تخطط إسرائيل لعمليات عسكرية في جنوب غزة وطلبت من سكان بعض الأحياء إخلاء منازلهم، وفقا لمنشورات ألقيت على مدينة خان يونس تشير إلى احتمال اتساع نطاق العملية العسكرية، ما يهدد بمضاعفة تبعات الأزمة الإنسانية على سكان القطاع من المدنيين.
وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن التحذير جاء في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه اكتشف جثة رهينة في مدينة غزة خلال اليوم الثاني من العمليات حول مستشفى الشفاء، أكبر منشأة للرعاية الصحية في القطاع الساحلي.
وتعتقد إسرائيل الآن أن العديد من قادة حماس قد تحركوا جنوبا في خان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة، وفقا لما نقلته الصحيفة عن العديد من المسؤولين الغربيين.
وقالت شبكة "سي إن إن" إن إسرائيل ألقت منشورات في أجزاء من جنوب غزة تدعو المدنيين إلى الإخلاء و"التوجه نحو الملاجئ المعروفة"، مما يشير إلى أن إسرائيل قد توسع قريبا عمليتها البرية ضد حماس إلى الجنوب من القطاع.
وتم توزيع منشورات، الأربعاء، على أربع بلدات شرق خان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة، تدعو السكان إلى "إخلاء مسكنكم على الفور".
وتقع التجمعات بالقرب من السياج الحدودي الذي يفصل قطاع غزة عن إسرائيل، مما يشير إلى نقاط توغل جديدة محتملة من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي الذي يتطلع إلى السيطرة على الجنوب.
وورد في المنشور "كل من يجد نفسه بالقرب من الإرهابيين أو مبانيهم يعرض حياته للخطر. سيتم استهداف كل منزل تستخدمه المنظمات الإرهابية. احترام تعليمات الجيش الإسرائيلي سيجنبكم، أيها المدنيون، من التعرض للأذى".
ومع تجمع أغلب سكان غزة الآن في الملاجئ العامة أو المنازل الخاصة، ومع تمركز حماس في الأحياء السكنية، فمن المرجح أن يؤدي القتال العنيف في الشوارع في الجنوب إلى سقوط عدد كبير من الضحايا بين المدنيين، وفقا لما ذكرته "أسوشيتد برس".
وتقول إسرائيل إن حماس مسؤولة عن هذه الخسائر البشرية وتتهمها باستخدام المدنيين كدروع بشرية. لكن المجتمع الدولي أعرب عن مخاوف متزايدة بشأن عدد القتلى المدنيين.
ولم تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل إنهاء الحرب، لكنها حذرت الإسرائيليين من أن الانتقادات الدولية سوف تتزايد كلما طال أمد الحرب.
وبينما يوجه الجيش الإسرائيلي أنظاره إلى جنوب غزة في حملته للقضاء على حماس، تلوح في الأفق تحديات رئيسية، إذ بدأ الصبر الدولي على غزو طويل الأمد ينفد، ومع بقاء ما يقرب من 2 مليون مدني نازح في غزة في ملاجئ مكتظة في الجنوب، يمكن لهجوم عسكري واسع هناك أن يطلق العنان لكارثة إنسانية جديدة خلال فترة الشتاء.
وفر عشرات الآلاف من الأشخاص من شمال غزة إلى جنوبها في الأسابيع الأخيرة، واحتشدوا في الملاجئ التي تديرها الأمم المتحدة ومنازل العائلات في خان يونس، أكبر مدينة في الجنوب.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إنه بعد خمسة أسابيع من الحرب، بدا أن "تفشي الأمراض المعدية والجوع على نطاق واسع" أمر لا مفر منه في الأراضي الفلسطينية المكتظة بالسكان. وتوقع عواقب كارثية إذا نفدت إمدادات الوقود، بما في ذلك انهيار شبكات الصرف الصحي والرعاية الصحية ووضع حد لإمدادات المساعدات الإنسانية الشحيحة بالفعل، وفق ما نقلته صحيفة "الغارديان".
