اتفقت إسرائيل وحماس في اللحظة الأخيرة، الخميس، على تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة يومًا آخر؛ للسماح بإطلاق مزيد الرهائن والمحتجزين، غير أن أي تجديد آخر للهدنة -التي تستمر الآن لليوم السابع- قد يكون أكثر تحديًا؛ حيث من المتوقع أن تضع حماس سقفًا أعلى لعديد الرهائن المتبقيين.
ووفقًا للجيش الإسرائيلي، أفرجت حماس عن امرأتين إسرائيليتين بعد ظهر الخميس 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ومن المتوقع أن يتبع ذلك مزيد عمليات الإفراج عن الرهائن. وحتى الآن، تم إطلاق ما لا يقل عن 10 إسرائيليين في اليوم الواحد، إلى جانب مواطنين آخرين، خلال فترة الهدنة، مقابل إطلاق إسرائيل لـ 30 سجينًا فلسطينيًا على الأقل.
وتصاعدت الضغوط الدولية من أجل استمرار الهُدنة لأطولِ فترةٍ ممكنة، بعيد أسابيع من القصف الإسرائيلي والحملة البرية عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل والذي أدى لاندلاع الحرب.
وقُتل آلاف الفلسطينيين في غزة وهجّر أكثر من ثلاثة أرباع السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ما أدى إلى أزمة إنسانية.
ولا تزال إسرائيل عازمة على استئناف القتال -بهدف تفكيك حماس- بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار.
ويبدو أن المحادثات قد تصبح أكثر صعوبة، فإذ أفرجت حماس بالفعل عن معظم النساء والأطفال الذين اختطفتهم في 7 أكتوبر، غير أنه من المتوقع أن ترفع الحركة مزيد المطالب مقابل إطلاق العشرات من الرجال المدنيين والجنود.
من جهته، صرّح وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بلينكن)، الذي التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) ومسؤولين آخرين في زيارته الثالثة للمنطقة منذ بداية الحرب، أنه يأمل في تمديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح مزيد الرهائن.
وقال: "هذه العملية مهمة وتحقق نتائج، نأمل استمرارها".
ووفقًا لـ ضياء رشوان، رئيس الهيئة المصرية للمعلومات الحكومية، فإن الدوحة والقاهرة -اللتين لعبتا دورًا رئيسيًا في التوسط- تسعيان إلى تمديد الاتفاق لمدة يومين آخرين.
وبحسب الشرطة الإسرائيلية، أطلق مسلحون فلسطينيون النار، صباح الخميس، تجاه الأشخاص الذين كانوا ينتظرون الحافلات على طول الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى القدس، ما أسفر عن مقتل ثلاثة منهم على الأقل وإصابة آخرين، قبل أن يُقتل المهاجمان وهما شقيقان من القدس الشرقية. فيما اُحتجز بعد الهجوم ستة أفراد آخرون من العائلة، وصُدر أمر حكومي بهدم منزلهم.
وأعلنت حماس مسؤوليتها عن الهجوم، مصنفة إياه ردًا على قتل النساء والأطفال في غزة والضفة الغربية المحتلة وغيرها من الجرائم الإسرائيلية.
ولا يبدو أن الهجوم يشكل تهديدًا لوقف إطلاق النار في غزة، لكن التصعيد العنيف، بما في ذلك الغارات الإسرائيلية، في الضفة الغربية والقدس الشرقية قد يؤدي إلى تأثير سلبي على الهدوء في غزة، على الرغم من أن هذه المناطق ليست مشمولة بوقف إطلاق النار.
ويوم الأربعاء، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بقتل طفلين فلسطينيين خلال عملية قرية جنين، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين. وأعلنت القوات العسكرية الإسرائيلية بشكل منفصل أن العملية أسفرت عن مقتل اثنين من عناصر حركة الجهاد الإسلامي.
*حدة المحادثات حول الرهائن*
يواجه بنيامين نتنياهو ضغوطًا شديدة من أُسر الرهائن لإعادتهم إلى أحبائهم، لكن شُركاءه اليمينيين المتطرفين يدفعونه لمواصلة الحرب للقضاء على حماس، لدرجة التلويح بالتخلي عن ائتلافه إذا رأوا أنه يقدم تنازلات كثيرة.
وتقول إسرائيل إنها ستحافظ على وقف إطلاق النار حتى تتوقف حماس عن إطلاق سراح الرهائن، وعندها ستستأنف العمليات العسكرية بهدف القضاء على الحركة، على الرغم من ضغوط إدارة بايدن لإسرائيل.
وبدأ وقف إطلاق النار الجمعة الماضية قبل أن يتم تمديده مرتين حتى الآن، فيما تتصاعد المطالبات بإطلاق سراح النساء والأطفال.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن مُسلّحي غزة لا يزالون يحتجزون نحو 30 امرأة وطفلًا، والذين سيتم إطلاق سراحهم جميعًا في غضون أيامٍ قليلة بمعدل الإفراج الحالي. كما عادت المرأتان المفرج عنهما الخميس، اللتين تبلغان من العمر 21 و40 عامًا، إلى إسرائيل.
