في وقت تستمر فيه حركة طالبان بالتقدم وكسب مزيد من المدن والولايات في أفغانستان، يزداد تفكك الجيش الأفغاني تدريجيا مع الخروج الأميركي الكامل من البلاد.
في 6 أغسطس، سيطر مقاتلو طالبان على زارانج، عاصمة ولاية نيمروز، وهي أول مدينة كبرى تسقط في هجوم للحركة الإسلامية المسلحة منذ سنوات. وقال قائد الحركة المتمردة في أفغانستان في بيان، "هذه هي البداية".
وقالت صحيفة "الغارديان" إن توقعات طالبان باتت صحيحة في غضون 7 أيام، عقب سقوط مدينة تلو الأخرى في هزيمة شاملة للقوات الحكومية.
تشير الصحيفة البريطانية إلى أن المدن الرئيسية سقطت تباعا في غضون الأيام السبعة ابتداء من قندوز شمال البلاد، ومن ثم الضربة المدمرة بسيطرة طالبان على قندهار ثاني أكبر مدن البلاد.
بحلول يوم الجمعة، أظهرت الخرائط التي تتبع تقدم طالبان أن أكثر من 65 في المئة من البلاد تحت سيطرة الحركة، مع سقوط أكثر من 12 عاصمة إقليمية وعزل العاصمة كابل.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن الفساد المستشري في المؤسسة العسكرية جعل من الجيش الأفغاني هشا أمام مقاتلي طالبان الذين سيطروا على المدن دون مقاومة.
على الرغم من صرف الولايات المتحدة أكثر من 83 مليار دولار على الأسلحة والمعدات والتدريب في قوات الأمن في البلاد على مدى عقدين من الزمن، إلا أن إحدى نقاط الضعف الرئيسية هي تقلص أفراد الجيش.
وبلغ عدد عناصر القوات الأمنية الأفغانية 300 ألف شخص في السجلات الرسمية، إلا أن الأيام الأخيرة بلغ مجموع القوات على الأرض سدس هذا العدد فقط، طبقا لما نقلته الصحيفة الأميركية.
وعندما بدأت طالبان في بناء الزخم بعد إعلان الولايات المتحدة الخروج من البلاد، زاد الاعتقاد لدى القوات بأن القتال من أجل حكومة الرئيس أشرف غني لا يستحق الموت.
•بطاطس فقط
وقال الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بيل روجيو، إن الجيش الأفغاني ابتلي بالفساد وسوء الإدارة، مما ترك القوات في الميدان بتجهيز سيء وقليل من الحافز للقتال.
وأضاف روجيو في حديث لصحيفة "الغارديان"، "مهما كانت القوات المتبقية في منطقة كابل والمحافظات المحيطة بها، فسيتم استخدامها للدفاع عن كابل. هذه المقاطعات (التي سقطت) ستظل تحت سيطرة طالبان مالم يحدث تغير كبير".
في الاتجاه ذاته، التقت "نيويورك تايمز" عددا من الجنود وضباط الشرطة، الذين تحدثوا على لحظات من اليأس ومشاعر مليئة بالإحباط.
وعلى أحد خطوط المواجهة في مدينة قندهار بجنوب أفغانستان الأسبوع الماضي، أشارت الصحيفة إلى أن البطاطس كانت وراء عجز القوات الأفغانية من صد هجوم طالبان.
بعد أسابيع من القتال، لم تتلق القوات الأفغانية أي معونات غذائية سوى البطاطس المقلية، وكان جوعهم وتعبهم ينهكهم.
يصرخ أحد الضباط مستاءً من نقص الدعم الذي يتلقونه في ثاني أكبر مدينة في البلاد، "هذه البطاطس المقلية لن تجعلنا نصمد في الخطوط الأمامية".
يوم الخميس، انهار هذا الخط الأمامي، وكانت قندهار تحت سيطرة طالبان بحلول صباح الجمعة.
قال عبد الحي، 45 عاما، وهو قائد الشرطة الذي كان يقف على الجبهة الشمالية لقندهار الأسبوع الماضي، "إنهم يحاولون فقط القضاء علينا".
ومنذ 2001، عانت قوات الأمن الأفغانية من أكثر من 60 ألف حالة وفاة، لكن عبد الحي لم يكن يتحدث عن طالبان، بل يتحدث عن حكومته، التي كان يعتقد أنها غير كفؤة.
قال عبد الحليم، 38 عاما، وهو ضابط شرطة على جبهة قندهار في وقت سابق من هذا الشهر، "إننا نغرق في الفساد".
كانت وحدة العمليات الخاصة التابعة له بنصف قوتها - 15 من أصل 30 شخصا - وكان العديد من رفاقه الذين بقوا في الجبهة هناك لأن قراهم قد تم الاستيلاء عليها بالفعل.
وحتى يوم الخميس، لم يتضح ما إذا كان عبد الحليم لا يزال على قيد الحياة وما تبقى من رفاقه.
وظلت أعداد عناصر طالبان موضع تساؤل مع تقدمهم المستمر منذ مايو الماضي، إذ أن التقديرات الرسمية تشير إلى أن الأعداد تتراوح بين 50 إلى 100 ألف مقاتل.
ومع خروج القوات الدولية، يقول بعض المسؤولين الأميركيين إن أعداد طالبان تضخمت بسبب تدفق المقاتلين الأجانب وحملة التجنيد العدوانية في الأراضي التي تم الاستيلاء عليها، فيما ويقول خبراء آخرون إن طالبان أخذت الجزء الأكبر من قوتها من باكستان.