مع تزايد حدة القتال بين الجيش والدعم السريع حول سد جبل أولياء الواقع على النيل الأبيض على بعد 44 كيلومترا جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، تتزايد المخاوف من انهيار أو دمار كلي أو جزئي قد يعرض حياة الملايين من سكان أكثر من 100 قرية ومدينة لمخاطر كبيرة؛ فما هو سد جبل أولياء ولماذا يحتدم القتال حوله وما هي المخاطر المحتملة؟
منذ السبت تدور معارك شرسة بين الجيش وقوات الدعم السريع حول السد الذي يربطه جسر يعتبر المعبر الرئيسي بين ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض اللتان يقدر عدد سكانهما بنحو 13 مليون نسمة.
وأعلنت قوات الدعم السريع الاثنين سيطرتها على منطقة السد والقاعدة الجوية القريبة منه وتقوم حاليا بصد هجمات مضادة؛ لكن الجيش يقول إنه لا يزال يسيطر على تلك المناطق.
وتكمن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جبل أولياء في أنها تضم قاعدة "النجومي" التي تعتبر واحدة من أهم 4 قواعد جوية في البلاد؛ كما أن السيطرة على المنطقة تعني التحكم بشكل كبير في جزء مهم من المداخل الجنوبية للعاصمة.
وربطت بعض التحليلات احتدام المعارك حول المنطقة بالدمار الذي أصاب الأسبوع الماضي جسر شمبات الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان.
وعلى الرغم من الاتهمات المتبادلة بين الطرفين حول مسؤولية تدميره؛ إلا أن الجسر كان يعد المنفذ الرئيسي لإمدادات قوات الدعم السريع التي تقاتل في عدد من مناطق أم درمان ومن أبرزها سلاح المهندسين الاستراتيجي.
وذهبت بعض التحليلات إلى أن تركيز قوات الدعم السريع على منطقة جبل أولياء خلال الأيام الماضية يهدف إلى إيجاد منفذ بديل عبر جسر السد الذي يمكن من الوصول إلى مدينة أم درمان من الناحية الجنوبية الغربية.
وبعيدا عن دوافع كل طرف من طرفي القتال؛ تتزايد المخاوف من تأثيرات كارثية قد تنجم عن تدمير أي أجزاء رئيسية من سد جبل أولياء الذي أنشأته الحكومة المصرية في العام 1933 وتبلغ سعته التخزينية نحو 3.5 مليار متر مكعب ويسهم بنحو 10 في المئة من إنتاج الكهرباء في البلاد.
وتعتبر المناطق المحيطة بالسد من أكثر المناطق الحضرية والريفية كثافة سكانية حيث تمتد على طول المسافة بينه والعاصمة الخرطوم أكثر من 30 منطقة سكنية ذات كثافة عالية؛ أما إلى الجنوب منه فتقع على طول بحيرته الممتدة على مسافة 635 كيلومترا أكثر من 70 قرية ومدينة تقطنها مجموعات سكانية تعمل في الزراعة والتجارة والرعي وتضم مشروع النيل الأبيض الزراعي الذي يعتبر واحدا من أهم ثلاثة مشاريع زراعية في البلاد.
ويحذر مصطفى أبوشامة خبير السدود وأنظمة المياه من أن تحويل موقع السد لأرض المعركة والاحتراب يهدد بتضرر السد الأمر الذي قد يعرض مدن العاصمة المثلثة وشمال الخرطوم وضفاف النهر وجزره والمدن والقرى حول ضفتيه حتى سد مروي لكارثة حقيقية.
يشير أبوشامة إلى أن سد جبل أولياء هو في الأساس منشأة متهالكة من حيث قدم تصميمه وطبيعة المواد المكونة لبناء جسمه والمتمثلة في قطع حجرية وصخرية متآكلة وضعيفة.
ويقول لموقع سكاي نيوز عربية إن السد تأثر كثيرا بعوامل التعرية والمياه وانعدام الصيانة طيلة عمره الذي يقارب 90 عاما؛ كما أن معدات وملحقات أبواب ومخارج المياه في السد والرافعات قديمة بنفس عمر السد ومتآكلة ورديئة التشغيل.
ويشدد أبوشامة على ضرورة ابتعاد الأطراف المتحاربة عن كل المنشآت الحيوية الاستراتيجية من السدود والجسور ومحطات وأبراج الكهرباء والاتصالات والمياه وشبكات نقل الكهرباء والهواتف وكافة المرفق العامة والخاصة الخدمية المدنية من مستشفيات وجامعات وأبراج سكنية.
*حقائق*
يعيش نحو 13 مليون نسمة في بالقرب من المنطقة الممتد فيها خزان جبل أولياء وبحيرته.
يقع خزان جبل أولياء على بعد 44 كيلومتر جنوب الخرطوم وتمتد بحيرته لمسافة 635 كيلومترًا.
يبلغ أعلى منسوب للتخزين 376.5 متر فوق سطح البحر. وتبلغ الطاقة التخزينية للسد 3,5 مليار متر مكعب من المياه وحجم الفاقد من المياه مليار متر مكعب.
يبلغ الطول الإجمالي للسد 6680 مترا، وارتفاعه 381.5 متر فوق مستوى البحر، و22 مترًا من القاع وحتى أعلى جسم السد. ويبلغ عدد بوابات التصريف 40 بوابة، ولا يوجد في خزان جبل أولياء "مفيض"، فاستعيض عنه بإنشاء 10 بوابات احتياطية.
بدأ تشييد خزان جبل أولياء في عام 1933 واكتمل في عام 1937 وتولت الحكومة المصرية الإشراف الفني والإداري الكامل على السد من عام 1933 وحتى عام 1977. وظل الخزان يؤدي دوره كخط إمداد ثان للمياه في مصر حتى عام 1971، عندما اكتمل بناء السد العالي.
بموجب اتفاقية مياه النيل لعام 1959 قامت مصر بتسليم خزان جبل أولياء إلى السودان في عام 1977.