انطلقت الأحد الجلسة الأولى البرلمان العراقي الجديد، بعد نحو ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية التي تصدّر نتائجها التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وسط مفاوضات ولقاءات سياسية مكثفة للبحث في شكل الحكومة الجديدة.
ويفترض وفق المادة 55 من الدستور، أن ينتخب النواب في الجلسة الأولى رئيساً له ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.
وكان مقرراً أن تنطلق الجلسة عند الساعة 11 بالتوقيت المحلي لكن تأخر عقدها لبضع ساعات، بسبب الخلافات السياسية بين القوى الشيعية الأبرز، التيار الصدري من جهة، وقوى الإطار التنسيقي الموالية لإيران من جهة، حيث جرت مداولات مكثفة قبل الجلسة خارج قاعة البرلمان.
ومدفوعاً بحيازته على العدد الأكبر من المقاعد (73 مقعداً من أصل 329)، كرر الصدر مراراً إصراره على تشكيل "حكومة أغلبية" ما سيشكّل انقطاعاً مع التقليد السياسي الذي يقضي بالتوافق بين الأطراف الشيعية الكبرى.
ويبدو أن التيار الصدري يتجه للتحالف مع كتل سنية وكردية بارزة من أجل الحصول على الغالبية المطلقة (النصف زائد واحد من أعضاء البرلمان)، تسمية رئيس للوزراء، يقتضي العرف أن يكون شيعياً.
وقال الصدر في تغريدة عشية الجلسة "اليوم لا مكان للطائفية ولا مكان للعرقية. بل حكومة أغلبية وطنية".
في المقابل، تدفع أحزاب شيعية أخرى منضوية في الإطار التنسيقي، منها قوى موالية لإيران، إلى حكومة توافقية تتقاسم فيها جميع الأطراف الشيعية، المهيمنة على المشهد السياسي في البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، المناصب والحصص.
ويضمّ الإطار التنسيقي تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي الذي حصل على 17 مقعداً فقط مقابل 48 في البرلمان السابق، فضلا عن تحالف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (33 مقعداً).
•نواب للمرة الأولى
ولعدة أسابيع، شددت القوى الموالية لإيران على رفضها لنتائج الانتخابات وقدّمت طعناً للمحكمة الاتحادية لإلغائها، لكن المحكمة ردت الدعوى.
وتظاهر مناصرون لها أمام بوابات المنطقة الخضراء لأسابيع تنديداً بالنتائج، فيما وصل التوتر في البلاد إلى ذروته مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في تشرين الثاني/نوفمبر.
ووسط عدم قدرة الأطراف الشيعية البارزة على التوافق، يرى رئيس مركز التفكير السياسي والباحث العراقي إحسان الشمري أن ذلك يشي بأن "شكل الحكومة القادمة قد يكون وفق مبدأ جديد هو ما يسمى بتوافق الأغلبية هي حكومة ائتلافية لكن بصيغة جديدة"، على عكس الحكومات السابقة التي شاركت بها جميع الأطراف.
ويشرح "قد نكون أمام مفهوم جديد يسمى توافق الأغلبية أي أن يتحالف الصدر مع البيت السني الذي يمثله عزم وتقدم، ومع البيت السياسي الكردي (الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني)، وحتى جزء من الإطار التنسيقي قد يلتحق مع مشروع السيد مقتدى الصدر".
وبدأ النواب الجدد بالوصول إلى قاعة البرلمان تباعاً استعدادا لبدء الجلسة التي ستكون برئاسة النائب الأكبر سناً محمود المشهداني (73 عاماً)، وهو نائب عن تحالف العزم السني (14 مقعداً).
وبعد أن يقسم النواب اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس القضاء الأعلى، من المقرر فتح باب الترشيح لرئاسة مجلس النواب ونائبيه. ويقتضي العرف أن يكون رئيس مجلس النواب سنياً، وأحد نائبيه كردياً والآخر شيعياً، ويتم انتخابهم بالأغلبية المطلقة.
ويعدّ رئيس البرلمان السابق وزعيم تحالف "تقدّم" السني محمد الحلبوسي البالغ من العمر 41 عاماً، مع 37 مقعداً، من بين الأوفر حظاً للفوز من جديد في المنصب، إلا أن الأمور قد تتبدل في اللحظة الأخيرة في بلد يقوم فيه توزيع المناصب على المساومة والمحاصصة.
ويفترض أن ينتخب البرلمان بعد جلسته الأولى، خلال 30 يوماً رئيساً جديداً للجمهورية الذي عليه بدوره أن يكلّف رئيساً للحكومة خلال 15 يوماً من تاريخ انتخابه، يكون مرشح "الكتلة النيابية الأكبر عدداً"، وفق الدستور. واعتبارا من يوم تكليفه يكون أمام الرئيس الجديد للحكومة 30 يوماً لتشكيلها.
ويبلغ عدد النساء في البرلمان الجديد 95 فيما كان في البرلمان السابق 75.
يضمّ البرلمان أيضاً كتلتين من المستقلين الأولى تضم 28 نائباً من حركة امتداد المنبثقة من الحركة الاحتجاجية وحركة الجيل الجديد الكردية، والثانية تضمّ تسعة نواب من كتلة "اشراقة كانون" ومستقلين. ومعظم هؤلاء يدخلون البرلمان للمرة الأولى.