بينما تتكثف المخاوف الدولية حول البرنامج النووي الإيراني، لوحت طهران الخميس بإمكانية تعديل موقفها حول امتلاك السلاح النووي، رغم موقفها الرسمي الديني بحرمة امتلاك الأسلحة النووية. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إذا أعاد فرض عقوبات اقتصادية على طهران، فإن الجمهورية الإسلامية قد تراجع موقفها حول أسلحة الدمار الشامل.
وأرهقت العقوبات الأممية والغربية، خاصة الأمريكية، الاقتصاد الإيراني، سيما في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أعيد انتخابه مطلع هذا الشهر لرئاسة الولايات المتحدة.
وتثير عودة ترامب مخاوف في إيران، وحتى بين الدول الغربية، نظرا لميله من جهة نحو مزيد من الضغط على إيران، ومن جهة أخرى لتبنيه مواقف غير متسقة مع مواقف الدول الغربية من حيث مستوى صرامتها.
وفي عهد ترامب، انسحبت واشنطن أحاديا من الاتفاق النووي عام 2018 . وردا على ذلك، خفضت طهران مستوى امتثالها له ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة، وهو قريب من نسبة 90 في المائة التي يتطلبها تطوير قنبلة ذرية.
ويأتي التلويح الإيراني عشية اجتماع تعقده إيران مع قوى أوروبية لبحث برنامجها النووي. ويعقد مسؤولون من إيران وبريطانيا وفرنسا وألمانيا اجتماعا الجمعة، بعدما قدمت الدول الأوروبية الثلاث إلى جانب الولايات المتحدة، مقترحا أفضى إلى صدور قرار عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينتقد طهران.
ونقلت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية عن عراقجي قوله "لا نية لدينا لتجاوز مستوى 60 في المائة حاليا، ونحن مصممون على ذلك في الوقت الراهن... اخترنا مسار التعاون بهدف الوصول الى حلّ لهذه المشكلة".
لكن عراقجي الذي كان أبرز المفاوضين الإيرانيين في مباحثات الاتفاق النووي لعام 2015، تحدث عن "نقاش يجري حاليا في إيران غالبا في صفوف النخب بشأن ما إذا كانت هذه السياسة خاطئة. لماذا؟ لأنها أثبتت أننا قمنا بكل ما طلبوه (الغربيون)، وعندما حان دورهم لرفع العقوبات، لم يحصل ذلك (..) لذلك ربما ثمة خطأ في سياستنا".
وحذر رئيس الدبلوماسية الإيرانية من أنه في حال إعادة فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي قد "يقتنع الجميع في إيران بأن عقيدتنا كانت خاطئة"، مضيفا "في حال حصول ذلك، أعتقد أن الجميع سيكون مقتنعا بأننا مضينا في الاتجاه الخاطئ، وعلينا تغيير المسار. لذا أعتقد أنه في حال اعتماد (آلية) الزناد، قد نواجه أزمة".
تقرير سري
في غضون ذلك، ذكر تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أبلغت الوكالة باعتزامها تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو وتشغيل أجهزة تم تركيبها مؤخرا.
ويسرد التقرير الموجه إلى الدول الأعضاء في الوكالة التابعة للأمم المتحدة تفاصيل إجراءات أبلغت إيران الوكالة باعتزامها تنفيذها، رغم أنها لم تنجز سوى القليل منها حتى الآن، إذ تعهدت بإضافة آلاف من أجهزة الطرد المركزي بعد قرار صادر ضدها من الوكالة.
وتملك إيران بالفعل أكثر من 10 آلاف جهاز طرد مركزي قيد التشغيل في موقعي نطنز وفوردو تحت الأرض ومحطة فوق الأرض في نطنز. ويحدد التقرير تفاصيل خطط تركيب أكثر من 32 مجموعة تتألف كل منها من 174 جهازا تقريبا، بالإضافة إلى مجموعة ضخمة وغير مسبوقة من 1152 جهازا متقدما للطرد المركزي من طراز آي.آر-6.
ولم يتطرق التقرير لذكر التخصيب إلى درجة نقاء 60 بالمائة القريبة من مستوى صنع الأسلحة عند 90 بالمائة، وهو ما قد يشير إلى اتباع إيران نهجا حذرا نسبيا في ظل استعدادها لإجراء محادثات غدا الجمعة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا في جنيف بهدف العودة إلى الحوار مع الغرب.
وقبل أسبوع فقط من الاجتماع الفصلي لمجلس محافظي الوكالة، عرضت إيران وضع حد أقصى لمخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة 60 بالمائة، لكن دبلوماسيين قالوا إن ذلك مشروط بعدم اعتماد المجلس قرارا يستهدف إيران.
وتحققت الوكالة من أن إيران تبطئ من التخصيب عند ذلك المستوى الأعلى ووصفت الأمر بأنه "خطوة ملموسة في الاتجاه الصحيح".