعلم منه والانخراط فيه".
وقد نمت العلاقات بين الإمارات وفرنسا بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وحصلت باريس هذا الأسبوع على وعود بإمدادات طاقة جديدة من الإمارات بعد محادثات بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي كان افتتح اللوفر أبوظبي، ونظيره الإماراتي.
وقال الشيخ محمد بن زايد خلال مأدبة عشاء أقامها ماكرون الاثنين "صحيح أنّه تجمعنا علاقات تعاون سياسي واقتصادي، إلا أن التعاون الثقافي يُمثل دُرَّةَ تعاوننا، وهو أمر يجسد جودة هذه الشراكة الإستراتيجية".
من جهتها، أوضحت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون الشباب شما المزروعي لوكالة فرانس برس أن "جوهر" العلاقة الثقافية يكمن في "دعم الشباب"، وذلك بعدما أطلق الشيخ محمد بن زايد مجلس الإمارات العالمي للشباب في باريس ضمن أول زيارة دولة خارجية له منذ توليه منصبه في أيار/مايو.
وبالنسبة للكعبي، فإنّ متحف اللوفر أبوظبي "استثمار في الأشخاص".
وتابعت "في المستقبل، أود أن أرى (أول) مدير إماراتي لمتحف اللوفر" في أبوظبي والذي يقوده حالياً الفرنسي مانويل راباتيه.