باشرت الولايات المتحدة تنفيذ عملية إجلاء جزئي لسفارتها في العراق، وفق ما أكده مسؤولون أمريكيون وعراقيون لوكالة رويترز، وسط تصاعد المخاطر الأمنية في منطقة الشرق الأوسط. وتشمل الإجراءات السماح لعائلات العسكريين بمغادرة بعض المواقع العسكرية الأمريكية في المنطقة.
المصادر لم توضح طبيعة التهديدات التي دفعت إلى هذه الخطوة، لكن أسعار النفط ارتفعت بأكثر من 4% عقب انتشار الخبر، في مؤشر على الترقب الإقليمي.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء إن الجمهورية الإسلامية "لا يمكنها امتلاك سلاح نووي"، التصريح جاء خلال حضوره عرضًا لفيلم "البؤساء" في مركز كينيدي بواشنطن، حيث علّق على تقارير تتحدث عن نقل أفراد من الطواقم الدبلوماسية، قائلًا: "نقوم بنقلهم لأنه قد يكون مكانا خطرا".
وفي رد على سؤال من رويترز، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي إن القرار جاء نتيجة "مراجعة دورية حديثة لتموضع الموظفين الأمريكيين في الخارج". وأكدت أن وزارة الخارجية تتولى متابعة هذه المسألة. كما أفاد مسؤول في البيت الأبيض بأن الرئيس ترامب على اطلاع مباشر على خطة الإجلاء.
الإجراءات الجديدة تأتي في ظل تصاعد التوتر الإقليمي المرتبط بالحرب المستمرة على غزة منذ 18 شهرا، وسط تحذيرات متزايدة من احتمال اندلاع مواجهة أوسع بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى.
وفي تصريح له صباح الأربعاء، قال ترامب إن ثقته في التوصل إلى اتفاق مع طهران بشأن وقف تخصيب اليورانيوم "تتراجع"، في وقت يضع فيه البيت الأبيض وقف التخصيب كشرط أساسي في أي تفاهم نووي.
من جهته، حذر وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده من أن بلاده سترد بقوة في حال تعرضها لأي هجوم، مشيرا إلى أن القواعد الأمريكية في المنطقة ستكون ضمن أهداف الرد الإيراني.
وتنتشر القوات الأمريكية حاليا في عدد من دول المنطقة بينها العراق والكويت وقطر والبحرين والإمارات.
وأفاد مسؤول أمريكي بأن وزير الدفاع بيت هيغسيث أذن بالمغادرة الطوعية لأسر العسكريين، خصوصا في البحرين، حيث تتمركز أعداد كبيرة منهم. بينما أوضح مسؤول آخر أن عملية الإجلاء من سفارة واشنطن في بغداد ستتم عبر وسائل النقل التجارية، مع استعداد الجيش الأمريكي للتدخل في حال الضرورة.
من جهة أخرى، نفت الحكومة العراقية وجود أي تطور أمني يستدعي الإخلاء، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء العراقية عن مصدر رسمي.
أما السفارة الأمريكية في الكويت فأكدت في بيان أنها تواصل العمل بكامل طاقتها، دون أي تغيير في وضع موظفيها. وأشار مسؤول أمريكي إلى أن العمليات في قاعدة العديد الجوية بقطر لم تتأثر، ولا يوجد أي قرار بإجلاء الموظفين أو عائلاتهم هناك.
توترات أمنية وأسواق مضطربة
في الأسواق، قفز سعر خام برنت بنحو ثلاثة دولارات ليصل إلى 69.77 دولار للبرميل عند التسوية، عقب نشر تقارير عن الإجلاء الأمريكي في بغداد.
وحذرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية من أن التوتر الإقليمي المتصاعد قد يؤدي إلى زيادة النشاط العسكري في الممرات المائية الحيوية، مشددة على ضرورة توخي الحذر عند عبور الخليج وخليج عُمان ومضيق هرمز.
ويستضيف العراق حاليا نحو 2500 جندي أمريكي، ويتعاون في الوقت نفسه مع فصائل مسلحة مقربة من إيران، ما يجعله في موقع حساس ضمن المشهد الإقليمي.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كثفت الجماعات المسلحة الموالية لطهران هجماتها ضد القوات الأمريكية في العراق، رغم تراجع وتيرتها خلال الأشهر الماضية.
وشهد العام الماضي أول مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، تبادل خلالها الطرفان إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، عبر أجواء العراق، في تطور غير مسبوق.
وشملت الضربات الإسرائيلية أهدافًا لفصائل موالية لإيران داخل الأراضي العراقية وفي سوريا، ضمن استراتيجية أوسع تستهدف تقليص نفوذ طهران الإقليمي.
الملف النووي مجددا إلى الواجهة
وتُستأنف في الأيام المقبلة المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، وسط تسريبات عن استعداد طهران لتقديم مقترح جديد، بعد رفض واشنطن العرض السابق.
بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أكدت الأربعاء عبر منصة "إكس" أن "التهديد باستخدام القوة الساحقة لن يغير الحقائق"، مشددة على أن طهران "لا تسعى لامتلاك سلاح نووي"، وأن "النزعة العسكرية الأمريكية لا تؤدي إلا إلى مزيد من عدم الاستقرار".
ويأتي هذا الموقف ردا على تصريحات قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، الذي قال إنه قدم للرئيس ترامب "مجموعة واسعة من الخيارات" لمنع إيران من تطوير سلاح نووي.
يشار إلى أن موقع أكسيوس نقل الأربعاء عن مسؤول أمريكي القول إن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف سيلتقي بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مسقط يومالأحد لمناقشة الرد الإيراني على المقترح الأمريكي الأحدث.