واشنطن: وفاة مهندس الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان
يمن فيوتشر - بي بي سي: الخميس, 01 يوليو, 2021 - 10:46 مساءً
واشنطن: وفاة مهندس الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان

توفي وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد، الذي شغل المنصب في عهد الرئيسين جيرالد فورد وجورج دبليو بوش، عن عمر يناهز 88 عاما.
واشتهر رامسفيلد بالإشراف على الرد الأمريكي على هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 لكن مكانته السياسية تراجعت في النهاية بسبب العنف الذي سيطر على العراق في أعقاب الغزو.
وقدأكتسب رامسفيلد، عبر حياته المهنية التي امتدت لعقود من الزمان، سمعة السياسي الأكثر اطلاعا على كواليس الحكم في واشنطن والناجي السياسي الحقيقي المعروف بتغلبه على خصومه، لكنه كان بالنسبة إلى خصومه متشددا وقاسيا وشخصية ميكافيلية ومهندس حرب.
وجاءت واحدة من أكثر اللحظات التي لا تنسى في مؤتمر صحفي عام 2002 عندما سئل عن نقص الأدلة التي تربط صدام حسين بأسلحة الدمار الشامل، فقدم إجابة ملتوية حول مفهوم "المعلوم المعلوم" و "المعلوم المجهول" مما أثار سخرية الكثير من الناس.
ولد دونالد هنري رامسفيلد في شيكاغو في 9 يوليو/تموز من عام 1932. وكان والده يعمل في مجال بيع العقارات، وانضم إلى البحرية خلال الحرب العالمية الثانية. وفي طفولته، كان رامسفيلد في الكشافة كما كان يحب المصارعة.
وبعد دراسة العلوم السياسية في جامعة برينستون بمنحة من البحرية الأمريكية، سار على خطى والده في الجيش وعمل طيارا ومدربا للطيران بين عامي 1954 و 1957.
وبعد انتقاله إلى قوات الاحتياط، ذهب رامسفيلد إلى واشنطن العاصمة ليعمل في البداية كمساعد لعضو في الكونغرس قبل انتخابه هو نفسه في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية إلينوي في عام 1962.
واستقال رامسفيلد من منصبه في عام 1969 لإدارة مكتب ريتشارد نيكسون للفرص الاقتصادية، قبل أن يشغل عدة مناصب أخرى في الإدارة الأمريكية بما في ذلك منصب سفير الولايات المتحدة لدى حلف شمال الأطلسي "الناتو" بين عامي 1973 و1974.
بعد استقالة نيكسون بسبب فضيحة ووترغيت، جرت تسمية رامسفيلد أولا كرئيس لفريق جيرالد فورد الانتقالي ثم كبير موظفي البيت الأبيض.
ثم تم تعيينه وزيرا للدفاع في تعديل وزاري عام 1975، ليصبح أصغر من شغل هذا المنصب حيث كان يبلغ من العمر 43 عاما.
وعمل رامسفيلد في وقت كانت فيه أجواء قلق الحرب الباردة مازالت تهيمن على سياسة الولايات المتحدة، وقد أشرف رامسفيلد على تطوير الغواصة النووية ترايدنت وبرامج صواريخ إم إكس الباليستية العابرة للقارات. كما أنه قوض عمل وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر بشأن محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية (سولت 2) مع السوفييت.
وبعد أن خسر فورد أمام جيمي كارتر وترك منصبه في عام 1977، انتقل رامسفيلد إلى القطاع الخاص مع الحفاظ على بعض الالتزامات والأدوار الفيدرالية بدوام جزئي، بما في ذلك العمل، في مرحلة ما، كمبعوث خاص إلى الشرق الأوسط للرئيس رونالد ريغان.
وأمضى رامسفيلد ما يقرب من عقد من الزمان في الإدارة العليا لشركة الأدوية غي دي سيرل آند كو وشغل منصب الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة جنرال إنسترومنت لتصنيع الإلكترونيات قبل أن يعود إلى مجال صناعة الأدوية كرئيس لشركة غيليد ساينسيس.
