بيروت: شركاء دوليون يطلبون من ميقاتي عدم الاستقالة
يمن فيوتشر - رويترز: السبت, 30 أكتوبر, 2021 - 04:47 مساءً
بيروت: شركاء دوليون يطلبون من ميقاتي عدم الاستقالة

[ الحكومة اللبنانية ]

قال وزير الخارجية اللبناني يوم السبت إن الجهات الدولية طلبت من رئيس الوزراء نجيب الميقاتي عدم الاستقالة بسبب خلاف دبلوماسي متصاعد مع السعودية وبعض بلدان الخليج الأخرى.
وصرح الوزير عبد الله بو حبيب للصحفيين بعد اجتماع أزمة بهذا الشأن بأن عدة شركاء دوليين قالوا لميقاتي إنه إذا كان يفكر في الاستقالة، فعليه أن يستبعد هذا الأمر.
في السياق عقدت مجموعة من الوزراء اللبنانيين اجتماع أزمة يوم السبت لمناقشة خلاف دبلوماسي متصاعد مع السعودية شهد طرد المملكة السفير اللبناني وحظر كافة الواردات اللبنانية.
وقال متحدث باسم السفارة الأمريكية في بيروت إن ريتشارد مايكلز نائب رئيس البعثة الأمريكية في لبنان حضر الاجتماع، وامتنع عن ذكر المزيد من التفاصيل.
وتسبب الخلاف الناتج عن التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن التدخل العسكري السعودي في اليمن في أزمة جديدة للحكومة اللبنانية، وسط دعوات مطالبة باستقالته.
وإذا استقال قرداحي، فقد يحذو حذوه وزراء تدعمهم جماعة حزب الله وحليفتها حركة أمل الشيعية، وذلك في وقت تواجه الحكومة خلاله أزمة بالفعل بسبب التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في أغسطس آب 2020.
وطلب رئيس الوزراء نجيب ميقاتي من قرداحي يوم الجمعة "تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب"، لكنه أحجم عن مطالبته بالاستقالة.
ودعت مجموعة من رؤساء الوزراء اللبنانيين السابقين يوم السبت قرداحي إلى الاستقالة، قائلين إن تصريحاته وجهت ضربة قوية للعلاقات مع دول الخليج العربية.
وفي بيان قال فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام إن آراء قرداحي ضربة للعلاقات الأخوية والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية، وتحديدا مع دول مجلس التعاون الخليجي.
ويلقى قرداحي دعما علنيا من حزب الله وامتنع عن الاعتذار أو الاستقالة بسبب التصريحات التي وجهت أسوأ ضربة للعلاقات السعودية اللبنانية منذ احتجاز سعد الحريري عام 2017 في الرياض.
وقال الراعي السياسي للوزير، سليمان فرنجية من تيار المردة المتحالف مع حزب الله في مؤتمر صحفي إنه رفض عرضا قدمه قرداحي بالاستقالة وإنه لن يسمي خليفة لقرداحي إذا فعل ذلك.
وثمة خطر من تصاعد الأزمة لتشمل المزيد من دول الخليج، إذ طلبت البحرين أيضا من سفير لبنان المغادرة بعد وقت قصير من القرار السعودي.
وقالت جامعة الدول العربية في بيان إن الأمين العام أعرب عن بالغ قلقه إزاء التدهور السريع في العلاقات اللبنانية الخليجية وناشد دول الخليج "بتدبر الإجراءات المطروح اتخاذها في خضم ذلك الموقف بما يتفادى المزيد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد اللبناني المنهار".
استدعت أيضا السعودية سفيرها في لبنان للتشاور.
ويأمل ميقاتي في تحسين العلاقات المتوترة مع دول الخليج العربية منذ سنوات بسبب نفوذ حزب الله المدعوم من إيران.
وفي أبريل نيسان، حظرت السعودية جميع واردات الفواكه والخضراوات من لبنان وقالت إن ذلك بسبب زيادة تهريب المخدرات.
وزاد الحظر من المصاعب الاقتصادية للبنان الذي يعيش بالفعل في خضم واحدة من أعمق الأزمات المالية في العصر الحديث.
في الاثناء سارت الكويت السبت على خطى السعودية والبحرين وقرّرت الطلب من القائم بأعمال السفارة اللبنانية مغادرة أراضيها واستدعاء سفيرها في بيروت، وذلك على خلفية تصريحات لوزير لبناني بشأن الحرب في اليمن.
وتضع هذه التطورات الدبلوماسية المتسارعة الحكومة اللبنانية تحت مزيد من الضغوط في ظل تردي الوضع الاقتصادي والانهيار في سعر صرف العملة المحلية وقلّة المحروقات، وتعرقل خططها للحصول على دعم مالي من دول الخليج الثرية.
وقالت وزارة الخارجية الكويتية في بيان "دولة الكويت قرّرت استدعاء سفيرها لدى الجمهورية اللبنانية للتشاور ومغادرة القائم بأعمال سفارة الجمهورية اللبنانية لدى دولة الكويت خلال 48 ساعة".
وكان وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي اعتبر في مقابلة تلفزيونية بثت الاثنين وأجريت قبل توليه حقيبة الإعلام في الحكومة اللبنانية في أيلول/سبتمبر، أنّ المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران "يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات.
وأعربت الحكومة اللبنانية في بيان الأربعاء عن "رفضها" تصريحات قرداحي، مشيرة إلى أنه "لا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا".
لكنّ قرداحي رفض "الاعتذار" عن "آرائه الشخصية". وقال "أنا لم أخطئ في حق أحد. ولم أتهجم على أحد. فلم أعتذر؟".
في أيار/مايو، طلب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية آنذاك شربل وهبة إعفاءه من منصبه، بعدما أثارت تصريحات أدلى بها أزمة دبلوماسية مع السعودية ودول خليجية أخرى.
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ 2015 تحالف عسكري بقيادة السعودية ويضم البحرين والإمارات ودولا أخرى، والمتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014.
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم كثير من المدنيين، وفق منظمات إنسانية عدة. وأكدت الأمم المتحدة مرارا أن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا، فيما تتهم منظمات حقوقية أطراف النزاع كافة بارتكاب "جرائم حرب".

