كشفت إحصائيات جماعات حقوقية نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن إسرائيل "تحتجز أكثر من 9 آلاف فلسطيني" بموجب قوانين الجيش والأمن القومي، وهو أعلى رقم منذ أكثر من 10 سنوات، مشيرة إلى أن العديد من هؤلاء "تعرضوا لاعتداءات وتم احتجازهم دون أي تهم".
وزاد عدد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بشكل كبير منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، والعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وأشار تقرير "نيويورك تايمز"، إلى أن القوات الإسرائيلية "اعتقلت مئات الأشخاص بحثا عن مقاتلي حركة حماس" (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية)، ومن أجل "الوصول إلى معلومات حول مكان الرهائن المختطفين" في القطاع.
كما شنت القوات الإسرائيلية عمليات أمنية في الضفة الغربية، قالت إنها تأتي "بحثا عن مطلوبين بجرائم إرهابية".
وذكرت جماعات حقوقية، وفق الصحيفة، أن الاعتقالات في غزة والضفة الغربية "تكون على الأرجح تعسفية"، فيما يُحتجز الفلسطينيون في ظروف "غير إنسانية".
من جانبها، تقول إسرائيل إنها "تعامل المحتجزين وفق المعايير الدولية".
ظروف الاعتقال
قال مركز الدفاع عن الفرد (هموكيد)، وهو منظمة حقوقية إسرائيلية تعمل على مساعدة الفلسطينيين في القدس والمناطق المحتلة، إن "أكثر من 9 آلاف فلسطيني حاليا يقبعون في السجون الإسرائيلية".
وقال الجيش الإسرائيلي إن الكثير منهم "تم احتجازهم في الضفة الغربية، وهناك عدد غير معروف من سكان غزة المحتجزين داخل منشآت عسكرية إسرائيلية"، وفق الصحيفة الأميركية.
وأوضحت "هموكيد" أن "أكثر من 3500 فلسطيني محتجزين دون توجيه أي اتهامات لهم"، وهو ما يعرف باسم "الاعتقال الإداري"، الذي زاد استخدامه بعد الحرب.
كما أضافت المنظمة أنه "قبل السابع من أكتوبر، كان هناك نحو 1300 فلسطيني محتجزين وفق الاعتقال الإداري"، حسب بيانات لمصلحة السجون الإسرائيلية.
وتعرّف منظمة "بتسليم" الحقوقية الإسرائيلية الاعتقال الإداري بأنه "حبس شخص دون محاكمة بدعوى أنه يعتزم مخالفة القانون مستقبلا، ولم ينفذ بعدُ أية مخالفة"، مضيفة أن هذا الاعتقال "مدته غير محددة ويستند إلى أدلة سرية".
وأعلن الجيش الإسرائيلي بوقت سابق، أنه يدير "العديد من مرافق الاحتجاز" التي تضم من ألقي القبض عليم خلال هجمات السابع من أكتوبر، مشيرًا إلى أنه بعد استجوابهم، "ستتم إعادة من يتبين أن لا علاقة لهم بالنشاط الإرهابي" إلى غزة.
وقالت متحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية، إن جميع السجناء "محتجزون بشكل قانوني، ويتم احترام حقوقهم الأساسية"، حسب "نيويورك تايمز".
من جانبه، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، فارس قدورة، لنيويورك تايمز، أنه "حتى هذا الشهر (مارس)، هناك نحو 200 قاصر و68 امرأة يواجهون اتهامات بالانخراط في أعمال قتالية، يتم احتجازهم داخل السجون الإسرائيلية".
وأوضحت الصحيفة أن الفلسطينيين من الضفة الغربية يتم نقلهم إلى نظام السجون الذي يديره المدنيون في إسرائيل، بينما تم إرسال المئات من سكان غزة إلى 3 مرافق احتجاز على الأقل، يديرها الجيش الإسرائيلي، وفق مسؤولين إسرائيليين.
موت ومزاعم اعتداء جنسي
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن تقرير لم يتم نشره بعد لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التابعة للأمم المتحدة، جاء فيه أن "المحتجزين من غزة في مرافق الاحتجاز الإسرائيلية يتعرضون لاعتداءات، من بينها الضرب والتجريد من الملابس والسرقة والاعتداء الجنسي، وحرمانهم من التواصل مع المحامين والأطباء".
وأشار التقرير إلى أن تلك الممارسات استخدمت "لانتزاع معلومات أو اعترافات وللترهيب والإذلال والعقاب".
من جانبها، قالت المتحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية: "على حد علمنا لم تقع مثل هذه الوقائع. من حق السجناء والمعتقلين تقديم شكوى، ستتم دراستها ومعالجتها بشكل كامل من قبل الجهات الرسمية".
كما أشارت بيانات من الجيش الإسرائيلي ومنظمات حقوقية، إلى أن "عشرات الفلسطينيين لقوا حتفهم في السجون الإسرائيلية" منذ السابع من أكتوبر.
وقال الجيش إنه على علم بمقتل 27 فلسطينيا في سجونه، حسب الصحيفة الأميركية، التي أشارت إلى أن "ظروف الوفاة تظل غامضة، والعديد من هويات حالات الوفاة غير معروفة".
وشمل تقرير "أونروا" شهادات معتقلين سابقين تحدثوا عن حالات اعتداء أو تحرش جنسي، حيث قال معتقلون ذكور إنهم "تعرضوا للضرب على أعضائهم التناسلية"، فيما أشارت بعض النساء إلى تعرضهن "للمس غير اللائق أثناء عمليات التفتيش، كشكل من أشكال التحرش، وهن معصوبات الأعين".
كما ذكرت بعضهن أنه تم "إجبارهن على خلع ملابسهن أمام الجنود الذكور أثناء عمليات التفتيش، ومنعن من تغطية أجسادهن"، حسب التقرير الذي نشرت تفاصيله نيويورك تايمز.
وبعد تصريحات لمقررين أمميين معنيين، الشهر الماضي، حول تلقي معلومات عن تعرض امرأتين فلسطينيتين للاغتصاب داخل المعتقلات الإسرائيلية، وتعرض أخريات للتهديد بالاعتداء الجنسي، اتهمتهم إسرائيل بالتحيز، فيما لم يقدم المقررون روايات تفصيلية أو أدلة أو المصادر للوقائع.
وأصدر وفد إسرائيل لدى الأمم المتحدة بيانا حينها، رفض "المزاعم الدنيئة التي لا أساس لها من الصحة".
واندلعت الحرب إثر هجمات شنتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أوقعت وفق الأرقام الإسرائيلية، أكثر من 1160 قتيلا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال.
وردا على هذه الهجمات غير المسبوقة، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء على حماس"، وباشرت عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة، أسفرت، وفق وزارة الصحة في القطاع، عن مقتل أكثر من 32 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء.