خلال مراسم في الكرملين، وقع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بيزشكيان الجمعة "معاهدة شراكة استراتيجية شاملة"، في خطوة وصفها بوتين بـ"اختراق حقيقي"، مضيفا أن البلدين الخاضعين لعقوبات شديدة "متحدان.. في نقل علاقاتنا إلى مستوى جديد".
أبرم الرئيسان الروسي والإيراني الجمعة "معاهدة شراكة استراتيجية شاملة"، بحسب ما أفاد صحافيون من وكالة الأنباء الفرنسية كانوا موجودين خلال مراسم التوقيع في الكرملين.
وقال الرئيس فلاديمير بوتين خلال حفل التوقيع "هذه الوثيقة اختراق حقيقي"، مضيفا أن البلدين الخاضعين لعقوبات شديدة "متحدان.. في نقل علاقاتنا إلى مستوى جديد".
من جانبه، قال بيزشكيان إن روسيا وإيران فتحتا فصلا جديدا في العلاقات لا سيما في التجارة. وذكر بزشكيان ونظيره الروسي بوتين أن البلدين سيكثفان التعاون بينهما في مجالات عدة منها السياسة والأمن والتجارة والنقل والطاقة.
وأضاف بوتين أن روسيا وإيران ترفضان معا أي "إملاء" تفرضه القوى الأجنبية، وذلك بعد توقيع البلدين شراكة استراتيجية لتعزيز تحالفهما ضد الغرب.
وقال الرئيس الروسي إن "بلدينا يدافعان بحزم عن مبادىء سيادة القانون الدولي ومبادىء السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ... ويرفضان بحزم أي إملاء مصدره الخارج".
إلى ذلك، دعا الرئيس الايراني مسعود بزشكيان إلى "تسوية سياسية" للنزاع في أوكرانيا المستمر منذ نحو ثلاثة أعوام.
وقال بزشكيان بحسب ترجمة تصريحاته الى الروسية إن "الأعمال الحربية والحرب ليست حلا للمشكلة... نحن نؤيد إذن تسوية سياسية بين روسيا وأوكرانيا".
في السنوات الأخيرة، توطد التحالف القائم بين روسيا وإيران الخاضعتين لعقوبات دولية تقيد مبادلاتهما في ظل تنامي المواجهة مع الولايات المتحدة والأوروبيين.
تسعى طهران وموسكو، إلى جانب بكين، إلى التصدي للنفوذ الأمريكي. ونسجتا علاقات وطيدة في عدة مجالات وتتقارب مواقفهما في ملفات دولية كثيرة، من الشرق الأوسط إلى النزاع في أوكرانيا.
وتكبد البلدان خسائر وتراجع نفوذهما خصوصا في كانون الأول/ديسمبر مع سقوط حكم حليفهما بشار الأسد.
ويعقد هذا اللقاء قبل أيام من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، هو الذي عُرف بسياسة "الضغوط القصوى" إزاء إيران خلال ولايته الأولى (2017-2021).
ويتمحور الاتفاق على "التعاون الاقتصادي والتجاري في مجالات الطاقة والبيئة والمسائل المرتبطة بالدفاع والأمن"، وفق ما كشفت السفارة الإيرانية في موسكو الأسبوع الماضي.
وفي مقال نشرته وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي، كتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "هي خطوة نحو عالم أكثر عدلا وتوازنا. فإيران وروسيا، إدراكا منهما لمسؤوليتهما التاريخية، ترسيان أسس نظام جديد".
وكشف أن الفكرة تقضي بأن يحل "التعاون" محل "الهيمنة"، في تلميح إلى القوى الغربية.
وصرح نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء أن الهدف من هذه المعاهدة يقوم على "تطوير قدرات" البلدين، لا سيّما من أجل "ضمان قدرة دفاعية موثوقة".
وشدد على أن الاتفاق "ليس موجها ضد أحد"، مشيرا إلى أن الغرب يسعى "دوما" إلى إظهار أن "روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية تدبر شيئا ما ضد جهة ما".
وما زالت ملامح الاتفاق غير واضحة، غير أن موسكو أبرمت اتفاقا يحمل الاسم عينه العام الماضي مع كوريا الشمالية ينص في أحد بنوده على "مساعدة عسكرية فورية" في حال تعرض أحد البلدين لاعتداء من طرف آخر.
لكن وزير الخارجية الإيراني أكد هذا الأسبوع، بحسب وسائل إعلام روسية، أن المعاهدة مع طهران لا ترمي إلى "إنشاء تحالف عسكري" شبيه بذاك المبرم بين موسكو وبيونغ يانغ.
وتتهم أوكرانيا ودول غربية كوريا الشمالية بإرسال جنود للقتال إلى جانب الجيش الروسي في الحرب على أوكرانيا. وتلزم موسكو وبيونغ يانغ الصمت إزاء المسألة، من دون تأكيدها أو نفيها.
أما طهران، فيتهمها الغرب بتزويد روسيا مسيّرات متفجّرة وصواريخ قصيرة المدى، مساعدة بذلك الجيش الروسي في أوكرانيا. وتنفي طهران من جهتها هذه الاتهامات.
ويعود اللقاء الأخير بين بوتين وبزشكيان إلى قمة مجموعة دول "بريكس" التي عقدت في تشرين الأول/أكتوبر في مدينة كازان الروسية وقال خلالها الرئيس الروسي لنظيره الإيراني إنه يثمن غاليا "الروابط الودية والبناءة حقّا" بين البلدين، داعيا إلى تعزيز "الدينامية الإيجابية" في مجال التعاون الاقتصادي.
وتطمح روسيا خصوصا إلى تطوير مشروع ممر لوجستي يشمل السكك الحديد والسفن، بين موسكو وباكو وطهران على محور شمالي جنوبي.