رغم تزايد الضغوط الضغوط الدولية من أجل التوصل إلى هدنة، انتهت محادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر بشأن هدنة في غزة دون تحقيق انفراجة، وذلك وسط تزايد الدعوات الدولية لإسرائيل للتراجع عن هجومها المزمع على مدينة رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح جنوب القطاع الفلسطيني.
ويتكدس كثيرون في المدينة، التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 300 ألف نسمة، في مخيمات وملاجئ مؤقتة بعد أن فروا إلى هناك هربا من القصف الإسرائيلي لمناطق أخرى من غزة خلال الحرب المستعرة منذ أكثر من أربعة أشهر.
وتقول إسرائيل إنها تريد طرد مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من مخابئهم في رفح وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك، وتخطط لإجلاء المدنيين الفلسطينيين المحاصرين. لكن لم توضع أي خطة، وتقول وكالات الإغاثة إن النازحين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه في المنطقة المدمرة.
وقال مارتن جريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ إنه فيما يُحدِق الموت بالفلسطينيين في رفح، سيجعل الغزو البري الإسرائيلي الإغاثة الإنسانية هناك شبه مستحيلة.
وأضاف جريفيث في بيان "العمليات العسكرية في رفح قد تؤدي إلى مذبحة في غزة. وقد تجعل أيضا عملية إنسانية هشة بالفعل على عتبة الموت".
وقال سكان إن دبابات إسرائيلية قصفت القطاع الشرقي من رفح خلال الليل مما تسبب في حالة من الذعر.
وأضافوا أن نازحين، بالعشرات حتى الآن، بدأوا مغادرة رفح بعد القصف والغارات الجوية الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية. وقالت نهلة جروان، في إشارة إلى مخيم المغازي الساحلي للاجئين الذي فرت منه في وقت سابق من الصراع "نازحة من المغازي جيت ع رفح، وهيني بدي أعاود أرجع ع المغازي".
وأضافت "ليلة امبارح في رفح يعني ليلة صعبة كتير كتير واحنا بدنا نروح ع المغازي خايفين، من الخوف يعني مش شاردين لمنطقة تانية، وإن شاء الله المنطقة اللي بدنا نروح عليها بالمغازي تكون آمنة، يكون فيه أمان يعني. وين ما نروح فش أمان، لا المغازي ولا غزة ولا رفح ولا غيرها، فش أمان فش، ونتمنى السلامة للجميع إن شاء الله".
وأكدت مصر أنها لن تسمح بنزوح جماعي للاجئين عبر حدودها مع رفح.
وقال مسؤولو الصحة في غزة إن 133 فلسطينيا لاقوا حتفهم في الأربع والعشرين ساعة الماضية، ليصل العدد الإجمالي إلى 28473 قتيلا و68146 جريحا منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وهناك اعتقاد بأن كثيرين غيرهم مدفونون تحت الأنقاض. وتنفد إمدادات الغذاء والماء وغيرها من الضروريات وتنتشر الأمراض.
وأصبحت رفح ملاذا لنحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وقالت آية البالغة من العمر 30 عاما وتعيش في خيمة مع والدتها وجدتها وخمسة أشقاء "منذ أن قالت إسرائيل إنها ستغزو رفح قريبا... نصلي صلواتنا الأخيرة كل ليلة.. كل ليلة نقول وداعا لبعضنا البعض ولأقاربنا خارج رفح".
* محادثات غير حاسمة
ذكرت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات على موقعها الإلكتروني أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أجرى محادثات في القاهرة مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بهدف الاتفاق على هدنة في غزة وحماية المدنيين وتوصيل المزيد من المساعدات إلى القطاع.
وأضافت "تم تأكيد استمرار التشاور والتنسيق المكثف لتحقيق أهداف وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وتفعيل حل الدولتين"، وهو ما يشير إلى عدم تحقيق انفراجة.
ولم يشر البيان المصري إلى إسرائيل. وقال مراسل لرويترز إن الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي حتى الآن على طلب للتعليق.
وتعهدت إسرائيل بمواصلة القتال، لعدة أشهر إذا لزم الأمر، إلى أن تقضي على حماس.
وقال مسؤول فلسطيني "الأطراف تبحث عن معادلة تكون مقبولة على حماس والتي تطلب بأن يكون هناك التزاما من إسرائيل بإنهاء حربها وسحب قواتها من قطاع غزة حتى يكون التوقيع على اتفاق ممكنا".
وقال المسؤول إن حماس أبلغت المشاركين بأنها لا تثق في أن إسرائيل لن تستأنف الحرب بعد إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين يحتجزهم المسلحون الفلسطينيون.
واحتُجز الرهائن في الهجوم الذي شنه مسلحون من حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على جنوب إسرائيل. وتأمين عودتهم أولوية لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكذلك القضاء على حماس التي تدير غزة.
وألقى سامي أبو زهري القيادي في حماس بمسؤولية عدم إحراز تقدم في جهود السلام حتى الآن على عاتق إسرائيل. ولم تشهد الحرب منذ بدايتها إلا هدنة واحدة استمرت أسبوعا في نهاية نوفمبر تشرين الثاني.
وقال أبو زهري لرويترز "الاحتلال لا زال يماطل ويتسبب في تعطيل أي جهود للتوصل إلى اتفاق وهو فقط يمارس لعبة تضييع الوقت لمواصلة حرب الإبادة على شعبنا في غزة".
* غير صالح للعيش إلى حد بعيد
طلبت جنوب أفريقيا، الثلاثاء من محكمة العدل الدولية النظر فيما إذا كانت خطة إسرائيل لتوسيع هجومها على قطاع غزة ليشمل مدينة رفح تتطلب إقرار تدابير طارئة إضافية لحماية حقوق الفلسطينيين.
وأمرت المحكمة الشهر الماضي إسرائيل باتخاذ جميع الإجراءات التي في وسعها من أجل منع ارتكاب قواتها إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة في إطار قضية رفعتها جنوب أفريقيا، وتنفي إسرائيل ارتكابها جرائم إبادة جماعية وطلبت من المحكمة رفض القضية تماما.
وعبرت حكومة جنوب أفريقيا عن قلقها من أن يؤدي الهجوم إلى تفاقم القتل والدمار في القطاع.
وقالت جولييت توما المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة إن الوكالة لم تُبلغ بأي خطة إجلاء إسرائيلية وإنها ليست مشاركة فيها.
وأضافت "إلى أين ستجلي الناس بينما لا يوجد مكان آمن في أنحاء قطاع غزة، والشمال ممزق ومليء بذخائر لم تنفجر بعد، وغير صالح للعيش إلى حد بعيد".
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الاثنين، إن واشنطن تعمل على التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن لتحقيق هدوء "فوري ومستدام" في غزة لمدة ستة أسابيع على الأقل.