تواصلت المعارك الضارية الثلاثاء بين الجيش الاسرائيلي وحركة حماس في خان يونس بجنوب غزة على خلفية مشاورات لاعلان "هدنة" لعدة أسابيع وسط غياب آفاق التوصل الى حل على المدى الطويل.
وأعلنت اسرائيل أن 21 جنديا اسرائيليا "احتياطيا" قتلوا الاثنين في قطاع غزة، في أعلى حصيلة من الجانب الاسرائيلي منذ بدء الهجوم البري على القطاع في 27 تشرين الاول/اكتوبر.
في وقت مبكر الثلاثاء أشار شهود فلسطينيون الى سماع نيران مدفعية اسرائيلية قرب مستشفى ناصر في خان يونس، أبرز مدينة في جنوب القطاع حيث تقول اسرائيل ان قادة محليين من حماس يختبئون.
اتهم الهلال الأحمر الفلسطيني الجيش الاسرائيلي بقصف مدفعي للطابق الرابع من مقره في خان يونس فيما فتحت مسيرات النار ما ادى الى إصابة أشخاص لجأوا الى هذا الحرم الطبي، بجروح.
بحسب مكتب تنسيق المساعدة الانسانية لدى الامم المتحدة فان "الاعمال الحربية تتكثف" في هذه المدينة حيث أعلن الجيش السيطرة على مراكز قيادة تابعة لحماس.
وأعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتيل" على منصة إكس "انقطاع خدمات الاتصالات مع قطاع غزة للمرة العاشرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر بسبب استمرار العدوان وتصاعده".
ويبقى الوضع الإنساني والصحي حرجا بحسب الأمم المتحدة في القطاع المحاصر الذي نزح داخله ما لا يقل عن 1,7 مليون شخص يمثّلون أكثر من 80% من السكان هربا من القصف والمعارك.
واندلعت الحرب في قطاع غزة مع شن حماس هجوما غير مسبوق على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أسفر عن مقتل 1140 شخصاً في إسرائيل، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسميّة. وخطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا نُقلوا إلى قطاع غزّة حيث لا يزال 132 منهم محتجزين، بحسب السلطات الإسرائيلية. ويرجح أنّ 28 على الأقل لقوا حتفهم.
وردّاً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل بالقضاء على الحركة، وهي تنفّذ منذ ذلك الحين حملة قصف مركز أتبعت بعمليات برية منذ 27 كانون الأول/أكتوبر، ما أسفر عن سقوط 25295 قتلى معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.
وفي حصيلة جديدة للجنود الاسرائيليين، قال الجنرال دانيال هاغاري في تصريح صحافي متلفز إن 21 جنديا احتياطيا قتلوا الاثنين في غزة وغالبيتهم في انفجار صاروخ "ار بي جي" استهدف دبابة ومبنى فخخه الجيش تمهيدا لهدمه في جنوب قطاع غزة.
•هدنة لشهرين؟
وأفاد موقع أكسيوس الإخباري الأميركي مساء الإثنين أنّ إسرائيل اقترحت على حماس، عبر الوسيطين القطري والمصري، هدنة لشهرين في الحرب الدائرة بين الطرفين، وذلك مقابل إطلاق الحركة سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم في قطاع غزة.
ولا يعني هذا الاقتراح نهاية الحرب في القطاع، بل هدنة ثانية بعد تلك التي استمرّت أسبوعاً وأتاحت إطلاق سراح حوالى مئة من الرهائن الذين اختطفتهم حماس من جنوب إسرائيل خلال هجومها غير المسبوق على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وينصّ الاقتراح الإسرائيلي، وفقاً لأكسيوس، على الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة على مراحل، تشمل أولاها النساء المدنيات، والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً.
أما في المراحل اللاحقة فيتمّ الإفراج عن النساء العسكريات ثم عن الرجال المدنيّين الذين تقلّ أعمارهم عن 60 عاماً، ثم عن العسكريين الرجال، وأخيراً عن جثامين الرهائن.
وفي إطار الخطة يتعيّن على إسرائيل وحماس الاتّفاق مسبقاً على عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتمّ الإفراج عنهم مقابل كلّ رهينة يتمّ إطلاق سراحها، وذلك وفقاً للفئة التي تنتمي إليها هذه الرهينة، ومن ثم الاتفاق على أسماء السجناء الفلسطينيين الذين سيتمّ الإفراج عنهم، بحسب أكسيوس.
وخلال لقاء الاثنين مع أفراد من عائلات الرهائن، تحدث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن "مبادرة" اسرائيلية مؤكدا في الوقت نفسه انه غير قادر على "اعطاء تفاصيل عنها" بحسب الصحافة المحلية.
- "بذور الحقد"-
إذا كانت حكومة نتانياهو تبحث في هدنة فانها ترفض التفكير على المدى الطويل "بحل الدولتين"، اي اقامة دولة فلسطينية تعيش الى جانب اسرائيل، وهو ما حضها عليه الاثنين وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال لقاءات في بروكسل.
واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الـ27 مع نظيرهم الإسرائيلي يسرائيل كاتس قبل الاجتماع لاحقا وبشكل منفصل مع نظيرهم الفلسطيني رياض المالكي.
وأجرى وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية بدورهم محادثات مع الوزراء الأوروبيين.
وتساءل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل الاثنين "ما هي الحلول الاخرى؟ إجبار جميع الفلسطينيين على الرحيل؟ قتلهم؟" مضيفا أن الاسرائيليين "يزرعون بذور الحقد للاجيال المقبلة".
وخلال لقائه الاثنين نظراءه ال27 في دول الاتحاد الأوروبي دعا وزير الخارجية الاسرائيلي الى "تفكيك" حماس وتحرير الرهائن.
في المقابل، شدد نظيره الفلسطيني رياض المالكي على ضرورة إعلان وقف لاطلاق النار، مطالبا الاتحاد الاوروبي بدرس فرض "عقوبات" في ظل استمرار رفض اسرائيل حل الدولتين.
ويفاقم النزاع التوترات بين إسرائيل وحلفاء حماس الموالين لإيران، خصوصا حزب الله اللبنانية والمتمردين الحوثيين في اليمن.
ليل الاثنين الثلاثاء نفّذت الولايات المتّحدة وبريطانيا جولة ضربات ثانية على أهداف تابعة للحوثيين في اليمن، فيما أكدتا أن الخطوة تأتي للرد على الهجمات التي يواصل المتمرّدون شنّها على الملاحة في البحر الأحمر.
وقال البلدان في بيان أصدراه بالاشتراك مع دول أخرى شاركت في إسناد هذا الهجوم إنّ قواتهما شنّت "جولة جديدة من الضربات المتكافئة والضرورية على ثمانية أهداف حوثية في اليمن ردّاً على الهجمات الحوثية المتواصلة ضدّ الملاحة والتجارة الدولية وضدّ سفن تعبر البحر الأحمر".
وأوضح البيان أنّ هذه "الضربات الدقيقة" هدفت إلى تقويض "القدرات التي يستخدمها الحوثيون لتهديد التجارة الدولية وأرواح بحارة أبرياء".