يلتقي الرئيس الأميركي الجمعة القادة الفلسطينيين في بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة حيث أعلن سلسلة خطوات اقتصادية، قبل أن يتوجه إلى المملكة العربية السعودية، المحطة الأكثر حساسية وأهمية في جولته الأولى في الشرق الأوسط.
وقبل ساعات من قيامه بأول رحلة جوية مباشرة من تل أبيب في اتجاه السعودية التي لا تعترف بإسرائيل، أعلنت الرياض فتح أجوائها "لجميع الناقلات الجوّية"، ما يعني طبعا الطائرات القادمة من إسرائيل، في قرار وصفه بايدن بأنّه "تاريخي".
وزار بايدن الجمعة مستشفى اوغستا فكتوريا في القدس الشرقية التي تحتلها اسرائيل وضمتها اليها. وقال في كلمة ألقاها "هذه المستشفيات هي العمود الفقري لنظام الرعاية الصحية الفلسطينية." وأكد أن "الولايات المتحدة ستخصص 100 مليون دولار إضافية لدعم هذه المستشفيات".
وكان بايدن أعلن أنه ليس في وارد التراجع عن قرار سلفه دونالد ترامب لجهة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويطالب الفلسطينيون بأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية وينددون بقرار واشنطن. ولا يعترف المجتمع الدولي بضم إسرائيل للقدس.
وتمنع إسرائيل أيّ مظهر سيادي للسلطة الفلسطينيّة في القدس الشرقيّة، بما في ذلك رفع العلم الفلسطيني.
في بيت لحم، سيلتقي بايدن الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويُرجّح أن تركّز محادثاتهما على إجراءات اقتصاديّة من دون البحث في خطوات دبلوماسيّة كبيرة. وبين الإعلانات المتوقعة، مشروع عن تحويل الانترنت في الضفة الغربية وقطاع غزة الى الجيل الرابع. إذ إن استعمال الجيل الثاني والجيل الثالث يعقد التحول الرقمي في الاقتصاد.
وقدّر البنك الدولي معدّل الفقر في الأراضي الفلسطينية بنحو 27 في المئة العام الماضي.
على الطريق الى بيت لحم، ارتفعت لوحات كبيرة موقعة من المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية "بتسليم" كتب عليها "السيد الرئيس، هذا هو الفصل العنصري"، في إشارة الى السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
كما ترتفع لوحات أخرى عليها صور الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة "الجزيرة" التي قتلت في 11 أيار/مايو خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين في الضفة الغربية.
ولن يتطرق بايدن على الأرجح في محادثاته الى عملية إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين والمجمدة منذ العام 2014.
وكان عبّاس الذي يتولّى منصبه منذ 2005، ألغى الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة الفلسطينيّة العام الماضي، ملقيًا باللوم على إسرائيل لرفضها إجرائها في القدس الشرقيّة.
وجدّد بايدن خلال وجوده في إسرائيل الخميس تأكيد دعم واشنطن "حلّ الدولتَين لشعبَين يملك كلاهما جذورًا عميقة وقديمة في هذه الأرض، ويعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد الذي لطالما ردّد دعمه حلّ الدولتَين من جهته، "لن أغيّر موقفي".
وأضاف "حلّ الدولتَين هو ضمانة لدولة إسرائيل الديموقراطيّة القويّة ذات الأغلبيّة اليهوديّة".
وأضاف "نرسل معكم رسالة سلام إلى كلّ دول المنطقة وبما في ذلك إلى الفلسطينيّين. إسرائيل تريد السلام وتؤمن بالسلام ولن نتنازل عن شبر واحد من أمننا".
وتستعدّ الدولة العبريّة لخوض انتخابات نيابيّة في تشرين الثاني/نوفمبر.
بعد لقائه مع عباس، سيزور بايدن كنيسة المهد.
بعد ذلك، يغادر بايدن بيت لحم إلى السعوديّة، المحطّة الأخيرة من جولته، والأكثر حساسية بالتأكيد لرئيس وعد بوضع حقوق الإنسان في قلب دبلوماسيته.
•شبح خاشقجي
خلال حملته الانتخابية، اعتبر جو بايدن أن المملكة العربية السعودية يجب أن تكون "دولة منبوذة"، وذلك بعد مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول على أيدي سعوديين قدموا من الرياض لتنفيذ الجريمة. وبمجرد انتخابه، رفع السرية عن تقرير لوكالة الاستخبارات الأميركية خلص الى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي.
وسيُسافر الرئيس الأميركي من إسرائيل نحو السعوديّة في أوّل رحلة طيران مباشرة معلنة.
وقالت هيئة الطيران المدني السعوديّة في بيان على تويتر الليلة الماضية إنّها قرّرت "فتح أجواء المملكة لجميع الناقلات الجوّية" التي تستوفي متطلّبات عبور أجواء البلاد.
ويرفع هذا الإعلان عمليا قيود تحليق الطائرات من إسرائيل وإليها.
وقال جيك ساليفان، مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي، في بيان، إنّ الرئيس الأميركي "يرحّب بالقرار التاريخي لقادة السعوديّة فتح مجالهم الجوّي أمام جميع الناقلات الجوّية المدنيّة بلا تمييز"، بما في ذلك "الرحلات الجوّية من إسرائيل وإليها".
وأشار ساليفان إلى أنّ "هذا القرار هو نتيجة دبلوماسيّة الرئيس (بايدن) الحثيثة والمبدئيّة مع السعوديّة على مدى أشهر عدّة، والتي تُتوّج بزيارته اليوم" إلى المملكة.
ورحبت وزيرة النقل الإسرائيلية ميراف ميخائيلي بقرار السعودية، معتبرة أنها "خطوة مهمة" ستسمح "بتعزيز" العلاقات بين اسرائيل ودول في الشرق الأوسط.
وعبّر رئيس الوزراء يائير لابيد عن شكره للسعودية، معتبرا أنها "خطوة أولى" بين البلدين.
ويُتوقّع أن يلتقي بايدن في جدّة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان، وفق ما أفاد مسؤول أميركي.
كما سيلتقي مسؤولين من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن.
وستتركز المحادثات على تقلّبات أسعار النفط. وتسعى الولايات المتحدة الى إقناع السعودية بزيادة إنتاجها النفطي من أجل تعويض النقص الناتج عن حرب أوكرانيا.
كما ستتناول من دون شكل الموقف من إيران، الخصم الإقليمي الأبرز للسعودية.