حصل رامسفيلد ، في عام 1975، على وسام الحرية الرئاسية عام 1977
لم يبتعد رامسفيلد عن السياسة تماماً، فقد تم اختياره لرئاسة لجنة من الحزبين لتقييم تهديد الصواريخ الباليستية للولايات المتحدة في عام 1998. وقد أشعل التحقيق انتقادات حادة للتقييمات الاستخباراتية في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون والتي قللت من المخاطر الأمنية على قارة أمريكا الشمالية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وجادل تقرير رامسفيلد بأن الولايات المتحدة تواجه تهديدا متزايدا من دول معادية بشكل علني أو محتمل، بما في ذلك كوريا الشمالية والعراق وإيران.
واقترح التقرير أن تلك الدول يمكن أن تلحق "دمارا كبيرا" بالولايات المتحدة في غضون 5 سنوات من اتخاذ قرار بالسعي وراء الحصول على قدرات صاروخية، وهي فترة أقصر بكثير من الـ 15 عاما التي تنبأت بها تقديرات المخابرات. وقد أثارت تلك النتائج جدلا حادا حول أنظمة الدفاع الصاروخي وسياسة الدفاع في البلاد.
بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2000 تم ترشيح رامسفيلد لشغل منصب وزير الدفاع مرة أخرى في عهد جورج دبليو بوش. وبعد أن كان أصغر من تولى هذا المنصب، بات، في ذلك الوقت، أكبر من تولى المنصب سنا.
وكان رامسفيلد، الذي رحب به المحافظون في الحزب، مستشارا حملة بوش في مجال السياسة الخارجية. ووصف بوش رامسفيلد بأنه رجل "يتمتع بقدرة عظيمة في الحكم على الأمور وبرؤية قوية".
ووجد رامسفيلد في حكومة الرئيس بوش الابن شخصيات قوية مثل كولن باول وزير الخارجية ونائب الرئيس ديك تشيني، الذي خلفه في منصب كبير موظفي البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس فورد في السبعينيات.
وكانت إحدى أولويات إدارة بوش إعداد البنتاغون للتعامل مع التهديدات الأمنية الجديدة والمتطورة، مع تكليف رامسفيلد بمحاولة تحديث الجيش الذي كان يُنظر إليه على أنه مقاوم للتغيير.
وقد ورد حينئذ أن نهجه الصريح في إعادة تأكيد السيطرة المدنية على الجيش قد أساء إلى كبار الضباط في الأيام الأولى من حكم إدارة بوش. لكن بعد أقل من 9 أشهر، تعرضت الولايات المتحدة لهجوم غير مسبوق.
كان رامسفيلد يعقد اجتماع إفطار في البنتاغون مع أعضاء الكونغرس لمحاولة حشد الدعم لنظام الدفاع الصاروخي عندما تم استهداف مركز التجارة العالمي في صباح 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001.
وكان رامسفيلد لا يزال في داخل البنتاغون عندما أصيب مقر وزارة الدفاع نفسه بطائرة أخرى مخطوفة حيث كان مصرا على الاستمرار في مؤتمره الصحفي اليومي.
وقد تذكر لاحقا أنه شعر بإهتزاز المبنى وركض نحو موقع تحطم الطائرة، مما أدى إلى تدافع حيث كان المسؤولون يكافحون لتحديد مكانه. وكتب يقول: "في الخارج وجدت الهواء النقي والمشهد الفوضوي حيث سحب الدخان الأسود تتصاعد من الجانب الغربي من المبنى، ركضت حول البنتاغون، ثم رأيت ألسنة اللهب".
وأظهرت لقطات مصورة بثتها شبكة "سي إن إن" رامسفيلد وهو يساعد في نقل شخص ما إلى مكان آمن قبل العودة إلى الداخل للمساعدة في تنسيق رد الفعل الأمريكي على الهجوم.
وظهرت أدلة في وقت لاحق في المذكرات التي رفعت عنها السرية تشير إلى أنه في غضون ساعات من الهجوم، كان رامسفيلد يطرح بالفعل فكرة شن ضربات انتقامية ليس فقط على معسكرات أسامة بن لادن، المشتبه به الرئيسي، ولكن على العراق.


التعليقات