أمهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة حماس "ثلاثة أو أربعة أيام" للرد على خطته لإحلال السلام في غزة، ملوحا بعواقب وخيمة في حال رفض المقترح، بينما بدأت الحركة دراسة المبادرة التي أكدت إسرائيل دعمها لها.
وبينما يستمر التصعيد، شهد قطاع غزة غارات جوية وعمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة، أسفرت بحسب الدفاع المدني، عن سقوط 46 قتيلا على الأقل الثلاثاء.
وتتضمن الخطة المطروحة وقف إطلاق النار وفك أسر الرهائن خلال 72 ساعة، إلى جانب نزع سلاح حماس وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، مع تشكيل مجلس سلام برئاسة دونالد ترامب.
وفي توضيحه للإطار الزمني، أكد ترامب للصحافيين ضرورة رد حماس خلال "ثلاثة أو أربعة أيام" على مبادرته.
"في الجحيم"
وخلال اجتماعه مع جنرالات أمريكيين بفيرجينيا، صعد ترامب خطابه مهددا حماس بمصير "في الجحيم" إذا رفضت التوقيع على الخطة قائلا: "نحتاج إلى توقيع واحد فقط، وإذا لم نحصل عليه، سيدفعون الثمن في الجحيم".
في سياق آخر، دعا المتحدث باسم الأمم المتحدة جميع الأطراف للقبول بخطة ترامب للسلام.
وتسلمت حماس الإثنين نص المبادرة المؤلف من 20 بندا.
واجتمع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ومدير المخابرات المصرية محمود رشاد مع ممثلي حماس وسلموهم الخطة، وأفاد مفاوضو الحركة بأنهم سيدرسونها بنية حسنة ويقدمون ردا لاحقا.
وأعلنت أوساط قريبة من حماس مباشرة الحركة مشاورات داخل أطرها القيادية السياسية والعسكرية في الداخل والخارج بهدف إعداد رد يمثل الفصائل الوطنية، وأشارت إلى إمكانية احتياج هذه المشاورات لعدة أيام.
أما دولة قطر، التي تستضيف قيادات من حماس، فقد نظمت اجتماعا في الدوحة بمشاركة وفد تركي لمناقشة تفاصيل المقترح.
وصرح المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أن قطر ومصر سلمتا الخطة لحماس خلال الاجتماعات الأخيرة في الدوحة، وأكد وفد الحركة نيته دراستها بمسؤولية، مع الإشارة إلى أن التقييم النهائي يحتاج المزيد من الوقت، لكنه عبر عن تفاؤله تجاه المبادرة.
وتشترط الصفقة نزع سلاح حماس بالكامل وإبعاد عناصرها عن أي مناصب حكومية مستقبلية مع منح العفو لمن يقبلون "التعايش السلمي".
بالإضافة لذلك، تنص على انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع بعد مرور نحو عامين على اندلاع الحرب.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو شدد في تصريح له عبر تلغرام عقب المؤتمر الصحفي مع ترامب على أن القوات الإسرائيلية ستظل متواجدة في معظم أنحاء القطاع، ورفض الموافقة على قيام دولة فلسطينية أثناء محادثاته مع ترامب.
وأكد نتانياهو: "سنستعيد جميع رهائننا أحياء وبصحة جيدة، فيما سيبقى الجيش في معظم أنحاء قطاع غزة".
وأعلن نتانياهو عزمه اطلاع الحكومة الإسرائيلية على تفاصيل خطة ترامب خلال اجتماع عقده الثلاثاء، حيث أكد وجود تفاهم مع الرئيس الأمريكي بشأن الإفراج عن الرهائن وتحقيق أهداف الحرب.
من ناحية أخرى، وصف وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموطريتش الخطة بأنها "إخفاق دبلوماسي كبير".
"دعم كامل"
وتتضمن الخطة أيضا نشر قوة استقرار دولية مؤقتة، إلى جانب تأسيس مجلس سلام انتقالي برئاسة ترامب وعضوية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وأثنى بلير على المبادرة واعتبرها "شجاعة وذكية"، لكنه لا يزال يواجه انتقادات واسعة في الشرق الأوسط على خلفية موقفه من حرب العراق.
وخلال المؤتمر المشترك مع ترامب، رفض نتانياهو إعطاء السلطة الفلسطينية دورا في إدارة غزة، رغم ترك الخطة الأمريكية متسعا لهذا الاحتمال.
بدوره، أبدى ترامب تأييده الكامل لنتانياهو في حال رفضت حماس المبادرة أو حاولت إفشالها، مؤكدا دعمه لأي إجراءات تتخذها إسرائيل لتحقيق أهدافها الحربية.
تأييد دولي واسع
وأثارت خطة ترامب ردود فعل واسعة، حيث رحبت دول عربية وإسلامية، على رأسها مصر وقطر، بالجهود لتحقيق اتفاق.
وحظيت المبادرة بدعم أوروبي سريع، إذ أشاد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا بالخطة ودعا جميع الأطراف لاستغلال الفرصة لتحقيق السلام.
أما المستشار الألماني فريدريش ميرتس، فرأى في المبادرة "أفضل فرصة لإنهاء الحرب".
من جانبها، أيدت الصين التحركات الرامية لخفض التوتر بين فلسطين وإسرائيل، وفق تصريح لمتحدث الخارجية الصينية.
وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا تدعم دوما جهود الرئيس ترامب لإنهاء النزاع.
وعبر البابا لايون الرابع عشر عن أمله بأن توافق حماس على خطة السلام الأمريكية ضمن المهلة المحددة، معتبرا أنها تتضمن "عناصر مثيرة للاهتمام".
ويرى هيو لوفات، خبير المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أن رد حماس سيكون إيجابيا إذا شكلت الخطة أساسا للتفاوض، بينما سيكون رفضها مرجحا إذا اعتبرت مبادرة للقبول أو الرفض دون تفاوض.
"غير واقعية"
وفي غزة، سادت حالة من الشك حول فرص نجاح الخطة، إذ اعتبر إبراهيم جودة، أحد سكان منطقة المواصي بخان يونس، أن المبادرة "غير واقعية".
واستمرت الغارات والعمليات العسكرية الإسرائيلية بلا توقف، ما تسبب بسقوط عشرات القتلى والجرحى، بينهم نساء وأطفال. وقد ارتفع عدد ضحايا الحرب في غزة إلى 66,097 منذ بدء المواجهات في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب وزارة الصحة في غزة.
ورحبت السلطة الفلسطينية التي قد تلعب دورا في غزة مستقبلا، بجهود ترامب "الحثيثة" لإنهاء الحرب.
في المقابل، وصف زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، خطة ترامب بأنها "وصفة لاستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني".