في تصريح هو الأول من نوعه يشي بسخونة الأوضاع في منطقة بحر الصين الجنوبي، تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بتفعيل معاهدة الدفاع المشترك مع الفيليبين في حال تعرضت أي من طائرات أو سفن القوات المسلحة الفيليبينية لهجوم.
ويعتبر التحذير رسالة مباشرة للصين، التي دخلت منذ سنوات في نزاعات إقليمية مع جيرانها، من ضمنهم الفيليبين، بشأن السيادة على بحر الصين وحرية الملاحة فيه.
وأضاف بايدن في تصريحه، الذي أدلى به الخميس خلال القمة الثلاثية غير المسبوقة في البيت الأبيض، التي جمعته بنظيره الفيليبيني فرديناند ماركوس الابن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أن التزام الولايات المتحدة بأمن اليابان والفلبين لا يتزعزع.
وكانت الدول الثلاث قد أصدرت بيانا مشتركا وصفت فيه التدريبات العسكرية الصينية في بحر جنوب الصين بالسلوك الخطير، كما أعلنوا عن البدء بتسيير دوريات مشتركة في المحيطين الهادئ والهندي خلال العام الجاري.
ويأتي تحذير بايدن وسط توترات شديدة بين بكين ومانيلا بعد عدة مواجهات وقعت منذ أواخر العام الماضي بين سفن صينية وفيليبينية في بحر جنوب الصين، وشملت استخدام مدافع مياه والتراشق اللفظي.
والشهر الماضي، وقع حادثا تصادم بين سفن صينية وفيليبينية قرب جزيرة توماس الثانية التي تطلق عليها الصين اسم ريناي، وتضم قوات فلبينية صغيرة.
وتقع هذه الجزيرة ضمن المنطقة الاقتصادية الخاصة للفيليبين في بحر جنوب الصين، وتبلغ مساحتها 320 كيلومترا مربعا. علما بأن الصين تطالب بالسيادة على معظم هذا البحر متجاهلة مطالب عدد من جيرانها.
•استياء صيني وبكين تحذر من نشر الصواريخ الأمريكية
من جهتها، لم تتلقف الصين الأنباء حول القمة بشكل إيجابي، حيث اعتبرت بكين أن هدف هضا الاجتماع هو "التشويه بها والتدخل بشؤون الصين الداخلية".
وتعليقا على تصريح بايدن، قالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينج إن، إن أنشطة بلادها في بحر شرق الصين وبحر جنوب الصين تتوافق بالكامل مع القانون الدولي، مضيفة أن بلادها مستعدة لحل المشاكل عن طريق الحوار والتشاور.
واتهمت المتحدثة الرسمية الولايات المتحدة واليابان بتصعيد التوترات في المنطقة.
والجمعة، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان، إن نية الولايات المتحدة نشر صواريخ متوسطة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ توجّه خطير ستعارضه الصين بحزم.
وتابع تشيان "إن اعتزام الولايات المتحدة نشر صواريخ متوسطة المدى يمثل توجها خطيرا سيهدد بشكل كبير أمن دول المنطقة ويضر بشكل خطير بالسلام والاستقرار الإقليميين، وهو ما تعارضه الصين بشدة، وستتصدى له بحزم".
وشدد المتحدث باسم وزارة الدفاع على أن الصين "تحث الولايات المتحدة على الاحترام الحقيقي للمصالح الأمنية للدول الأخرى، والتوقف عن تقويض السلام والاستقرار الإقليميين".
وكان ممثل قيادة المحيط الهادئ للجيش الأمريكي قد صرح في وقت سابق لوكالة "نوفوستي" بأن الولايات المتحدة تهدف إلى نشر أنظمة صواريخ متوسطة المدى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بحلول نهاية العام.
•تحالفات عسكرية تؤدي إلى "ناتو" آسيوي؟
تسعى الولايات المتحدة لتعميق التعاون، العسكري خصوصا، مع حلفائها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لدعم مصالحها خاصة واحتواء الصين.
فأنشأت مع أستراليا وبريطانيا التحالف العسكري السياسي "أوكوس" (AUKUS)، الذي يجري من خلاله توسيع الأسطول النووي للدول الثلاث.
كما تقوم واشنطن بتطوير حوار أمني رباعي تحت اسم "كواد" (QUAD) يضم إلى جانبها كلا من كانبيرا وطوكيو ونيودلهي.
ومن الجدير بالذكر أن كلا المجموعتين أز الحلفين، هدفهما الرسمي واحد، وهو ضمان الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بشكل يشمل المواجهة المشتركة للتوسع الصيني.
وكان وزير الدفاع الصيني لي شانغ فو قد حذر في يونيو/حزيران الماضي من إقامة تحالفات عسكرية شبيهة بحلف شمال الأطلسي "ناتو" في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
واعتبر الوزير الصيني في حينه أن خطوة من هذا القبيل ستغرق المنطقة في دوامة من الصراعات، مشددا على أن منطقة آسيا والمحيط الهادي تحتاج إلى تعاون مفتوح وشامل لا إلى تكوين مجموعات صغيرة، وأكد أنه يجب ألا يُسمح بتكرار ما حصل من مآسي الحربين العالميتين.
•تعزيز التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة
وعززت الولايات المتحدة على مدى السنوات القليلة الماضية تواجدها في منطقة المحيط الهادئ، لضمان تحقيق الهدف المذكور، ومواجهة تحول التنين الآسيوي إلى قوة دولية فاعلة على المسرح العالمي.
لهذا، عززت واشنطن من تواجدها العسكري في المنطقة، حيث بات لها موطؤ قدم في أربعة قواعد عسكرية جديدة في الفيليبين، لترتفع بذلك قواعد العم سام في ذلك البلد إلى تسعة. والقواعد الجديدة قريبة للغاية من الصين، بما فيها قاعدة "أنطونيو باوتيستا" الجوية القريبة من جزر سبراتلي الصينية، موضع الخلاف بين الصين وعدد من دول بحر الصين الجنوبي.
ومنذ أيلول/سبتمبر 2020، وقّعت الولايات المتحدة اتفاقية مع سنغافورة تسمح للجيش الأمريكي بتمديد استخدام قاعدة سيمباوانغ التي تشرف على المحيطين الهندي والهادي.
وفي جزيرة غوام، رفعت الولايات المتحدة من عدد قواعدها العسكرية، وباتت تضم مقار لجميع فروع القوات المسلحة التي تتخذ من قاعدة أندرسن الجوية مقرا لها، خاصة الجناح 36 الجوي والذي يضم نحو 193 طائرة على مساحة نحو 18 ألف فدان. ويزيد من قيمة وأهمية القواعد العسكرية الأمريكية في غوام أن الجزيرة تضم قاعدة "أبرا" البحرية، وهي أبعد نفطة ارتكاز للقوات الأمريكية شرق الساحل الغربي للولايات المتحدة.
أما مع اليابان، اتفقت واشنطن مع طوكيو على بناء قاعدة عسكرية في جزيرة غير مأهولة في محافظة "كاغوشيما"، جنوب غرب البلاد، وذلك بهدف نقل التدريبات العسكرية الأمريكية إلى هناك، ولاستقبال طائرات مقاتلة محمولة على حاملة طائرات. ويجري حاليا بناء مدارج ومرافق تخزين الذخيرة على الجزيرة، كما تعمل الولايات المتحدة على بناء قاعدة جديدة لتدريب طياري المقاتلات في جزيرة "إيووتو" في المحيط الهادئ.
وتبني الولايات المتحدة مع الحكومة الأسترالية قاعدتين جويتين في المناطق الجنوبية من أستراليا، بالإضافة إلى توسيع القواعد العسكرية في شرق البلاد، وتتميز القواعد العسكرية الأمريكية الجديدة في أستراليا بأنها كبيرة وضخمة جداً، وسوف تكون جاهزة لاستقبال القاذفات، كما يمكنها استقبال الغواصات والسفن الحربية الضخمة وحاملات الطائرات العملاقة.