تقرير: بعد مرور عامين على وفاة مهسا أميني...بين مضايقات متواصلة وعمليات إعدام متزايدة
يمن فيوتشر - فرانس 24 الأحد, 15 سبتمبر, 2024 - 11:09 صباحاً
تقرير: بعد مرور عامين على وفاة مهسا أميني...بين مضايقات متواصلة وعمليات إعدام متزايدة

بعد عامين على وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني عن 22 عاما، التي لقيت مصرعها في 16 أيلول/سبتمبر 2022، بعد أيام من توقيفها لدى شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة، ما الذي تغيرّ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية..؟

شكّلت وفاة أميني شرارة احتجاجات كانت من الأكبر منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. وعلى الرغم من تراجعها الملحوظ بعد أشهر على اندلاعها، يتمسّك الناشطون والمعارضون في الخارج بفكرة أن هذه التحركات تركت بصمة دامغة في المجتمع الإيراني.

فالنساء كنّ محور الاحتجاجات، وانتفضن خلالها بوجه إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها النظام الإسلامي، وهي إلزامية الحجاب. قامت العديد منهنّ بخلعه وإحراقه في مشاهد لم تعهدها شوارع طهران ومدن كبرى في البلاد. ورأى محللون أن الاحتجاجات كانت من أكبر التحديات التي واجهتها الجمهورية الإسلامية منذ نشأتها.

 

"أعمال شغب" وإعدامات

ومن جانبها، اعتبرت السلطات أن معظم التحركات "أعمال شغب" تغذّيها أطراف غربية أو معادية للثورة، وقمعتها بشدة. ووفق منظمة العفو الدولية، فقد استخدمت قوات الأمن الإيرانية الأسلحة النارية لمواجهة المحتجين. إذ تقول منظمات حقوقية إن 551 شخصا قتلوا خلال الاحتجاجات، في حين تؤكد السلطات أن عشرات من عناصر قوات الأمن لقوا حتفهم كذلك. وتمّ توقيف آلاف الأشخاص، بحسب الأمم المتحدة.

وبعد مرور عامين، تؤكد منظمات حقوقية أن السلطات تواصل قمع أي تحرك.

وأعلن القضاء الإيراني في آب/أغسطس الماضي تنفيذ حكم الإعدام بحق غلام رضا رسائي بعد إدانته بقتل ضابط في الحرس الثوري طعنا "خلال التظاهرات غير المشروعة في تشرين الثاني/نوفمبر 2022". وارتفع بذلك إلى عشرة عدد الذين تمّ إعدامهم بتهم متصلة بالاحتجاجات.

وتحذّر منظمات حقوقية من أن طهران تستخدم العقوبة القصوى كأداة ترهيب. فبحسب منظمة "حقوق الانسان في إيران" ومقرها النرويج، نفّذت سلطات الجمهورية الإسلامية 402 حكما بالإعدام خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، منها 100 على الأقل في آب/أغسطس الماضي.

وقالت نائبة مدير منظمة العفو للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ديانا الطحاوي إن "عددا لا يحصى من الأشخاص في إيران ما زالوا يعانون من عواقب القمع الوحشي الذي مارسته السلطات".

ووفق منظمة "هيومن رايتس ووتش"، تعرّض أفراد عائلات عشرات من الذين قتلوا أو أعدموا أو سجنوا على هامش الاحتجاجات، للتهديد أو المضايقة أو حتى التوقيف بناء على اتهامات باطلة.

وقالت الباحثة في "هيومن رايتس ووتش" ناهيد نقشبندي "تعنّف السلطات الإيرانية الناس مرتين، مرة بإعدام أو قتل أحد أفراد أسرتهم، ومرة باعتقال أحبائهم بسبب مطالبتهم بالمساءلة".

ومن بين الموقوفين، ما شاء الله كرمي، والد محمد مهدي كرمي الذي أعدم في كانون الثاني/يناير 2023، وكان في الثانية والعشرين من العمر. وحكم على الوالد بالسجن ستة أعوام في أيار/مايو، وتسعة أعوام في حكم ثانٍ في آب/أغسطس.