وليس واضحًا عدد النساء الرهائن المُتبقيات، اللاتي قد يَكُنّ جنديات. ومن المتوقع أن تطالب حماس بالإفراج عن فلسطينيين بارزين حُكم عليهم بتنفيذ هجمات قاتلة، وهو ما رفضته إسرائيل بشدة في الماضي. وتقول الأخيرة إن حوالي 125 رجلًا لا يزالون محتجزين رهائن، بما في ذلك العشرات من الجنود.
وصرح مسؤول إسرائيلي مشارك في المفاوضات -شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب استمرار المحادثات- أن الحديث بشأن تمديد إطلاق سراح الرجال المدنيين والجنود ما زال في مرحلةٍ مبكرة، مشيرًا إلى أن الصفقة تظل خارج النظر بجدية حتى يتم إخراج جميع النساء والأطفال.
وأُطلق سراح 210 فلسطينيين، بما في ذلك ما لا يقل عن سبعة منهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، معظمهم من النساء والمراهقين الذين كانوا اُتِّهموا برمي الحجارة والزجاجات الحارقة خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية. واعتُقلت عديد النساء بسبب منشوراتهن على وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج للعنف بحسب سلطات الدولة العبرية، فيما أُدين العديد منهن من قِبل المحاكم العسكرية بتهمة محاولة الهجوم على الجنود، وبعضهن تم العثور عليهن حاملات مقصًا أو سكينًا بالقرب من المواقع الأمنية.
ومع عملية الإطلاق الخميس، أُفرج عما يقارب 75 إسرائيليًا، بما في ذلك الحاملين للجنسية المزدوجة، خلال فترة الهدنة، ظهر معظمهم، كما يبدو، بحالة جيدة من الناحية الجسدية، فيما أفرج عن 24 رهينة، بينهم 23 تايلنديًا وفلبينيًا واحدًا.
وقبل وقف إطلاق النار، أفرجت حماس عن أربعة رهائن، وأنقذ الجيش الإسرائيلي رهينة واحدة، فيما عُثر على رهينتين أخريين فارقتا الحياة في غزة. وقام الجيش الخميس، بالتأكيد على وفاة (أوفير تزارفاتي) الذي يُعتقد أنه كان ضمن الرهائن، دون تقديم تفاصيل إضافية. وكان الشاب البالغ من العمر 27 عامًا يحضر حفلة موسيقية عندما قُتل ما لا يقل عن 360 شخصًا واُختطف آخرون في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقتلت حماس وفصائل فلسطينية أخرى أكثر من 1200 شخص -أغلبهم مدنيين- في هجماتها الكبيرة جنوبي إسرائيل ذلك اليوم، واحتجزت حوالي 240 شخصًا. وحتى الآن، لم تقدم السلطات أرقامًا دقيقة. فيما تسبب القصف الإسرائيلي وغزوه البري لقطاع غزة في مقتل أكثر من 13,300 فلسطيني، ثلثاهم من النساء والقاصرين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة التي تُسيطر عليها الحركة الجهادية، والتي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين.
ومن المحتمل أن يكون العدد أعلى بكثير، إذ لم يقم المسؤولون بتحديث الأرقام إلا بشكلٍ متقطع منذ 11 نوفمبر/ تشرين الثاني. وتقول الوزارة إن آلاف الأشخاص ما زالوا تحت الأنقاض.
وتؤكد إسرائيل إن 77 جنديًا من قواتها قتلوا في الهجوم البري، فيما تدعي قيامها بتصفية آلاف المقاتلين من حماس، دون أدلة.
وتعيش غزة فترة هدوء مقلقة حيث يطالب الفلسطينيون بوقف دائم للحرب، معتبرين أن الهُدنات المؤقتة لا تحل الكارثة الإنسانية في المنطقة. فقد نزح أكثر من 1.8 مليون شخص، أي ما يقرب من 80% من سكان القطاع، من منازلهم، مع أكثر من مليون شخص يلجؤون إلى مدارس الأمم المتحدة كملاذٍ مؤقت.
وفي مدينة دير البلح الواقعة في المركز، أصبحت الحياة تتحول إلى صراعٍ يومي للحصول على السلع الأساسية مثل الدقيق والغاز للطهي، والتي لا تزال نادرة على الرغم من زيادة المساعدات التي تدخل خلال فترة الهدنة.
يقول (سمير ياغي) الذي نزح من مدينة غزة، "الناس يرغبون في وقف الحرب، ليروا ما حدث في منازلهم ولأسرهم"، مضيفًا أنه يبحث عن الدقيق لكنه لا يستطيع العثور عليه.