تعهد قادة إسرائيل على مواصلة حربهم ضد حماس، حتى وإن تزايدت خسائر إسرائيل الخاصة، حيث أفادت التقارير بمقتل 15 جندياً في قطاعِ غزة منذ يوم الجمعة.
وقال رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) للإسرائيليين: "تتطلب الحرب تحمل تكلفةٍ ثقيلة جداً منا. ومع ذلك، ليس لدينا خيار سوى مواصلة القتال".
وأضاف أن إسرائيل تُكثّف حملتها في قطاعِ غزة، حيث تم استهداف حوالي 200 هدف خلال فترة 24 ساعة، وفقاً للجيش.
كما صرّح الأدميرال (دانيال هاغاري)، المتحدث العسكري الرئيسي، يوم السبت أن الجنود يُقاتلون في منطقةٍ كثيفة السكان في أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، خان يونس، وستنضم المزيد من القوات إلى الوحدة التي تعمل تحت الأرض هناك لتدمير الأنفاق التي تُديرها حماس. وأضاف الأدميرال هاغاري أن المعارك في الشمال، حيث تقول إسرائيل إنها استعادت السيطرة على ما وصفته بمعاقل حماس، شهدت تصعيداً أيضاً.
و أعلنت وزارة الصحة، الأحد، في غزة أن العشرات قُتلوا في ضرباتٍ جوية في حي المغازي وسط قطاع غزة.
واتهم مسؤولو الوزارة الضربات الجوية الإسرائيلية بوفاة الضحايا. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه يقوم بمراجعة الأمر.
و في مقابلاتٍ مع صحيفة نيويورك تايمز، وصف شهود الأحداث في المنطقة السماء وهي تتوهج باللون الأحمر مع استمرار الضربات. وقالت (صفاء الحسنات)، المُقيمة في المغازي: "الصواريخ تهز الغرفة، والزجاج يتحطم، والنوافذ تنكسر. و أطفالنا يعيشون في حالة من الخوف غير المتصور، إنها حالة مرعبة بكل معنى الكلمة."
و مع تفاقم الأزمة الإنسانية لمليونين ومائتي ألف شخص في غزة يوماً بعد يوم، زادت الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف الحملة الجوية والبرية المُكثفة التي بدأت بعد اجتياز قوات حماس الحدود إلى إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وقتلت نحو 1200 شخص.
و حتى الولايات المتحدة -أقرب حليف لإسرائيل- كانت تحثُّ الجيش الإسرائيلي على التحول إلى تكتيكاتٍ أكثر استهدافاً، على أمل تقليل عدد المدنيين القتلى. حيث تقوم السلطات الصحية في غزة بتقدير أن عدد الوفيات الفلسطينية في غزة يبلغ أكثر من 20,000 شخص.
ولكن في حين أشارت إسرائيل في الأيام الأخيرة إلى أنها ستنتقل إلى مرحلة أقل حدة في الحملة، أعلن نتنياهو، الأحد، بموقف تحدي، بعد يوم واحد من إجراء مكالمة خاصة مع الرئيس بايدن وّصفت بأنها "مكالمة طويلة".
و صرّح نتنياهو في كلمته في بداية اجتماع الحكومة الأسبوعي.
"أخبرت الرئيس بايدن يوم أمس أننا سنُقاتل حتى النصر الكامل، بغض النظر عن مدة ذلك، و الولايات المتحدة تفهم ذلك".
وقد دعمت الولايات المتحدة "توقفات" إنسانية في المعارك في غزة للسماح بوصول المساعدات لسكان يفتقرون حتى إلى أبسط احتياجاتهم اليومية. ولكن، السبت، بعد التحدث مع الزعيم الإسرائيلي، صرح الرئيس بايدن قائلاً: "لم أطلب وقف إطلاق النار".
و بدا نتنياهو، الذي انخفضت شعبيته في الداخل منذ هزيمة قوات حماس لإجراءات الأمن الإسرائيلية في هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وقُتل بسببه المدنيين والجنود على حد سواء بمقاومة ضئيلة، على أنه يرغب في توضيح أن الولايات المتحدة ليست هي التي تتحكم في الأمور.
حيث صرّح أيضاً: "إسرائيل دولة ذات سيادة"، مُضيفاً أن قرارات الدولة خلال فترة الحرب "ليست مستندة إلى ضغوط خارجية".
وفيما يتعلق بالتلميحات بأن الولايات المتحدة حاولت ضبط النشاط العسكري لإسرائيل في المنطقة، رفض نتنياهو هذه الاقتراحات بشكل صريح، مشيراً على ما يبدو إلى التقارير التي تُفيد بأن بايدن نصح القائد الإسرائيلي بعدم شنّ ضربة استباقية ضد حزب الله، المليشيا القوية في لبنان، والتي قد تؤدي إلى توسيع الحرب.
و مع تشريد معظم السكان المدنيين في غزة جراء الهجوم الإسرائيلي، كانت التقارير الواردة من القطاع يوم الأحد محبطة.
و قالت (هبة أحمد، 36 عاماً): "ليس لدينا شيء يحمينا من البرد والرطوبة، نعيش في ظروف لم أكن يوماً في حياتي أتصور أنها ممكنة".
و مع انخفاض درجات الحرارة وسقوط الأمطار، قالت السيدة أحمد إنها وزوجها (إيهاب أحمد) يلتصقان بطفليهما الأصغر سناً في الليل، ويعتمدان على حرارة الجسم وبطانية رقيقة لمحاولة الحفاظ على دفئهما بينما تدخل المياه والرياح القوية من ثقوب خيمتهم المؤقتة.
و عندما فرت عائلة السبعة أفراد إلى منطقة المواسي جنوب قطاع غزة قبل ثلاثة أسابيع للهروب من القصف الإسرائيلي، كان فصل الشتاء قد حل بالفعل. والآن، يقضي السيد إيهاب وأبناؤه الأكبر سناً أيامهم في البحث عن حطب وحتى قطع الكرتون لإبقاء نار صغيرة تشتعل للطهي والاحتماء من البرد.
و قال السيد إيهاب في مقابلة هاتفية يوم الأحد: "أتحدث إليكم والدخان من النار يعمي عيني". وفي الخلفية، يمكن سماع شخص يسعل بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
و على الرغم من ذلك، كان الطقس الممطر يوفر فرصة قصيرة من الصعوبات اليومية التي تواجه العائلة في البحث عن الماء. حيث قالوا إنهم وضعوا دلواً خارج خيمتهم لجمع مياه الأمطار واستخدامها للطهي والاستحمام وغسل الملابس.
و بالنسبة لإسرائيل، فإن النبأ عن مقتل 15 جندياً في غضون 72 ساعة من المرجح أن يكون صعباً. كما توفي جندي آخر على الحدود الشمالية مع لبنان، حيث كانت إسرائيل تصطدم بقوات حزب الله. في بلد حيث يتم تجنيد معظم اليهود البالغين من الثامنة عشرة لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وغالباً ما يتطوع الناس في الاحتياطيات حتى وسط العمر، تمتلك العديد من العائلات ارتباطاً وثيقاً بالجيش.
وقد قُتل أكثر من 300 جندي خلال هجمات قادتها حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وقُتل أكثر من 150 آخرين في غزة منذ بدء إسرائيل الهجوم البري رداً على الاعتداء.
كما ترددت تداعيات القتل والدمار في غزة عبر المنطقة.
و في بيت لحم في عطلة نهاية الأسبوع، ومع اقتراب عيد الميلاد، كانت فترة الاحتفال بدلاً من ذلك فترة حداد.
لم يكن هناك احتفالاتٍ موسيقية مُعتادة. ولم يكن هناك حفل تشغيل الأضواء لشجرة الميلاد. واختفت زخارف البذخ التي تزين عادة المدينة التي يعتبرها الكثيرون موطن الميلاد المسيحي.
كما وضعت كنيسة الميلاد الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم مشهداً للمهد، ولكن يسوع الرضيع - الملفوف بالكوفية، الوشاح المرقّع بالأبيض والأسود الذي يعتبر رمزاً لهوية الفلسطينيين - كان مستلقياً ليس في مهد مؤقت من القش والخشب، وإنما بين الطوب المكسور والحجارة والبلاط.
و قال راعي الكنيسة، القس (منذر عيسى) : "لقد ظللنا عالقين أمام شاشاتنا، نرى الأطفال يتم سحبهم من تحت الأنقاض يوماً بعد يوم. و نحن محطمون بسبب هذه الصور. الرب هو الذي تحت الأنقاض في غزة، هنا حيث نجده الآن".