بدأت إثيوبيا رسميا الأحد إنتاج الكهرباء من سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق، في مرحلة هامة من المشروع المثير للجدل الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات.
وجال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد رفقة مسؤولين رفيعي المستوى في محطة توليد الطاقة وضغط مجموعة من الأزرار على شاشة إلكترونية، وهي خطوة قال المسؤولون إنها أطلقت عملية الإنتاج.
وفي 2011 أطلقت إثيوبيا المشروع الذي تقدّر قيمته بنحو 4 مليارات دولار ويهدف إلى بناء أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرمائية في إفريقيا، إلا أنه يثير توترات إقليمية خصوصا مع مصر التي تعتمد على نهر النيل لتوفير حوالى 90 في المئة من حاجاتها من مياه الري والشرب.
ووصف أبيي الأحد ما تحقق بأنه "ولادة حقبة جديدة".
وجاء في تغريدة أطلقها "إنه نبأ سار لقارتنا ولبلدان المصب التي نتطّلع إلى العمل معها".
لكن القاهرة والخرطوم تريان في المشروع تهديدا لهما نظرا إلى اعتمادهما الكبير على مياه النيل، فيما تعتبره أديس أبابا ضروريا لتأمين الكهرباء ولتنمية البلاد.
لكن أبيي سعى إلى التقليل من أهمية تلك الهواجس.
وقال "كما ترون هذه المياه ستولد الطاقة وستتدفق كما كانت تتدفق في السابق إلى السودان ومصر، بخلاف الشائعات التي تفيد بأن شعب إثيوبيا وحكومتها يبنيان السد لحرمان مصر والسودان" من المياه، في إشارة إلى مياه تتدفق عبر السد الإسمنتي الضخم.
وتابع "إثيوبيا لا تريد إلحاق الضرر بأحد. إثيوبيا لا ترغب إلا في توفير الكهرباء للأمهات اللواتي لم يرين قط مصباحا متوهجا"، مشددا على أن الخطوة ستسهم في إخراج الشعب الكادح من "الفقر الذي نحن فيه حاليا".
•تهديد وجودي
يهدف المشروع البالغة كلفته 4,2 مليارات دولار إلى إنتاج أكثر من 5000 ميغاواط من الكهرباء، أي أكثر بمرتين من انتاج إثيوبيا من الكهرباء.
وأفادت وسائل إعلام رسمية أن السد الواقع في غرب إثيوبيا والقريب من الحدود مع السودان، بدأ توليد 375 ميغاواط من الكهرباء من إحدى توربيناته الأحد.
وقال مدير المشروع كيفلي هورو في تصريح لوكالة فرانس برس بعد حفلة التدشين إن توربينة ثانية سيبدأ تشغيلها في غضون أشهر، موضحا أنه يتوقع أن يبلغ المشروع كامل قدرته التشغيلية في العام 2024.
ويقع سد النهضة على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-قمز على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان. ويبلغ طوله 1,8 كلم وارتفاعه 145 متراً.
ويلتقي النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا النيل الأبيض في الخرطوم ليشكلا معاً نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر ويصبّ في البحر المتوسط.
وبالنسبة إلى مصر التي تعتمد على نهر النيل لتوفير حوالى 97 في المئة من حاجاتها من مياه الري والشرب، فإن السد يشكل تهديدا وجوديا.
من ناحيته يأمل السودان في أن يسهم المشروع في ضبط الفيضانات السنوية، لكن يخشى أن تلحق أضرار بسدوده في غياب اتفاق حول تشغيل سد النهضة.
ولم تتوصل محادثات أجريت برعاية الاتحاد الإفريقي لاتفاق ثلاثي حول ملء السد وتشغيله. وطالبت القاهرة والخرطوم بأن تتوقف أديس أبابا عن ملء خزان السد إلى حين التوصل إلى اتفاق.
وقال أديسو لاشيتيو في معهد بروكينغز للدراسات في واشنطن إن "الكهرباء التي تم توليدها أخيراً من سد النهضة قد تساهم في إنعاش اقتصاد مدمّر جراء حرب دموية وارتفاع أسعار الوقود وجائحة كوفيد-19".
•تأخير متكرر
أطلق مشروع السد في عهد رئيس الوزراء السابق ملس زيناوي، الزعيم المتحدر من تيغراي والذي حكم إثيوبيا لأكثر من عقدين حتى وفاته عام 2012.
ساهم موظفون حكوميون في إطلاق المشروع عبر تقديمهم راتبا شهريا في العام الذي سبق إطلاقه، وأصدرت الحكومة منذ ذلك الحين سندات سد تستهدف الإثيوبيين داخل البلاد وخارجها.
لكنّ المسؤولين نسبوا الاحد الفضل في إحياء المشروع إلى أبيي أحمد بعدما أدى سوء إدارة على حد قولهم إلى تأخير بنائه بشكل متكرر.
وقال مدير المشروع كيفلي هورو في تصريحاته "بلادنا خسرت الكثير بسبب تأجيله مرارا، خصوصا من الناحية المادية".
وكانت السيدة الاولى زيناش تياتشو من بين الأشخاص الذين حضروا المراسم الأحد بالإضافة إلى رئيسي مجلس النواب والمحكمة العليا ورؤساء إقليميين ووزراء.
بدأت مرحلة ملء خزان السد الضخم في 2020 وأعلنت إثيوبيا في تموز/يوليو ذلك العام الوصول إلى هدف تعبئة 4,9 مليارات متر مكعب.
وتبلغ السعة الإجمالية للخزان 74 مليار متر مكعب من المياه، وكان الهدف في 2021 إضافة 13,5 مليارا.
في تموز/بوليو الماضي أعلنت إثيوبيا الوصول إلى ذلك الهدف ما يعني احتواءه على ما يكفي من المياه لبدء انتاج الطاقة، علما أن بعض الخبراء شككوا في ذلك.
ولم يشأ كيفلي أن يحدد بالأرقام كمية المياه التي تم تخزينها العام الماضي أو الهدف المحدد على هذا الصعيد خلال موسم الأمطار المقبل.