عزز المحافظون سيطرتهم على البرلمان الإيراني، بعد انتخابات شهدت انخفاض إقبال الناخبين إلى مستويات قياسية.
وكشفت وسائل إعلام رسمية بالبلاد، أن نسبة المشاركة في الانتخابات التي نظمت، الجمعة، لم تتعد 41 في المئة، بانخفاض من 42 في المئة المسجلة في عام 2020، ما يعكس وفقا لبلومبرغ، الاستياء المتزايد بين الإيرانيين بعد قمع الاحتجاجات المناهضة للنظام في عام 2022 وتدهور الظروف المعيشية في ظل العقوبات الغربية، مع ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.
وأشارت بلومبرغ، إلى أنه جرى تمديد التصويت عدة مرات، الجمعة، في محاولة لتعزيز المشاركة، لافتة إلى أن نسبة المشاركة في العاصمة طهران لم تتعد 24 في المئة.
ومن المقرر إجراء جولة إعادة للتصويت في طهران، حيث لم يصل حوالي نصف المرشحين البرلمانيين الثلاثين إلى العتبة المطلوبة.
وشارك في الاقتراع المزدوج لانتخاب أعضاء البرلمان ومجلس خبراء القيادة، وفق التقديرات الإعلامية، نحو 25 مليونا من إجمالي 61 مليون ناخب، في بلد يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة. ولم تتوافر تقديرات مستقلة لنسبة المشاركة، وفقا لفرانس برس.
ويمثل معدل المشاركة "انتكاسة" للسلطات الإيرانية، التي أشارت تقليديا إلى ارتفاع نسبة إقبال الناخبين كدليل على شرعية الجمهورية الإسلامية، وفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وعلى الرغم من مناشدة النظام الناس للذهاب إلى صناديق الاقتراع، رفض العديد من الناخبين الإدلاء بأصواتهم، خاصة في ظل عدم مشاركة العديد من الشخصيات الإصلاحية المعتدلة في الانتخابات، بعد أن رفضت السلطات ترشيحهم، وفقا للصحيفة.
وفي ظل غياب منافسة فعلية من الإصلاحيين، أكد خبراء لفرانس برس، أن معسكر الأغلبية المكون من جماعات محافظة ومحافظة متشددة، سيستمر في السيطرة إلى حد كبير على مجلس الشورى.
وفي حين ركز مرشحون خلال الحملات، إلى حد كبير، على القضايا الداخلية، توضح بلومبرغ، أن وجود برلمان يضم عددا كبيرا من البرلمانيين من المعسكر المحافظ، من شأنه أن يقلل على الأرجح من فرص تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وحلفائها.
وفي سياق متصل، لفتت صحيفة "فاينانشال تايمز"، إلى أن نتائج الانتخابات الأخيرة، أظهرت أيضا "تحولا" في السلطة داخل المعسكر المحافظ.
وذكرت الصحيفة، أن محمد باقر قاليباف، الذي تولى رئاسة البرلمان في الولاية المنتهية، في المركز الرابع فقط في قائمة تضم 30 مرشحا بطهران، مما يعقد فرصه في رئاسة المجلس التشريعي لفترة أخرى.
وفي ضربة أخرى للشخصيات المحافظة التقليدية، فشل صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية السابق والرئيس الحالي لمجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي يتولى صياغة السياسات الكلية للبلاد، في تأمين العدد الكافي من الأصوات لدخول مجلس خبراء القيادة.
وقال، سعيد شريعتي، وهو ناشط إصلاحي، إن حقيقة أن 80 في المئة من الناس في طهران و60 في المئة من الناس في جميع أنحاء البلاد لم يصوتوا تحمل "رسالة سلمية" إلى السلطات، مفادها أن "الناس ليسوا أعداءكم، بل يعارضون (...) أسلوبكم في الحكم".
من جهتها، تقول، سورانا بارفوليسكو، الباحثة بشركة "كونترول ريسكس" الاستشارية، لبلومبرغ، إن "الحكومة اختارت السيطرة عوض الشرعية"، في الانتخابات التي تنافس فيها 15200 مرشح على 290 مقعدا في البرلمان الذي يُنتخب أعضاؤه كل أربع سنوات.
وكان مجلس صيانة الدستور، المكون من رجال دين وقانونيين، قد وافق على ترشح هذا العدد الذي يعتبر قياسيا منذ الثورة الإسلامية في العام 1979، من بين حوالي 49 ألف شخص تقدموا بطلب الترشيح.
وتتمثل مهام البرلمان الإيراني في صياغة التشريعات والتصديق على المعاهدات الدولية والموافقة على الميزانية الوطنية.
ورغم أن النقاشات داخل المجلس تتسم بالحدة في بعض الأحيان، إلا أنه يتمتع بسلطات محدودة في مواجهة السلطة التنفيذية ورجال الدين.
وإلى جانب انتخابات مجلس الشورى (البرلمان)، سيطر المحافظون أيضا على مجلس خبراء القيادة، المسؤول عن تعيين المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية والذي يشرف على عمله وأيضا على إمكان إقالته. وهو هيئة مكونة من 88 عضوا تجدد كل ثماني سنوات.