حذّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من أن تحرّكات البرلمان الإسرائيلي نحو ضمّ الضفة الغربية قد تُعرّض خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة للخطر، وهي الخطة التي أسفرت حتى الآن عن وقفٍ هشٍّ لإطلاق النار.
وقال روبيو للصحفيين مساء الأربعاء، قبيل مغادرته متوجهاً إلى إسرائيل:
“أعني، نعم، هذا تصويت في الكنيست، لكن من الواضح أن الرئيس أوضح أننا لا ندعم ذلك في الوقت الراهن، ونرى أنه قد يُهدد اتفاق السلام المحتمل.”
وتأتي زيارة روبيو في إطار مساعٍ أميركية مستمرة للحفاظ على الهدنة الهشّة بين إسرائيل وحركة حماس، بعد حربٍ مدمّرة استمرت عامين وأعادت رسم ملامح الشرق الأوسط.
وقد هزّت جولاتٌ متكررة من إطلاق النار والانفجارات الاتفاق، وتبادل الجانبان الاتهامات بخرق المرحلة الأولى منه، التي شملت إطلاق سراح رهائن إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، وتسليم جثامين بعض الرهائن المتوفين، وانسحاباً جزئياً للقوات الإسرائيلية.
وجدّد الطرفان تأكيد التزامهما بوقف إطلاق النار الذي ترعاه الولايات المتحدة، بعد حربٍ استمرت عامين اندلعت إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر –بحسب الإحصاءات الإسرائيلية– عن مقتل 1200 شخص.
وردّت إسرائيل بشنّ حملة جوية وبرية واسعة النطاق أودت بحياة أكثر من 68 ألف شخص، وحوّلت جزءاً كبيراً من قطاع غزة الصغير والمكتظ بالسكان إلى أنقاض، وفقاً لبيانات السلطات الصحية في غزة.
⸻
• قصف كثيف وإطلاق نار ليلي
أفاد سكان محليون بوقوع إطلاق نار كثيف ومتواصل، وقصفٍ مدفعي عنيف في المناطق الشرقية من خان يونس جنوبي القطاع، خلال الليل، وكذلك شرق مدينة غزة في شمال الجيب الفلسطيني.
وقالت السلطات الصحية في غزة إنّ نيران طائرة مُسيّرة إسرائيلية أسفرت عن مقتل فلسطيني واحد في جنوب القطاع.
وقال محمد أبو منصور (40 عاماً)، وهو مزارع يقيم في وسط قطاع غزة:
“إطلاق النار والانفجارات لم تتوقف تقريباً حتى الصباح. أطفالي الثلاثة استيقظوا وسألوني إن كانت الحرب قد عادت”، مضيفاً عبر تطبيق مراسلة: “متى سينتهي كل هذا ونستعيد حياتنا الطبيعية من دون خوف؟”
ولم يصدر الجيش الإسرائيلي تعليقاً فورياً بشأن سلسلة إطلاق النار والقصف المدفعي أو الهجوم بطائرة مُسيّرة.
لكن شهود عيان أفادوا بأن الهدوء النسبي عاد إلى القطاع الساحلي بعد بزوغ الفجر.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن زيارة روبيو لإسرائيل تهدف إلى دعم تنفيذ خطة ترامب المؤلفة من 20 نقطة، والرامية إلى إنهاء حرب غزة، وتمهيد الطريق أمام إعادة الإعمار، وإرساء حوكمة مستقرة، وخطواتٍ محتملة نحو إقامة دولة فلسطينية.
وكان نائب الرئيس الأميركي جي دي ڤانس قد سبق روبيو في زيارة إسرائيل، حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء، وكان من المقرر أن يجتمع يوم الخميس مع وزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر قبل مغادرته.
⸻
• تحرّك في الكنيست الإسرائيلي نحو ضمّ الضفة الغربية
حظي مشروع قانون يقضي بتطبيق القوانين الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة –وهو إجراء يُعدّ بمثابة ضمٍّ فعلي لأراضٍ يطالب بها الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقلة– بموافقة أولية في الكنيست الإسرائيلي يوم الأربعاء.
ويُقيم نحو 500 ألف مستوطن يهودي في مستوطناتٍ منتشرة عبر الضفة الغربية، فيما تعتبر الأمم المتحدة ومعظم دول المجتمع الدولي هذه المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتستند الحكومة الإسرائيلية في موقفها إلى ما تصفه بـ”الروابط التوراتية والتاريخية” مع الضفة الغربية، التي تعدّها أرضاً متنازعاً عليها، كما تعارض إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وتُعدّ قضية المستوطنات من أكثر القضايا تفجّراً وحساسية في الصراع، إذ يُنظر إليها منذ عقود على أنها عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وكان التصويت الأول من أصل أربع مراحل ضرورية لإقرار مشروع القانون، وجاء بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي ڤانس لإسرائيل، بعد شهرٍ من تصريح الرئيس دونالد ترامب بأنه لن يسمح لإسرائيل بضمّ الأراضي التي استولت عليها في حرب الشرق الأوسط عام 1967.
ولم يدعم حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو مشروع القانون الذي قدّمه نوابٌ من خارج الائتلاف الحاكم، وتمت الموافقة عليه بفارق صوتٍ واحد، إذ أقرّه 25 نائباً مقابل 24، من أصل 120 عضواً في الكنيست.
وكانت حكومة نتنياهو قد درست خيار الضمّ كردٍّ على اعتراف عددٍ من الحلفاء الغربيين الرئيسيين بدولة فلسطين، في محاولةٍ للضغط على إسرائيل لوقف حربها في غزة، لكنها بدت وكأنها تراجعت عن الخطوة بعد اعتراض ترامب.
وتشهد وتيرة بناء المستوطنات تسارعاً كبيراً منذ عام 2022، حين وصلت إلى الحكم حكومة نتنياهو الأكثر يمينيةً في تاريخ إسرائيل، مدعومةً بشركاء من الائتلاف القومي المتشدّد الذين يسعون إلى ضمّ الضفة الغربية وقطاع غزة على حدٍّ سواء.
لقراءة المادة من موقعها الاصلي: