تقرير: مصر توقّع صفقة غاز قياسية بقيمة 35 مليار دولار مع إسرائيل وتدفع 14% أكثر مقابل الواردات
يمن فيوتشر - ميدل إيست آي- ترجمة خاصة: الجمعة, 08 أغسطس, 2025 - 09:29 مساءً
تقرير: مصر توقّع صفقة غاز قياسية بقيمة 35 مليار دولار مع إسرائيل وتدفع 14% أكثر مقابل الواردات

وقّعت مصر صفقة غاز قياسية مع إسرائيل بقيمة 35 مليار دولار، ما يمثّل نحو ثلاثة أضعاف وارداتها الحالية من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي، في خطوة تُعدّ أكبر صفقة تصدير في تاريخ إسرائيل.

وأعلنت شركة الطاقة الإسرائيلية "نيو ميد إنرجي" عن الصفقة يوم الخميس، موضحة أن الاتفاق ينص على ضخ 130 مليار متر مكعب من الغاز من حقل "ليفياثان" البحري إلى مصر حتى عام 2040.

وتُعد "نيو ميد" أحد الشركاء الثلاثة المالِكين للحقل، إلى جانب شركتي "راشيو" الإسرائيلية و"شيفرون" الأميركية، حيث تمتلك "نيو ميد" حصة تبلغ 45.34% من مخزون الغاز.

ويمثّل هذا الاتفاق توسعة كبيرة للاتفاق السابق الذي أُبرم بين القاهرة وتل أبيب عام 2018، والذي نصّ على توريد نحو 4.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى مصر، رغم أن إسرائيل عمدت إلى قطع الإمدادات بشكل متكرر منذ بدء عدوانها على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن المقرر أن ينتهي العمل بالاتفاق القديم مع نهاية العقد الجاري.

وتُعزّز الصفقة الجديدة اعتماد مصر المتزايد على الغاز الإسرائيلي، في وقت تسعى فيه القاهرة إلى زيادة وارداتها لمواجهة الطلب المحلي المتصاعد، وسط انهيار حاد في إنتاجها المحلي من الغاز خلال السنوات الثلاث الماضية.

وشهدت مصر خلال صيفي العامين الماضيين فجوات واسعة في إمدادات الطاقة، أدّت إلى انقطاعات كهربائية متكررة وسط موجات حرّ شديدة، ما أثار موجة من الغضب الشعبي.

وسعت الحكومة إلى سدّ هذا العجز من خلال تعزيز وارداتها من الغاز الطبيعي المسال (LNG)، والتي من المتوقع أن ترتفع إلى نحو 19 مليار دولار هذا العام، مقارنة بـ12 مليار دولار في عام 2024.

وبحسب بيانات مبادرة المنظمات المشتركة للطاقة (Joint Organisations Data Initiative)، توفّر إسرائيل حاليًا ما بين 15 إلى 20% من استهلاك مصر من الغاز.

ووصف الرئيس التنفيذي لشركة "نيو ميد"، يوسي أبو، الاتفاق الجديد بأنه "صفقة رابحة للطرفين"، معتبرًا أنها ستوفّر على مصر "مبالغ طائلة" مقارنة باستيراد الغاز المسال، نظرًا لأن الغاز الإسرائيلي يُورّد عبر أنابيب مباشرة، مما يجعله أقل تكلفة من الغاز المسال الذي يتطلب تبريده إلى درجات منخفضة جدًا لتسييله وتسهيل نقله.

لكن، وبحسب موقع "مدى مصر"، فإن الاتفاق الجديد سيفرض على القاهرة دفع نحو 35 مليون دولار إضافية عن كل مليار متر مكعب، ما يمثّل زيادة بنسبة 14.8% مقارنة بالاتفاق السابق.

وكان مسؤول سابق في وزارة البترول المصرية ومصدر حكومي قد صرّحا لـ"مدى مصر" في وقت سابق بأن مفاوضات طويلة جرت بين الجانبين على مدار أشهر لتعزيز ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر.

وأشار المصدران إلى أن مصر كانت مستعدة لقبول أسعار أعلى، لأن الغاز الإسرائيلي يُعدّ الخيار الأرخص المتاح أمامها لسدّ النقص المتزايد في إمدادات الطاقة.


•لا ضمانات" بتنفيذ الشروط المسبقة للاتفاق
غير أن تنفيذ الصفقة يظل مرهونًا باستكمال خطوط الأنابيب والبنية التحتية اللازمة للتصدير.

فمن المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى من الاتفاق، والتي تشمل ضخ 20 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر في أوائل عام 2026، بعد الانتهاء من إنشاء خط أنابيب جديد يصل إلى حقل "ليفياثان"، بالإضافة إلى توسعة خط الأنابيب الممتد بين مدينتي أشدود وأشكلون الساحليتين في إسرائيل، وهو مشروع تعطّل بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.

أما المرحلة الثانية، التي تنصّ على تصدير الكمية المتبقية البالغة 110 مليارات متر مكعب إلى مصر، فتعتمد على توسعة البنية التحتية التصديرية، بما في ذلك بناء خط أنابيب بري جديد من داخل إسرائيل إلى الحدود المصرية في نيتسانا، وهو مشروع لم تبدأ أعماله بعد.

وقد أصدرت شركة "نيو ميد"، يوم الخميس، بيانًا تحذيريًا أوضحت فيه أنه "لا توجد أي ضمانات" بأن هذه الشروط المسبقة سيتم تنفيذها بالفعل.

وتأتي هذه التطورات في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي إزاء ما يُنظر إليه كـ"تورّط مصري" في الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، حيث تُوفي قرابة 200 فلسطيني جرّاء المجاعة التي فرضتها إسرائيل.

وفي يوليو/تموز الماضي، تم إخفاء رجلين قسرًا بعد أن اقتحما مركز شرطة المعصرة بالقاهرة احتجاجًا على فشل السلطات المصرية في فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى القطاع المحاصر.

وجاء هذا الحادث بعد أسبوع من موجة احتجاجات أمام السفارات المصرية في عدد من العواصم الأوروبية، أطلق شرارتها الناشط أنس حبيب في هولندا، حين أغلق رمزيًا أبواب السفارة المصرية احتجاجًا على استمرار إغلاق معبر رفح.

ومن جانبه، نفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاتهامات الموجّهة لحكومته. وفي قمة عُقدت هذا الأسبوع بالقاهرة، انتقد ما وصفه بـ"قصور المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات"، ورفض الحديث عن "تورّط" مصر في العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة — والذي أودى بحياة أكثر من 60 ألف فلسطيني — معتبرًا إياه "كلامًا غريبًا".


التعليقات