وأصبح ثلثا سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى بسبب الحرب وكل الأماكن المتاحة في خان يونس والبلدات الجنوبية الأخرى مكتظة.
ويتوقع أن يضاعف استهداف الجنوب من معاناة السكان الذين نزح معظمهم إليه.
والخميس، تسبب شح الوقود في قطاع غزة في انقطاع كل شبكات الهواتف والإنترنت، حسبما قالت شركة الاتصالات الفلسطينية الرئيسية، ما عزل القطاع المحاصر عن العالم الخارجي.
ويتكدس معظم سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، في الجنوب، منهم مئات الآلاف الذين انصاعوا لأوامر إسرائيل بإخلاء الشمال.
ويقول السكان إن الخبز شحيح ورفوف متاجر البقالة خاوية. كانت الكهرباء المركزية ومياه الشرب قد انقطعتا منذ أسابيع.
وتمكن صندوق الأمم المتحدة للسكان من إدخال 8 آلاف "علبة من أدوات النظافة الصحية" تحتوي، من بين أشياء أخرى، على لوازم لقطع الحبل السري، وبطانية لتدفئة الأطفال حديثي الولادة".
ويمثل ذلك قطرة في بحر احتياجات 2.4 مليون شخص في قطاع غزة، وخصوصاً النساء الحوامل اللواتي يُجبرن أحيانًا على الولادة في مخيمات أو على الطريق.
في غضون ذلك، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من "احتمال فوري للمجاعة" في غزة مع تعطل الإمدادات الغذائية.
وانتقدت الأمم المتحدة دعوات إسرائيل للمدنيين في غزة إلى التوجه إلى ما يسمى بـ "مناطق آمنة" في الجنوب، محذرة أن لا مكان آمنا في القطاع.
وقال رؤساء الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية الكبرى إنهم لن يشاركوا في إقامة أي "مناطق آمنة" في غزة ينشئها طرف واحد فقط في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
كما قالوا في بيان مشترك، الخميس، "كقادة في المجال الإنساني، موقفنا واضح: لن نشارك في إقامة أي منطقة آمنة في غزة يتم إنشاؤها دون موافقة جميع الأطراف".
وأضافوا أنه في ظل الظروف الحالية، فإن "المقترحات الداعية إلى إنشاء مناطق آمنة من جانب واحد في غزة تخاطر بإلحاق الضرر بالمدنيين، بما في ذلك خسائر كبيرة في الأرواح، ويجب رفضها".
وكانت إسرائيل دعت سكان شمال قطاع غزة إلى النزوح جنوبا.
وبالإضافة إلى ضرورة اتفاق جميع الأطراف على المناطق الآمنة، قال القادة إنه يجب أيضا توفير الظروف لضمان تلبية السلامة والاحتياجات الأساسية الأخرى، وأن "يتم وضع آليات للإشراف على تنفيذها".
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، للصحفيين إن تجربة الأمم المتحدة السابقة مع المناطق الآمنة "لم تكن إيجابية للغاية".
وأضاف "لا تتواجد منطقة آمنة حتى تقدم جميع الأطراف التي تقاتل ضمانة بأن المنطقة آمنة" بالفعل.
وشنت حماس هجوما مباغتا على إسرائيل، في 7 أكتوبر الماضي، خلف 1200 قتيل، معظمهم مدنيون، وفق سلطات الدولة العبرية.
ردا على الهجوم، أعلنت إسرائيل الحرب "للقضاء" على حماس، وتقصف مذاك بلا هوادة قطاع غزة الذي تحكمه الحركة منذ 2007.
وقتل في القصف الإسرائيلي على غزة ما لا يقل عن 11500 فلسطيني، بينهم 4710 أطفال، وفق وزارة الصحة في حكومة حماس.