السودان: كيف يؤثر انقسام قوى الحرية والتغيير على مسار الثورة؟
يمن فيوتشر - بي بي سي: الخميس, 21 أكتوبر, 2021 - 10:19 مساءً
السودان: كيف يؤثر انقسام قوى الحرية والتغيير على مسار الثورة؟

تظاهر مئات الآلاف من السودانيين في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، اليوم الخميس، للمطالبة بالتحول الديموقراطي وتسليم السلطة إلى المدنيين، وللتعبير عن مخاوفهم من محاولات للالتفاف على الثورة السودانية.
وأطلقت قوات الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المحتجين في مدينة أم درمان التي تقع إلى الغرب من العاصمة الخرطوم. وأفاد شهود عيان بوقوع إصابات بين المتظاهرين.
وخرجت التظاهرات استجابة لدعوة عدة جهات، منها تجمع المهنيين السودانيين.
وجاء في بيان لتجمع المهنيين السودانيين، الأربعاء 20 من أكتوبر/تشرين الأول، "مر عامان على شراكة الدم المعطوبة التي هدفت لوأد حركة التغيير الجذري في مهدها وإعادة إنتاج النظام المباد بواجهة مشذبة، والحصيلة سيطرة جنرالات اللجنة الأمنية لنظام البشير على الموارد والسلاح وكل الملفات، وسياسات اقتصادية كسيحة معادية للعاملين والمنتجين وتزيد من رهق الكادحين".
وانتقد تجمع المهنيين السودانيين اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركات المسلحة واصفا إياه بـ "سلام مشوه مقاصده مسارات توزيع الغنائم والمناصب والمحاصصات، فاقم الأزمة السودانية وفجر بؤر النزاع الجهوي والقبلي".
ويرى تجمع المهنيين السودانيين والقوى المؤيدة له أن السلطة القائمة لا تمثل الثورة السودانية وتبحر عكس تطلعات السودانيين.
ويدعو المتظاهرون إلى عدة مطالب منها، إسقاط الشراكة القائمة بين المدنيين والعسكريين ورفض الانقلاب على الثورة سواء بواجهة عسكرية أو مدنية، ووضع السلطة بأيدي القوى الثورية.
وتشمل المطالب كذلك حل كل المليشيات العسكرية وتكوين جيش واحد وإصلاح المؤسسة العسكرية بإشراف المدنيين.
وتأتي دعوة تجمع المهنيين السودانيين إلى التظاهر في ظل تشقق واضح في صفوف قوى الحرية والتغيير.
ووصل الانقسام بين مكونات قوى الحرية والتغيير ذروته مع بدء اعتصام المئات، السبت 16 من أكتوبر/تشرين الأول، أمام القصر الرئاسي للمطالبة بحل الحكومة مع الإبقاء على رئيسها. وطالب بعض المعتصمين بتسليم السلطة إلى العسكرين.
وتتبنى مجموعة منشقة من قوى الحرية والتغيير احتجاجات القصر الرئاسي.
وانضم مئات السودانيين الجدد، الخميس 21 من أكتوبر/تشرين الأول، إلى الاعتصام.
ويرى المعتصمون أن الوزراء الحاليين لا يمثلون أطياف قوى الحرية والتغيير، ويجب تشكيل حكومة جديدة تمثل المكونات المختلفة.
ويحظى الاعتصام القائم بتأييد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني، جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور، مني اركو مناوي.
وإبراهيم ومناوي من قيادات الحركات المسلحة التي قاتلت نظام الرئيس السابق عمر البشير. وانضمت عدة حركات مسلحة إلى قوى الحرية والتغيير، التي تشكلت من رحم الاحتجاجات التي تمكنت من الإطاحة بالرئيس السوداني السابق.
وخاطب مناوي المعتصمين أكثر من مرة، كما غرد قائلا: "هذا الحراك الشعبي الملتحم في قلب الخرطوم، البعض يؤيده والبعض يعارضه وينظر إليه بعين الخيانة، لكن المفيد هو خروج الخلافات إلى الفضاء العام بدلا عن توظيف المؤسسات الحكومية لتصفية الحسابات".
ولم تحاول القوى الأمنية فض الاعتصام المستمر منذ أيام، على خلاف اعتصامات سابقة.
ووصف رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، الأزمة الحالية بأنها أخطر أزمة تواجه الحكومة الانتقالية، ودعا الأطراف إلى الوحدة حتي لا تنجر البلاد إلى الفوضى.
وأعلنت رئاسة الوزراء السودانية تشكيل لجنة سياسية سباعية برئاسة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، لبحث الأزمة السياسية الراهنة والوصول إلى حلول.
وقوى الحرية والتغيير هي مظلة تشمل تيارات وائتلافات سياسية وأيديولوجية مختلفة جمع بينها الرغبة في التخلص من الرئيس السوداني السابق عمر البشير.

•"العسكريون وما يجري من انقسام"
من جانبه، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، حرص القوات المسلحة والمكون المدني على إنجاح الفترة الانتقالية وصولا إلى حكومة منتخبة.
وشدد البرهان خلال لقائه وزيرة الخارجية البريطانية للشؤون الإفريقية، فيكي فورد، الأربعاء 20 من أكتوبر/تشرين الأول، على الالتزام بالوثيقة الدستورية والحفاظ على الشراكة بين المكونين المدني والعسكري.
ويرى فريق من المتابعين أن المؤسسة العسكرية السودانية قد تكون المستفيد الأكبر من الانشقاق القائم في صفوف قوى الحرية والتغيير.
ويتخوف جانب من السودانيين أن يكون ما يجري حاليا من انقسام علني هو تمهيد لانقلاب يحضر للثورة السودانية.
وتبادل المكون العسكري والمدني في الحكومة السودانية الاتهامات فيما بينهما أكثر من مرة.
وأطاح الجيش السوداني، في 11 أبريل/نيسان 2019، بالرئيس السابق عمر البشير الذي حكم السودان لأكثر من ثلاثين عاما، بعد انتفاضة شعبية استمرت شهورا.
وتسلّم الجيش مقاليد السلطة بعد إطاحته بالبشير، لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية. وتخلل الاحتجاجات اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى.
ووقع العسكريون والمدنيون (ائتلاف قوى الحرية والتغيير)، في أغسطس/آب 2019، اتفاقا لتقاسم السلطة نص على فترة انتقالية تستمر ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا.
وبموجب الاتفاق الموقع، شكلت سلطة تنفيذية من الطرفين.
ويتعين أن تنتهي الفترة الانتقالية بانتخابات حرة يجري على إثرها تسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة.


التعليقات