 

•مواقف مرفوضة 
كانت السعودية استدعت الجمعة سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقررت وقف كل الواردات اللبنانية إليها بعد تصريحات الوزير، في توتر إضافي للعلاقات بين الرياض وبيروت.
وبعدها، طلبت مملكة البحرين من السفير اللبناني مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة.
وقالت وزارة الخارجية الكويتية إنّ القرار يأتي "نظرا لامعان الجمهورية اللبنانية واستمرارها في التصريحات السلبية وعدم معالجة المواقف المرفوضة والمستهجنة ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة وباقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية".
وتابعت أن القرار يأتي أيضا بسبب "عدم اتخاذ حكومة الجمهورية اللبنانية الإجراءات الكفيلة لردع عمليات التهريب المستمرة والمتزايدة لآفة المخدرات الى الكويت وباقي دول مجلس التعاون".
وفي الأيام الماضية، أعلنت السعودية عن عدة عمليات صد مهرّبي المخدرات تمكّنت خلالها من مصادرة آلاف من حبوب الكبتاغون المخبئة داخل فواكه مستوردة.
وكانت السعودية علقت في نيسان/ابريل الماضي استيراد الفواكه والخضار من لبنان، أو السماح بمرورها على أراضيها، بعد ضبط الجمارك أكثر من 5,3 ملايين حبة كبتاغون مُخبأة ضمن شحنة من الرمان.
وتنشط في لبنان وسوريا المجاورة صناعة مخدّر الكبتاغون الذي يصنّفه مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بأنّه "أحد أنواع الأمفيتامينات المحفزة"، وهو مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.
يسود فتور بين السلطات اللبنانية والسعودية منذ سنوات، في ظل اتهام الرياض المسؤولين اللبنانيين بعدم التصدي لحزب الله، بعدما كانت الرياض ضمن أبرز داعمي لبنان سياسيا وماليا، قبل أن يتراجع دعمها تدريجياً، امتعاضاً من دور حزب الله المدعوم من إيران، خصمها الإقليمي الأبرز.
وفي بيانها الجمعة، اعتبرت الخارجية السعودية أن "سيطرة حزب الله الإرهابي على قرار الدولة اللبنانية جعل من لبنان ساحة ومنطلقاً لتنفيذ مشاريع دول لا تضمر الخير للبنان وشعبه".
وبحسب محللين، فإنّ الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وبيروت تتخطى تصريحات قرداحي حول الحرب في اليمن، لتعكس صراعاً سعودياً إيرانياً يدفع ثمنه مجدداً لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية.


التعليقات