هذا، وأسّست الاحتجاجات لتغيير بدا جليا في بعض أنحاء طهران والمدن الكبرى، وهو تخلّي العديد من النساء عن الحجاب أو تغطية شعرهن في الأماكن العامة.  

 

"خطة نور"

ومن جهتها، شدّدت السلطات القيود لضبط الالتزام بوضع الحجاب، مثل استخدام كاميرات مراقبة في الشوارع.

وأفادت منظمة العفو بأن السلطات أطلقت في نيسان/أبريل 2024 حملة "خطة نور"، زادت على إثرها "بشكل ملحوظ" الدوريات الأمنية بمختلف أشكالها "لفرض الحجاب الإلزامي". وأوضحت أن "القمع شمل مطاردات خطرة بالسيارات لتوقيف السائقات على الطريق، والمصادرة الجماعية لمركباتهن".

كما اتّهم خبراء في الأمم المتحدة السلطات هذا الأسبوع بـ"تكثيف" قمعها للنساء، مشيرين إلى أن "قوات الأمن صعّدت أكثر أنماط العنف الجسدي القائمة أساسا، بما في ذلك الضرب والركل وصفع النساء والفتيات اللواتي يُعتبر أنهن فشلن في الامتثال إلى قوانين وقواعد الحجاب الإلزامي".

 

"جرائم ضد الإنسانية"

وأشارت منظمة العفو إلى تقارير عن مطاردة عناصر الشرطة في شمال إيران في تموز/يوليو، سيارة كانت بداخلها أريزو بدري (31 عاما) بغية مصادرتها تنفيذا لعقوبة سابقة مرتبطة بالحجاب. ولفتت إلى أنهم أطلقوا النار على السيارة، ما أدى إلى إصابة بدري بالشلل.

إلى ذلك، وعلى الرغم من أن مهمة تقصّي حقائق تابعة للأمم المتحدة خلصت في آذار/مارس الماضي إلى أن العديد من الانتهاكات خلال حملة القمع ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، لم تتمّ محاسبة أي مسؤول.

ومن جهة أخرى، يرى محلّلون أنه رغم تمكّن السلطات بقيادة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي من تجاوز التهديد الذي مثّلته قضية مهسا أميني، إلا أن الاحتجاجات أدت إلى تغيير جذري في المجتمع الإيراني.

وقالت رويا برومند "العديد من الشابات ما زلن يرفعن لواء التحدي".

وأضافت المؤسِسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بورومند المعني بحقوق الإنسان في إيران، ومقرّه واشنطن، أن "قيادة الجمهورية الإسلامية لم تستطع بعد عامين من الاحتجاجات، إعادة الوضع القائم إلى سابق عهده أو استعادة مشروعيتها المفقودة".

 

"إفلاس مطلق لبدائل المعارضة"

ومن جهتها، رأت مجموعات حقوقية أن إعدام رسائي في آب/أغسطس بعد أيام من تولي الإصلاحي مسعود بزشكيان منصب رئيس الجمهورية، يؤشّر إلى أن السلطات لا تعتزم تغيير نهجها المتعلّق بتطبيق عقوبة الإعدام.

وقال الأستاذ الزائر في جامعة بوسطن الأمريكية آرش عزيزي إن التحركات الاحتجاجية "هزّت النظام الإيراني حتى العظم وأكدت خيبة الأمل الكبيرة للإيرانيين من الواقع الراهن".

وأشار مؤلف كتاب "ما يريده الإيرانيون" إلى أن التحركات "أظهرت كذلك الإفلاس المطلق لبدائل المعارضة".

وأضاف "ما زلت أعتقد بأن إيران لن تعود إلى ما قبل 2022. وخلال السنوات القليلة المقبلة، ستشهد الجمهورية الإسلامية على الأرجح تحولات جوهرية".

هذا، وكشفت الاحتجاجات في إيران اختلافات كبيرة في صفوف المعارضة في المنفى، في ظل غياب مجموعة موحدة قادرة على استثمار هذه التحركات سياسيا في الداخل أو الخارج. وباءت بالفشل كل المحاولات لإيجاد صيغة قابلة للحياة بين مجموعات متباعدة من الملكيين والقوميين والليبراليين.


التعليقات