حتى إلى قبورهم، تلاحق السلطات الإيرانية، البهائيين، الذين يعانون من الاضطهاد والحظر القانوني منذ أربعة عقود.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة، إن جرّافات أرسلتها السلطات في طهران إلى موقع دفن للبهائيين، قضت على اللوحات والزهور وشواهد القبور. ونقل تقرير للوكالة، عن أتباع أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران، أن ما حدث «استباحة جديدة لحرماتها، واستمرار للاضطهاد الذي يعانونه، حتى بعد الوفاة».
والبهائية نزعة روحية حديثة نسبياً تعود جذورها إلى أوائل القرن التاسع عشر في إيران. ويشكو البهائيون في إيران من التمييز في حياتهم اليومية، ما يجعل من الصعب عليهم مزاولة أعمال تجارية، حتى دفن موتاهم.
كما يشتكون من حرمانهم بشكل منهجي من الوصول إلى التعليم العالي في إيران.
وفي مقبرة خاوران جنوب شرق طهران، يرقد ما بين 30 إلى 45 بهائياً توفّوا منذ فترة وجيزة، حسب منظمة «الجامعة البهائية العالمية» التي تتولّى الدفاع عن حقوق هذه الأقلّية الدينية المحظورة في إيران.
اضطهاد تاريخي
وتفيد المنظمة بأن المجتمع البهائي يتعرّض لاضطهاد وتمييز ممنهجين منذ انتصار «الثورة الإسلامية» في 1979.
وخلافاً لحال الأقلّيات الدينية الأخرى، لا يعترف الدستور الإيراني بالبهائية التي يحرم أتباعها من التعليم العالي وهم غير ممثّلين في البرلمان، رغم تخصيص خمسة مقاعد للأقلّيات الدينية الأخرى غير المسلمة.
ويؤكد البهائيون أنهم يقاسون أنواعاً مختلفةً من المضايقات والمداهمات في شركاتهم، فضلاً عن مصادرة أملاكهم واعتقالهم.
وبعد «الثورة الإسلامية» في إيران، استملكت السلطات موقعين للدفن تابعين للبهائيين، وباتت تجبرهم على دفن موتاهم في خاوران، وهو موقع لمقابر جماعية دفن فيه ضحايا الإعدامات الجماعية للسجناء السياسيين في 1988.
وترى سيمين فاهاندج ممثّلة «الجامعة البهائية العالمية» لدى الأمم المتحدة «أنهم يريدون الضغط على المجتمع البهائي بكلّ السبل الممكنة».
تشديد القمع
وتلفت إلى أن «استباحة حرمة الأموات تظهر أنّ دافعهم (السلطات) هو الاضطهاد الديني وليس تهديد يرون فيه خطراً على الأمن القومي أو المجتمع».
وندّد «مكتب الحرية الدينية في العالم»، التابع لوزارة الخارجية الأميركية، بـ«تدمير» ما لا يقلّ عن 30 قبراً، مع الإشارة إلى أن البهائيين في إيران ما زالوا «يواجهون انتهاكات لحقّهم في دفن موتاهم».
ويأتي تدمير المقابر في ظلّ تشديد إيران قمعها لأتباع البهائية التي يقدّر عددهم بمئات الآلاف في البلد، حسب ممثّليهم.
وقد أوقف كلّ من الشاعرة المعروفة مهوش ثابت (71 عاماً) والوجه البارز في المجتمع البهائي فريبا كمال أبادي (61 عاماً) في يوليو (تموز) 2022، وهما ما زالتا في السجن، حيث تمضيان عقوبات تمتدّ على 10 سنوات، وذلك للمرّة الثانية في خلال الأعوام العشرين الماضية.
ولفتت الخارجية الأميركية أيضاً إلى «ازدياد عمليات مصادرة أملاك للبهائيين بشكل ملحوظ واللجوء إلى محاكمات صورية لفرض عقوبات سجن طويلة على البهائيين».
وبات 70 فرداً من البهائيين على الأقلّ في الاعتقال الاحتياطي أو في السجن، في حين يتعرّض 1200 فرد منهم لملاحقات قضائية أو لعقوبات قاسية.
وهذا الأسبوع، أعرب المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، جاويد رحمن، أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف عن صدمته «إزاء الاضطهاد المتواصل والاعتقالات التعسفية والمضايقات التي تطول أفراد المجتمع البهائي».
وتعد فاهاندج أن «المعاملة التي يحظى بها البهائيون ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع العام لحقوق الإنسان في البلد. ويتزامن تشديد القمع مع تدهور الوضع العام لحقوق الإنسان في إيران»، مشيرة إلى أن السلطات تسعى إلى القضاء على أيّ شكل من أشكال المعارضة في أعقاب الاحتجاجات التي عمّت البلد اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2022.